"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
الشحنة السلبية التي ضخّها الاسرائيليون في الضاحية الجنوبية لبيروت، في طور الانعكاس سلباً عليهم.
هم يعلمون، أنّ "خطاب الحرب" الذي أدّاه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، كان يحمل مفاهيم راسخة وعبارات جادة لا يصلح تجاوزها، وهم حين اعطاهم ايعاز الوقوف على قدم ونصف، خضعوا لحكم التنفيذ من دون أي اعتراض!
على الارجح، أنّ الاسرائيليين، ليسوا وحدهم من يقف على قدمٍ ونصف، هناك كُثرٌ في الداخل والخارج، ينفّذون تدابير الايعاز بحذافيره، وينتظرون صدور "ايعاز الاستراحة" مع حلول زمن الرد في مكانه.
المواكب لخطوط حزب الله، يدرك جيداً أنّ الرد الذي تحدّث عنه السيد حسن نصرالله في بعلبك، يندرج تحت خانة رزمة الردود، مع تفعيل الحزب لمنطق الحساب على القطعة، حيث لكلّ تجاوز عقاب، ولكلّ عقاب نسبة تقترن مع نسبة الاعتداء ذات نفسه، وإن صح الاعتقاد، يكون الحزب قد انشأ "لجنة محاسبة" لها تقدير نسبة وقوّة الردود بالاستناد إلى منطق كل حالة بحالتها.
الرد الذي يُجمِع المراقبون على تناوله، يرتبط حصراً بإستهداف "الشقة" الخاصّة بحزب الله في بلدة عقربا جنوب دمشق حيث سقط على اثرها شهيدان، أي أنّه منفصل عن الرد على اكتشاف "مسيرات" تحلق على علو منخفض بالقرب من مراكز لحزب الله في الضاحية.
في عقل حزب الله العسكري، أن الفعل العدواني - العسكري الذي استهدف "عقربا"، يحتاج الى رد على الوزن نفسه، والتقدير يذهب صوب تطبيق الحزب سيناريو رد مشابه لذلك الذي تحقق عند بلوغ عتبة اغتيال جهاد مغنية ورفاقه. معنى ذلك، أنّ الرد على "مسيرات" الضاحية يأتي بشكلٍ منفصل، فصّله السيد نصرالله حين ربطه بإستمرار تحليق المسيرات وحقوق الحزب في إسقاطها ما دامت تخرق السيادة اللبنانية.
وهنا نصبح عندئذٍ أمام ردين وليس مجرّد رد واحد.
في الحقيقة، ما حرّك الاميركي صوب تحريك وزير الخارجية مايك بومبيو، ليس إستهداف اسرائيل لـ"شقة عقربا"، بل إكتشاف أمر المسيرات في الضاحية، والتي بدا للاميركي، أنّها تجاوزت خطوط وقواعد الاشتباك المعمول بها، وقد تستجلب أزمات أكبر على الساحة.
أضف إلى ذلك، أنّ الاميركي حريصٌ على "حرية عمل الاسرائيلي في سماء لبنان"، انطلاقاً من المفاهيم الامنية الصهيونية العميقة التي ترعى ضرورات الحفاظ على ديمومة المراقبة من الاجواء اللبنانية. من هنا يمكن قياس تحرك بومبيو، على أنّه يندرج ضمن منطق حماية "حرية الملاحة الاسرائيلية".
يعتقد الاميركي، أنّ حزب الله جادٌّ حين يهدّد بنقل المواجهة إلى منطق "الحرب الجوية"، معنى ذلك، أنّ الامتياز الذي تحصل عليه اسرائيل سيتعرّض للتهديد، وبالتالي يجب المحافظة على هذا الامتياز قدر الامكان، أو بأسوأ الاحوال اعادة ترشيده. لكن ومع تمادي تل ابيب في استفزازاتها، يصبح من الضروري اجراء تعديل على المفاهيم الراعية لهذا الامتياز، من دون ان يمسّه أي سوء.
لذا تحرّك بومبيو من قناة "صديقه" رئيس الحكومة سعد الحريري.
في العلن، كان التركيز، على "تجنّب أي تصعيد ومنع أي تدهور"، لكن في الباطن، ربما رمى بومبيو إلى محاولة فهم ما يصبو إليه حزب الله، أو توكيل الحريري نفسه ايصال رسائل اليه، ربما يرمي الأميركي من خلفها الى بناء قواعد تعديلات على قواعد الاشتباك المجمدة في هذه المرحلة.
بالنسبة إلى السيد حسن نصرالله، هو يفهم القضية جيداً، فحين ينبّه اخصامه على الملأ في عبارة :"إذا كان هناك أحد حريص بلبنان أن لا يحدث مشكل يتحدث مع الأميركي ليتحدّث بدوره مع الإسرائيليين ينضبوا"، يكون بالتالي، يفتح رواقاً يجب على الدولة اللبنانية أن تسلكه في حال رأت ضرورة في تمتين سيادتها، ولعلّ الدولة يجب أن تستفيد من هذه الخدمة.
في الحقيقة، إنّ جانباً في بيروت، من اصحاب "فنّ التسويات"، بدأوا يتحدّثون عن "تسوية" يجري الاعداد لها لـ"أزمة المسيرات" تقوم على منطق توكيل الاميركي ضبط حركة الاسرائيلي في الاجواء، أي إدخال تعديلات جوهرية عليها بما ينهي ذرائع المقاومة، مقابل "تنازلات" ترعاها واشنطن لها علاقة بمفاوضات ترسيم الحدود المكلف بها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي.
على ذمّة المصادر، من السّابق لاوانه، الحديث عن هذه الافكار في ذروة انشغال حزب الله بدراسة اجندة ردوده، لكن الثابت لديها، أنّ "ازمة المسيرات" المكتشفة حديثاً ستتحوّل إلى بند اساس في أيّ نقاش يتعلّق بمبدأ ترسيم الحدود الجنوبية ومن خلفه "ضبط" حركة العربدة الإسرائيلية في الاجواء اللبنانية.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News


