المحلية

الخميس 25 نيسان 2019 - 01:00 LD

هل بدأ اللكم تحت الزنّار؟

هل بدأ اللكم تحت الزنّار؟

ليبانون ديبايت - عبدالله قمح

المُلاكمة بين مفوّض الحُكومة لدى المحكمة العسكريّة بيتر جرمانوس وشعبة المعلومات، مرشّحة لبلوغ مستوى رفيع من القيمةِ في ظل إرتفاع مؤشّرات المواجهة وانشطارها إلى أكثر من حلبة، وفي ضوء الكباش الحاصل، يُمسي استدعاءِ المصارعين والملاكمين والربّاعين من شتّى الأوزان «فرض واجب»، ومنهم أولئكَ الغير مصنّفين من ضمن «الوزن الثقيل».. يدورُ كل هذا علناً ولا مشكلة ما دامَ الكلّ يجني استفادة من وراءِ اللّكم الآتي من كُلّ حدبٍ وصوب!

وفي ذروةِ الإشتباك على حلبةِ المصارعة وسط تبادل اللّكمات، الشرعيّة وغير الشرعيّة، دخلَ مدير عام قوى الأمن الدّاخلي اللّواء عماد عثمان طرفاً علنيّاً في النزال من خارج حبال الحلبة ليوجّه لكمات «تحت الحزام» إلى جرمانوس، عاملاً على ترتيب أجواء توحي بخلو طلبات مفوّض الحُكومة كممثّل للنيابة العامة العسكريّة من أي قيمة قانونيّة، بحيث يُصبح جائزاً القول أنّ جرمانوس يتجاوز صلاحياته ويجر «النّيابة» إلى ما ليسَ لها به!

أمس الأول، سطّرَ عثمان برقيّة إلى الوحدات الإداريّة طلب فيها «إيداع القيادة كافة الكُتب والتّكاليف الصادرة عن النّيابة العامة العسكريّة والمتضمّنة طلبات ضمّ مستندات أو معلومات تتعلّق بأعمال الضابطة الإداريّة الواقعة ضمن صلاحيّات المديريّة العامة لقوى الأمن الداخلي، وذلك للوقوف على ماهيّة هذه الطلبات وعرضها على وزارة الداخليّة في حالِ اقتضى الأمر، على أن لا تتمّ إجابة هذه الطلبات قبل صدور أمر عن هذه القيادة».

برقيّة عثمان أتت تعقيباً على كتابِ وجّهه جرمانوس إلى قائد «الدرك» العميد مروان سليلاتي، طلب فيه إيداعه الأذونات المعطاة في مجال حفر الآبار الارتوازيّة، البناء والبناء المخالف والبناء على الأملاك العامة والمشاعات.. وغيرها منذ العام 2015 ثم استتبعَ ذلك بتوجيه مضمون الكتاب نفسه إلى المديريّة العامة لقوى الأمن الداخلي لإجراء المقتضى.

وطلبَ عثمان في برقيّته «عدم تزويد أي مرجع ذي صلاحيّة بأيّة معلومات أو مستندات أو الرّد على طلباتٍ لا تدخل ضمن اختصاصه، على أن يتم الرّجوع إلى هذه القيادة في كافةِ الحالات المماثلة».

وما اعدَ لافتاً ثمّ اعتُبر موجّهاً إلى جرمانوس بالتحديد، تذكير عثمان أنّ «النيابة العامة العسكريّة هي سلطة قضائيّة بحتة غير مكلّفة بأي مهام في إطار الضابطة الاداريّة، وليست سلطة وصاية على المديريّة العامة لقوى الأمن الداخلي، ولا تتمتّع بأي صلاحيّة رقابيّة على الأعمال الاداريّة في قوى الأمن الداخلي».

المشكلة تكمنُ في تبادل الاتّهامات «من تحتِ الطاولة» حول مخالفة القوانين، فطرف عثمان يسحب من مفوّض الحُكومة سلطة مخاطبة الضابطة الاداريّة من دون المرور بوزارة الداخليّة التي عليها واجب المخاطبة موكلةً عن النيابة العامة العسكريّة، أمّا طرف جرمانوس يُعطي لنفسه كامل الحق في مخاطبة أي ضابطة، عدليّة أو إداريّة، تقع ضمن اختصاصه.. اذاً يتضح أنّ الأزمة هي أزمة صلاحيّات في الأساس، وثمّة طرف يصرف تجاوزاته محتكماً إلى أمرين: ظهر سياسي وقوّة ماديّة جناها من وراء الحضور.

ثمّة من ينتقدُ أقدام اللّواء عثمان على تعميمِ برقية تحمل بين طيّاتها خطوط مواجهة مع النيابة العامة العسكريّة، إلى جانب بروز غضب انتابَ عثمان من قرار أصدره «المفوّض» وقضى بسحب «ملذّات» القرارات الاستثنائيّة منه، كما أن نفس الجهة تنتقد الازدواجيّة في تصنيفِ المفاهيم القانونيّة.

وبينما يتهم اللّواء عثمان جرمانوس بعدم قانونيّة قراره الذي يفترض أن يوجّه إلى وزارة الداخليّة (وفق قوله)، يعود مطّلعون إلى إتهام عثمان باسبقيّة في الانتقاص من قيمة القانون بما يخص منح وإعطاء الأذونات والتراخيص الاستثنائيّة بصرف النظر عن وجود أي دور للوزارات المعنيّة، فضلاً عن انتقاء المصلحة والاشخاص، وسط غياب أي دراسة «منفعة» يجب أن تُقرن مع كل طلب يقدم.

إلى جانبِ ذلك، ثمّة رأي قانوني يفيد بأن المدير العام لقوى الأمن ليسَ صاحب الصلاحيّة في منح الأذونات حتى ولو كان مفوّضاً من جهة رسميّة، وعند هذه الحدود يُعتبر منحه للأذونات أمراً مخالفاً للقانون، وبالتالي تقع مسألة الملاحقة والمحاسبة على عاتق النّيابة العامة العسكريّة بصفتها المرجع القانوني القائم على سلطةِ المؤسّسات الأمنيّة!

لكن حقيقة الأمر أبعد من ذلك، وتكمن في سحب القدرات حول اعطاء الاذون الاستثنائيّة وإعادتها إلى كنف المرجعيّة القانونيّة والوظيفيّة الاصليّة، وطالما أن هذا السحب يُترجم انتقاصاً من قيمة وقدرات أحد ما، وتجميداً لورقة يمكن الاستفادة منها في تقديم الخدمات، تصبح هذه القضيّة مجالاً للاشتباك وتقوم عليها أسباب الإشتباك.

كما أنّ هناك مستوى ذات حضور وازن، يشيرُ إلى تكوّن اقتصاد موازٍ وغير مرئي يدر أطناناً من الدولارات من خارج الجهات المعنيّة واستفادة الدولة رغم حقّها به، وبدلاً عن ذلك تذهب ُالإستفادة إلى الطرفِ بعينه، ووفق هذا المنطق، يجري اختصار الدّولة والوزارات والقضاء بشخص واحد دون غيره بصرف النظر عن هويته، ما يكسبهُ نفوذاً فائقاً يُمكن تقريشه في أمكنةٍ أخرى لاحقاً.. وهنا لب القضيّة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة