المحلية

الثلاثاء 05 آذار 2019 - 02:00 LD

هل يتكفّل حزب الله بالقاعدة المصرية في بيروت؟

هل يتكفّل حزب الله بالقاعدة المصرية في بيروت؟

ليبانون ديبايت - عبدالله قمح

ورشة مكافحة الفساد التي افتتحها حزب الله طويلة وعريضة، طويلة وعريضة لدرجة أنّ التعمق فيها قد يُصيبُكَ بالدوار! ملفّات من كلِ حدبٍ وصوب هي نتيجة طبيعيّة لبلد تنخره سوسة الفساد منذ زمن، ولكن لا بأس! فما دامَ الحزب تبرّع بتقديم العلاج عليه به إذاً!

لعلّ أبرز ركن يمتطي حزب الله جياده صوب مكافحة الفساد، واستطراداً الإصلاح، يكمنُ في وزارة الصحّة التي أراد الحزب منها أنّ تكون الشاهد الحي على تجربته. عند هذه النقطة يكون الحزب قد أبدى استعدادهُ الكامل للدخول إلى أعشاش الملفات، ما يؤهله لاحقاً لوضع تجربته أمام الرأي العام للحكم فيها.. و بهدف إختيار مدى قدرته على الخوض بالمسائل الحسّاسة، هناك من يطرح على بساط البحث قضيّة «المستشفى العسكري المصري الميداني» العصي على الدّولة اللبنانيّة بأمّها وأبيها.

عام ٢٠٠٦ وعقب إنتهاء حرب تمّوز، أرسلت العديد من الدول العربيّة، منها مصر، مشافٍ ميدانيّة أدارها عسكريّون من تلك الدول. الهدف المعلن كان مساعدة الشعب اللبناني. لاحقاً وفي ظل انتفاء الحاجة إليها عمدت تلك الدُّول إلى سحب جنودها و اغلاق مستشفياتها. استثنت مصر نفسها من القرار وبقيَ المستشفى ضيفاً ثقيلاً بإقامة مفتوحة من طرف واحد وبحضور عسكري في حرش بيروت.

ما يثيرُ الشبهات من ثم التساؤلات حول أسباب رفض مصر إنهاء خدمات المستشفى، ليس فقط موقعه القائم في منطقةٍ واقعة على مثلثٍ هام يربطُ غرب بيروت بجنوبها وشرقها، بل وظيفته التي تسعى القاهرة إلى تحقيقها من خلالِ الحرص على وجوده. هنا يُفتح نافذة بإتجاه شقٌ أمني تلفح رياحه حزب الله المتواجدة مناطقه على مرمى حجر.

قبل فترة أثار أكثر من وزير دفاع قضيّة المستشفى المصري من بوابة «قوننة وجوده»، وقد تقدّم أكثرهم بإقتراحات تنظّم وجود المستشفى، لكنّها اجتمعت كلّها على هدف إنهاء الوجود العسكري فيه وتحويله إلى مستشفى مدني كامل تحت رعاية الدولة اللبنانيّة ممثلةً بوزارة الصحّة، لكن مصر دأبت على رفض أي اقتراح.

ما يقدّمُ دلالة بالغة حول وضع المستشفى الحالي والوظيفة المتوخاة منه مصريّاً وله أن يكشف جانباً من الجواب عن سرّ الرفض المصري، يكمنُ في كتاب أرسلهُ وزير الدفاع السّابق يعقوب الصرّاف بتاريخ ١١ شباط ٢٠١٧ إلى رئاسة مجلس الوزراء تحت الرقم ٤٩٧، يشير فيه وبوضوح إلى «ثغرات ٍأمنيّة وصحيّة يتركها عمل المستشفى في ظل عدم وجود رقابة مباشرة من قبل الإدارات المعنيّة عليه»، معنى ذلك أنّ وزارة الدفاع أشارت بوضوح إلى وجود «أدوار أمنيّة ملتبسة» من وراء المستشفى.

وفي خلاصتهِ يعربُ الصرّاف عن «ضرورة إنهاء مهمة المُستشفى الميداني المصري، أو تقديمه كهبة إلى الدّولة اللبنانيّة أو الجيش اللبناني»، وهذا تماماً ما اقترحه وزير الصحّة السابق غسان حاصباني في كتابٍ أرسل بتاريخ ٢١ آذار ٢٠١٧ ذات الرقم ٤٥١٤، يعربُ خلاله عن «تأييد وزارة الصحّة لطلب وزارة الدفاع القاضي بتقديم المُستشفى المذكور كهبة إلى الدّولة أو إلى الجيش اللُّبناني».

وكان وزير الدفاع الأسبق فايز غصن، قد أرسلَ كتاباً إلى مجلس الوزراء بتاريخ ٧ شباط ٢٠١٣ يحملُ الرقم ٦٥٤، يستعرضُ فيه وضع المُستشفى المصري «الغير شرعي». ويلحظُ الكتاب ضرورة إنهاء عمله بالوضع الحالي الذي هو فيه وانتقاله إلى وجهةِ استعمالٍ أخرى.

من حيثُ الشكل، يتبيّنُ من الكُتب آنفة الذكر المرسلة إلى مجلس الوزراء، وجود خشية عسكريّة لبنانيّة من وجود إستخدامات أخرى تحيط عمل هذا المستشفى و تتوجّس منها أجهزة الدولة. وفي معلومات «ليبانون ديبايت» الخاصة، أنّ تحرّك وزيري الدفاع السّابقين لم يأتِ الّا بعد ورود مطالعة رسميّة صادرة عن قيادة الجيش تطلب فيه إحالة الملف إلى المعالجة وإنهاء الوضع الناشئ منذ عام ٢٠٠٦ في حرش بيروت والجامعة العربية. وعلى سبيل الذكر، لم تخلُ مطالعة قيادة الجيش إشارات واضحة توفّرها معلومات تدل على وجود أنشطة ذات طابع غير طبّي.

مصدر أمني يؤكد لـ«ليبانون ديبايت» عدم رغبة السلطات العسكريّة اللبنانيّة في بقاء المستشفى على وضعه الحالي وما يترتب عن هذا الوضع من مظاهر الخروج عن المهمّة الأساس. من هنا يطرحُ طلب تقديمه كهبة إلى الجيش اللبناني. وفي كلامه ما يتبيّن وجود قناعة راسخة لدى المؤسّسات الأمنيّة حول إطلاع المستشفى بـ«وظيفة المراقب الأمني».

الطلب الرسمي الأخير كان قد وردَ على سبيلِ إقتراح أُرفق بكتاب وزير الصحّة الأسبق وائل أبو فاعور، لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بتاريخ ٢٦ نيسان ٢٠١٦ تحت الرقم ٤٥١٤، الذي يعرض فيه وضع المستشفى المصري، مستخلصاً أنّه «غير مستوفٍ للشروط»، ولكي يتم ذلك عليهم بتقديم طلبات الاستيفاء.

وبينما لم تفلح جهود الوزراء الأسلاف كافة رغم تعاضد جهود وزارتي الدفاع والصحّة، أرادَ وزير الصحّة السابق غسّان حاصباني أنّ يخرق جدار الصمت. وبتاريخ ٢٢ آذار ٢٠١٧، أرسلَ كتاباً سجل تحت الرقم ١٠٨٨٥ إلى محافظة مدينة بيروت زياد شبيب، يطلب فيه «الإيعاز لمن يلزم توقيف الأعمال المُستشفى إلى حين الاستحصال على الترخيص المناسب»، من دون أنّ يحرّك شبيب ساكناً.

المطالعات أعلاه تظهر رفض الدّولة اللبنانيّة وأجهزتها استمرار العمل في المستشفى العسكري المصري، فما كانت ردّة الفعل على ذلك؟ أولاً رفض وتعنت مصريين، وممارسة سياسيّة اللغو على لبنان من خلالِ الرفض المتكرر تفكيك المستشفى، ثم إعطاء محافظة بيروت تصريح يقضي بتحويل المستشفى الميداني إلى مستشفى ثابت يستكملُ إنشاء تفاصيله الإسمنتية اليوم على مساحات حضراء من عقارات حرش بيروت بتجاهل واضح لخلاصات مواقف أكثر من وزير وجدوا أنّ «المستشفى يقيم على الأراضي اللبنانيّة بالقوّة ومن دون أي مسوّغ أو اتفاق».

وعلى حدِ قول المصدر الأمني الخاص «المستشفى المصري يُعد خطيراً نسبة لقيامه بأنشطة وأعمال من خارج أي رقابة صحيّة، ويعمل بإستقلاليّة تامة بعيداً عن سلطة الدولة اللبنانيّة» وهو تحديداً ما ألمح إليه الوزير أبو فاعور في كتابه. فهل ينجحُ حزب الله عبر وزارة الصحّة في المكانِ الذي فشلت فيه الدولة؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة