المحلية

الأربعاء 08 أيار 2019 - 01:00 LD

قصّة «مزهريّة» باسيل

قصّة «مزهريّة» باسيل

ليبانون ديبايت - عبدالله قمح

«المزهريّة الصاروخيّة» التي تسلّمها وزير الخارجيّة جبران باسيل من حزب الله، ما زالَ وقعها بالغاً في النفوس، سواءٌ من قبل الأصدقاء أو الخصوم، الذين تباروا في إجراءِ عمليّات قياس للأبعاد «المزهريّة» والغاية من ورائها.

على ضفّة الأصدقاء شاءَ بعضهم الهمسَ في أذن «جيوش إلكترونيّة»، من أجل شنّ حملات تشويه لمضمون الهديّة، في محاولةٍ منه لنزع صفة «الوزير المقاوم» عن باسيل، عبرَ تذرّعه بعدّة تصريحات كان الوزير نفسه قد أقدمَ على قولها في فترات زمنيّة متباعدة، فضلاً عن إدخال إشارات وتصريحات للعماد ميشال عون من خارج السياق تعود إلى ما قبل عام ٢٠٠٥، ما وصفتهُ مصادر سياسيّة بـ«الزكزكات عديمة القيمة» مذكّرة بـ«ضرورة أن ترتفع المواقف فوق التباينات السّياسية الظرفية».

لا بل أنّ باسيل نفسهُ زاد الطينَ بلّة حين اقدمَ على رفع «المزهريّة» في عمق مكتبه في قصرِ بسترس مُزيّنة بأزهارٍ برتقاليّة، ليعطيها بعداً أشد وطأةً من البُعد الأوّل، وتُصبح منارةً يُشاهدها كلّ زوّار المكتب تقريباً، وأصلاً فعلة باسيل هذه لا تندرج فقط من ضمن خانة آداب الهديّة نفسها، الواجب اكرامها طبعاً، بل يأتي كرد فعل على أصوات النشاز التي أدعت أنّ الحزب اقحمَ باسيل في هديةٍ لم يكن الأخير في واردها مطلقاً.

قضيّة «المزهريّة»، وهي عبارة عن فراغة قذيفة مدفع عيار ٥٧ ملم تعود إلى طرازٍ قديم من أسلحة الدفاع الجوّي كان حزب الله قد استخدمها إبّان معارك تحرير جرود عرسال صيف عام ٢٠١٧، تسرّبت إلى أبعدِ من الحدود المرسومة «حزبيّاً» لها، أي عربون وفاء وتقدير للوزير المقاوم، سُلمت لهُ في محطّة بلدة رأس قسطا خلال جولته الجبيليّة - الكسروانيّة الأخيرة، بحيثُ تسلّلت تفاصيلها إلى مجتمعات سياسيّة ضيّقة ومجالس دبلوماسيّة نشطة في بيروت، أخذت تقرأ في الأبعاد وتُسقط الفرضيّات على المسرح.

وما دامَ باسيل قد قبلَ الهديّة وأرادها عنواناً سياسيّاً له وأشهر ذلك علناً، يعني ذلك أنّ المصطادون في الماء العكر، وهم كثر، توفّرت لهم مادةً دسمةً تُخاض ضدَّ باسيل، خاصة في الجانب المسيحي، مع أخذ هؤلاء دفّة قيادة حملة تحت عناوين «الأضرار بسياسة لبنان الخارجيّة»، وتصوير وزير الخارجيّة كرجل لا يُقيم وزناً لمصالح لبنان العليا، وفي بالهِ توريط البلاد في محنة.

لكن هذا الجانب يتناسى عمداً صلة الإرتباط القائمة بين باسيل وحزب الله، ومن جانبٍ آخر، يتناسون أنّ باسيل هو الشخص نفسهُ الذي قادَ عمليّة تكذيب الإدعاءات الإسرائيليّة حول حفر أنفاق قُبالة مطار بيروت، متزعّماً ثلّة من الدبلوماسيين المعتمدين في لُبنان الذين حضروا لمعاينة المكان، إلى جانبِ المعارك التي يخوض الرجل في الخارجِ اعلاءاً لشأن المقاومة وتحريرها من أفخاخ الإرهاب المنصوبة لها.

وبصرف النظر عن كُلّ ذلك، ظهرَ خلال تعاملات الأيّام الماضيّة، أنّ قيمة «المزهريّة» التي تسلّمها باسيل مرتفعة أكثر من قيمتها الطبيعيّة، بدليل حرص مجموعة من سُفراء «الدُّول الصديقة للبنان» على الالتئام على طاولة مستديرة، من أجلِ بحث مخاطر «المزهريّة» وأبعادها ونتائجها على السلم والأمن الدوليين، وتأثيراتها على لُبنان ومحيطه العربي وامتداده الدّولي!

وفيما يبدو، أنّ «المزهريّة» خضعت لورشة تقييم بقيادة عدد من الدبلوماسيين المعتمدين في لبنان، تُشير المعلومات أنّ نظرتهم إلى «المزهريّة» وتصرف باسيل حيالها كانت «صفراً»، وقد راسلَ هؤلاء السفراء مراكز قرارهم في بلدانهم و وضعوها بصورة و طبيعة الهديّة التي تلقاّها وزير خارجيّة لبنان من حزب الله والخطوة التي استُتبعت بعد ذلك بنصبها في عمق مكتبه في الخارجيّة، كتقديم موضعي لتصرف باسيل حيالها.

ولعلَّ أبلغ اشارة تُقدّم على هذا المستوى، هو تزامن تسلم الهديّة ذات بصمات مكافحة الإرهاب مع التقرير «نصف السنوي» للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الذي جدّدَ المطالبة بـ«نزع سلاح ميليشيات حزب الله ووقف عملياته العسكريّة في سوريا المجاورة»، ما أخذهُ البعض على محملِ رد الفعل على التقرير الأممي، أو أنه رسالة إعتراضيّة عليه.

لكن مصادر التيّار الوطني الحرّ وأخرى مقرّبة من الوزير جبران باسيل، تبدي اعتقادها أنّ البعض يشاء «توسيع البيكار» من أجل «تصفية حسابات سياسيّة مع وزير الخارجيّة»، ومحاولة تصويره على أنه متمرّد على قرارات لبنانيّة لا وجود لها، أو هو يتمرّد على قرارات دوليّة، وفي كل ذلك نيّة من أجلِ مُمارسة ضغط لكبح سياسات باسيل التي ثَبُتَ أنّها تُزعج الآخرين.

ولم يعد سرّاً، أنّ ما غاصت به بعض وسائل الإعلام، يندرج ضمن ورشة واحدة حُدّدت اهدافها، تلقفها باسيل برفع درجة المواجهة، بالإضافة إلى محاولات إغلاق بعض الثغرات التي نفذ منها البعض في هجماته، كإدعاء عدم علم باسيل بخطوة مسؤول حزب الله، لعود المصادر وتؤكّد أنّ وزير الخارجيّة «كان قد علمَ بطريقة غير مباشرة حول وجود تحضيرات لتكريمه، لكنهُ لم يكن يعلم أنّ التكريم سيأتي على شكل تقديم قذيفة محفورٌ عليها اسمه وتعود للمقاومة».

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة