"ليبانون ديبايت" - بيار ساروفيم
من يلتقي رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل هذه الأيام، يلاحظ بكلّ وضوحٍ حالة الارتياح البادية على وجهه وعلى إدائه.
يبدو منشرحًا، بعيدًا من آليات العمل اليومي في السياسة. حتى اللباس الرسمي تحرَّر منه معظم الوقت. مكتبه تحوَّل الى ملتقى شبابي أكثر منه مكتب رئيس حزبٍ سياسيٍّ تقليديٍّ.
زوَّار بيت "الكتائب" يشبهون سامي الجميل عمرًا وحركةً ونشاطًا، يشبهونه في الماضي النضالي والحاضر "الثوري" والتحرّري ليس فقط على مستوى الجغرافيا والمؤسسات وإنما أيضًا على مستوى الفكر والرؤى والتطلعات.
الاجتماعات التقليدية تحوَّلت الى حلقاتِ نقاشٍ وتنسيقٍ مع الحركات والجمعيات والتجمعات الناشطة، يقطعها بين الحين والآخر اتصال تَفهم من اللغة الفرنسية أو الإنكليزية التي يُجيب بها سامي الجميل أنها من سفيرٍ أو من جهةٍ دبلوماسية ما.
يحرص على الإجابة من مكان جلوسه بين زوَّاره. لا شيء عنده يخاف منه. الإتصالات تكاد تُجمِع على سؤاله عن رأيه في ما يجري بالاستناد الى تجربته النضالية الشبابية.
كلّ الدبلوماسيين يسألون:"من تراه يكون المحرّك؟"، يتوجهون بالسؤال الى سامي الجميل وكأنهم يشيرون إليه ضمنًا كأحدِ المسؤولين عن ذلك. لكنه لا يكابر ولا يدعي. يجيب بكلّ مسؤولية وواقعية:"أفتخر أني كنت سببًا من أسباب تحريض الناس على الثورة على مدى أكثر من خمسِ سنوات من خلال مواقفي وتصريحاتي وإدائي النيابي والسياسي، لكني لست من حدَّد ساعة الصفرِ للتحرّك، ولا أنا من يقود هذا الحراك ... الكتائبيّون وأنا جزءٌ أساسيٌّ منه بصفتنا مواطنين لبنانيين وليس محازبين يسعون لزيادة حضورهم السياسي والحزبي بين الناس".
تفهم من جواب آخر، أنّ مكلّمه يسأله عن الجهة التي يمكن الحديث معها لفهم المطالب الحقيقية.
يقول، "الناس هي المفاوض... وجعهم... جوعهم... ضيق ذرعهم بالفساد والفاسدين ... وتجاهل مطالبهم وحاجاتهم وشكاويهم دفعهم الى الانفجار ... أما الحل، فهو بالرضوخ لما يطالب به الناس ... لا مجال لتحقيق مكاسب سياسية وحزبية وفئوية على حساب هذا التحرك...".
ويضيف:"إنه زمن الحساب ... الناس خرجت من القمقم وتريد حقوقها في الكرامة الإنسانية والحرية والدولة العادلة ولن تقبل بعد اليوم بأن تكون إداة بيد من يسرق حاضرها ومستقبلها".
يكتفي ببعض المقابلات الصحفية مع الإعلام العربي والدولي ليشرح حقيقة حركة الناس وهويتها اللبنانية الصرفة. يمتنع عن المقابلات الصحفية المحلية لكي لا يظهر في موقع من يحاول استغلال الحركة الشعبية لمصالحه الحزبية.
يقول لطالب الحديث:"الساحات هي للناس والموقف هو للناس. صحيح أننا كنواب وكلاء عن الناس الذين انتخبونا... ولكن لا حاجة للوكيل عندما يحضر الأصيل مباشرة... انتخبنا لنقوم بواجبنا في مجلس النواب وقمنا بواجبنا كاملا هناك... أما وقد دقت ساعة الساحات فنحن فيها كمواطنين وكأي مواطن عادي...".
لا يبدو سامي الجميل كغيره تحت ضغط الحاجة الى البحثِ عن ذرائعٍ لتبرير مواقفه... ولا عن اطلالات أو خطط اعلامية لتجميل صورته أمام الناس... فهو منذ تسلّم رئاسة الحزب خرج من منظومة الحكم فاستقال من حكومة تمام سلام، ورفض الاشتراك في صفقة التسوية، ورفض انتخاب العماد ميشال عون والمشاركة في حكومة العهد الأولى، ورفض قانون الانتخاب، ودفع ثمن معارضته من خلال محاصرته ومحاولة إلغائه في الانتخابات النيابية... ومع ذلك فهو يرى أنّ الوقت ليس "لتربيح الجميلة" ولا لقبض ثمن المواقف ... "فأكبر نجاح بالنسبة إلي ولسياستي وإدائي هو المشهد الذي نراه اليوم على امتداد الجغرافيا اللبنانية".
وبشيء من الاعتزاز الذي يخفف منه طبعه الخجول، يقول، "أتذكر قولي في مجلس النواب خلال مناقشة الموازنة الأخيرة، أخشى أن يسبق الانهيار الاقتصادي والاجتماعي وانفجار الشارع اجتماعنا المقبل لدراسة الموازنة الجديدة!".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News