المحلية

الثلاثاء 23 نيسان 2019 - 02:00 LD

رحل "اوسكار" ولم يسقطَ الراعي!

رحل "اوسكار" ولم يسقطَ الراعي

ليبانون ديبايت - عبدالله قمح

يحتاجُ كل راعٍ في سبيلِ ترشيد قطيعه إلى كلب، يتقاسمهُ المساهمة في الحِمل، ودائماً ما يُحمّل الكلب حماية القطيع والذود عنه خلالَ الأخطار، وعلى عاتقهِ تقعُ مسؤوليّة التّفريط به، على هذا الحال يُمسي الكلب شريكاً للراعي في قطيعه.. تغريدة النّائب السّابق وليد جنبلاط أمس الأوّل، أوحت للبعض أنّ في ديارنا كلبٌ وصي على العشيرة، كما جاءَ في حرفيّة التغريدة، وفي موتهِ مصيبةٌ لأبناء الرّعيّة!

لم يتحمّلُ ذلك البعض هذا الأسلوب «المُتعجرف» من الكلام، حمّل تغريدة رئيس «التّقدمي الإشتراكي» إحمالاً ثقيلة وربطَ فيها شؤون طائفة، وهو ما لم يقبله معظم الشارع الدرزي الذي عبّرَ بسخط على كلام «البيك» الذي وَقَعَ أو أوقَعَ نفسهُ في تضاربِ تفسيرات ربّما لم يكن يعنيها حرفيّاً، رغم استدراكهِ لاحقاً ما يُثار ضده، ليعود مفسّراً مضمون كلامه ونسبه إلى مقالٍ صحفي بالّلغة الفرنسيّة داعياً للقراءة والتأمّل.. لكن الذي ضرب ضرب!

في مقامٍ آخر، من يعرفُ «البيك» يعلمُ جيداً أنّه صاحب حنكة وذو قدرة بالغة على توجيهِ رسائل من دون قفّازات، وهو الخبير في قراءة الكُتب وصوغ العبارات ولفّها باطارٍ مُذهّب ربّما في الأصلِ تخلو منه.. لكنّ واقعة الأمس افرغت عن مضامين تُقرأ من خلف ما دوّن بعدّة طرق، أو ربّما هي تحمل رسائل في أكثر من إتجاه، خاصّة بعدما تم نسبها.

في منطق الرَعاة، موت الكلب نذيرُ شؤم يرتدُ سلباً على القطيع، وفي معظمِ الحالات يلجأ الراعي إلى تجهيز بديل وأكثر يعاونه عند حدوث الفراغ، وفي احيانٍ كثيرة، يبقى الرّاعي يُعاني من فراغِ المتوفّي حتى يثبتُ المستجد نفسه.

وفقَ هذه القاعدة، ثمّة من يعتقدُ أنّ جنبلاط تأثّر كثيراً بموت كلبه، وهو الذي عبّر قبل غيره عن الخسارة وحسرتها، ومن الجدير القول، أنّ هذا الكلب شكّل حدثاً استثنائيّاً في مسيرة «البيك» الحياتيّة خلال الفترة الأخيرة، وكان حدثاً خلال نشاطه السّياسي الذي حوّل «أوسكار» إلى ضيفٍ دائم.

في الخريف السّياسي، فقدَ جنبلاط «صديق العمر» كما اطلقَ عليه، ولهذه الجملة دلالات بالغة.. وفي الأحداث المشابهة تماماً، فقدَ الراعي كلبه ليتركه بفراغ وهو في لحظة التأسيس للظرف القادم.

فراغ جنبلاط في هذه الأيام لا يمكنُ قياسه بـ«كلب» هو ارتضى أنّ يرفعهُ يجعلهُ في صلبِ أولوياته، بلّ يُقاس بحالة زعماتيّة - حزبيّة، تتلاطمها الأمواج العاتية اليوم و تستهدفها، بإعتراف «البيك» نفسه.

«أبو تيمور» الذي لا يُخفي احساسه المسنود المدعوم بإشارات حول تربّص البعض به، وكما يدّعي القول بطائفة من خلفه، يزيدُ من ارتفاعٍ منسوب خوفه عدم ثبات أقدام وريثه السّياسي بعد، الذي هو الآخر تتلاطمه أمواج «إشتراكيّة» داخليّة.. حتّى الأمس القريب، لا يخفي مقرّبون من «البيك»، أنّ تيمور يعاني من «أزمة تأقلم مع الواقع الرّاهن، وهي دقيقة ويجب الإلتفاف لها»، الشّاب اليافع، لم يعتد على حياةِ السّياسة ولا البدلات الرسميّة، وثمّة من يرى أنّها «مبهبطة» عليه.

وهذا الإعتقاد ينسحبُ على جنبلاط نفسه، الغارق اليوم في أزمةِ توريث سياسي، وهو يتحسّسُ عدم رغبة تيمور في تقديمِ أكثر مما يقدّم وسط غياب وضوح أفق احتمال تعزيز دوره، فظرف اليوم مختلف تماماً عن الظرف الذي ارتدى به «الأب» العبائة، وما له أنّ يثقل الحِمل أكثر، وجود شبه استحالة لدى «البيك» في إجراء عمليّة استبدال بوريث آخر من أوصياء الدم، في هذا الظرف الحسّاس.

على هذا النحو يرابطُ جنبلاط على الجبهةِ ممتطيّاً جواد «تويتر» وفي يدهِ سيفاً ودرعاً، ينتظرُ جلاء الغيم حتّى يظهر له الأفق.. في السّيف يُقاتل ولن يبرح أرض السّياسة كي لا يُستفرد بتيمور، وهو استفراد خارجي - داخلي وإن اختلفت الأهداف.. وفي الدّرع يحمي زعامة ونجلاً، ومَن على جوادهِ يحاولُ تحشيد أرباب العسكر خلف تيمور، مؤازرة للغزوة القادمة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة