"ليبانون ديبايت" - أمين نعمة
يمرّ لبنان اليوم في مرحلة مفصلية من تاريخه الحديث على أبواب مئويته الأولى حيث تتعدَّد الآراء، وتكثر التحليلات، وتُرصد التوقعات.
تتباين المواقف بين مؤيّد لحركة الشارع إنطلاقًا من دفاعه عن حرّية يتغنى بها، أو إلتزامًا بموقف مبدئي يختزنه في وجدانه، أو من خوف على حق مكتسب لا يمكنه التفريط به، كما نرى في المقابل معارض يحاول الدفاع عن موقعه، أو رفضًا لإنهيار مقومات مشروعه، أو حماية لبعض مكتسباته.
وبعيدًا من حسابات الربح والخسارة في ميزان الأفرقاء السياسيين والإتهامات المتبادلة بين الأطراف كافة إن لناحية تورّط البعض في الفساد أو طوباوية البعض الآخر في محاولة للتبرؤ من الوضعِ القائمِ، يتبادر الى الأذهان بعض الملاحظات ربما كانت مفيدة لمُقاربة حركة الشارع من منظارٍ متجرِّدٍ من أجل إستثمار ما يحصل في خدمة حيوية مجتمعنا اللبناني لا غير.
من هنا، لا بدّ من الإضاءة على بعض النقاط المحورية في هذا المجال كالآتي:
- ما نفع مؤسساتنا التربوية كافة إذا كنا نسعى فقط لتخريج جيل من أصحاب المعدّلات العالية الذين يفتقرون الى الحدِّ الأدنى من حسِّ المسؤولية، والإنخراط في العمل الوطني والمبادرة القيادية من أجل التغيير.
- ما الفائدة من نشاطات منظّمات المجتمع المدني في التدريب والتمكين وبناء قدرات الشباب وغيرهم من شرائحِ المجتمع على مبادىء الحوار، والديمقراطية، والمواطنة، وقبول الآخر، ومحاربة الفساد وما الى ذلك من مواضيعٍ حسّاسة كثيرة، إذا إنكفأ هؤلاء عن المواجهة عند أوّل تحدٍّ أو منعطفٍ يعترض طريقهم.
- ما هو الهدف ونحن في عالم "الإعلام بلا حدود"، من حمل المئات على الإنضمام الى هذه المهنة إذا كانت حرية التعبير وإبداء الرأي بحثًا عن الحقيقة، أو في سبيل إحقاق الحق، أو حتى طلبًا للعدالة، هي من عمل إبليس.
تطول اللائحة إذا أردنا أن نستفيض ، ولكن العبرة هي كي نقول:
إنّ ما نشهده اليوم هو إختبارٌ أساسيٌّ في مسار تطوّر مجتمعنا من حيث الممارسة الديمقراطية الراقية، وقدّ تجلَّت في العديد من المشاهد.
إن هذه الأحداث، قد أثبتت مرّة جديدة، أنّ هذا الجيل قد سبق زعماءه على مستويات كثيرة وهو بحاجة اليوم الى خطاب وممارسة مختلفين من قبلهم مبنيّين على أسس النزاهة في التعاطي مع متطلباتهم، وحسن التعامل مع طموحاتهم، وبناء جسر ثقة يستند الى الشفافية في مقاربة هواجسهم.
والأهم من ذلك كلّه، هو العمل على تهيئة هؤلاء حتى يكونوا البدائل الموثوقة في أوقات إنتقال السلطة وأن يكونوا العناصر الأساسية في القيادة متى يحين وقت تسليم الأمانة، إلّا إذا كان المُتَمَسِّكون في مفاصل الحكم يعتبرون أنفسهم من الخالدين، عندها، لا تتوقّعوا ثورة واحدة، بل وابل من الثورات.
ختامًا، وعندما تهدأ الأمور، لا بدّ للمنتصر أن يفكِّر مليًا بكيفية توظيف إنتصاره لمصلحة بناء لبنان الغدّ، وعلى الخاسر أن يتأمل عميقًا في أسباب ما آلت اليه أموره ونتائجها والإستفادة من التجربة بغية تفادي الأسوأ والتوفير على لبنان المزيد من الخضّات والمآسي وذلك من أجل وطنٍ عصريٍّ، ذات عدالة إجتماعية ويليق بأحلام أبنائه.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News