"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
مع عزوفِ التيّار الوطني الحر في وقتٍ سابقٍ عن المشاركةِ في أيّ حكومةٍ مقبلةٍ يُشَكِّلها رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، ما ينسحب أيضًا على الحكومة التي سيُشَكِّلها الرئيس المُكَلَّف حسّان دياب، وانضمامه مبدئيًا إلى معارضةٍ تحت عنوان: "مقاومة بنّاءة"، تكون البلاد قد فتحت على مصرعيها أمام مرحلةٍ جديدةٍ من النزاعِ السياسي بين التيارَيْن الأزرق والبرتقالي عنوانها "فتح الملفات".
بِحُكمِ المؤكَّد، أنّ "التيّار الحرّ" وطوال 3 أعوامٍ من مساهمتهِ في ما يُسمَّى "التسوية الرئاسية" التي نعاها رئيس تكتل "لبنان القوي" الوزير جبران باسيل قبل أيّامٍ عدّة خلال مرحلة "المشادة" بينه وبين الرئيس سعد الحريري، قد وضَعَ يده على ما لذَّ وطابَ من ملفاتٍ يصلح إستخدامها في لعبةِ الكباشِ التي دُشِّنَ فصلٌ جديدٌ منها مع الشريكِ السّابقِ تيّار المستقبل في ظلّ قرار باسيل ومعادلة الحريري "يا أنا يا باسيل".
ما يُنقل في الكواليسِ، يدور حول توفّرِ رغباتٍ جامحةٍ لدى "التيّار الحرّ" بإعادةِ تفعيل سياسةِ "الانتقامِ من الخصومِ"، وهي شبيهةٌ بتلك التي جرى اعتمادها بين أعوام 2007 و2012، أي حين كان العماد ميشال عون نائبًا يأمر وينهي من الرابية قبل أن يصلَ الى بعبدا، ولم يكن "التيّار" يشغل 27 كرسيًا نيابيًا أو 11 مقعدًا حكوميًا. كيف الحال به وهو اليوم يمتلك كل هذه القوة؟!
وهذا يعني، أننا الآن نترقَّب قدوم عاصفة مُحَمَّلة بالملفات الواجب فتحها والتي يمكن أن يستفيد منها "التيار العوني" في تحقيق وعده بأنه سيكون "مقاومة" و"معارضة بنّاءة" لسياساتٍ ماليةٍ وإقتصاديةٍ، صامَ عن ذكرها فترة من الزمن بحكم إنضوائه في تركيبة الحكم، ويبدو أنّه ميالٌ الآن للعودة إليها لكن بدرجةٍ "أسمك" من تلك المنصرمة.
وللحقيقة، أنّ "التيار الحر"، بات يمتلك في الادارة الصلاحيات، أو القدرات، التي تخوّله تحريك ملفات وإيصالها إلى الغرفِ القضائيّةِ، لا بل أنّ بعضَ "الراديكاليين" من "العونيين"، يرون، أنّ "التيار" يحوز على تأثيراتٍ، في الأمن والسلطة والقضاء، تخوله دفع تلك الملفات وتحويلها إلى قضايا رأي عام ينظر فيها ويمكن أن تثيرَ تساؤلات وعلامات استفهام حول الجهة المتهمة، وفي هذا الرأي ركون إلى ما حصل في الإخبار المُقدَّم بحق مدير عام هيئة إدارة السير هدى سلوم المحسوبة على تيار المستقبل.
ليس سرًا، أنّ الإخبار اعلاه حرّكه محامٍ محسوب على التيار الوطني الحر بناءً على شبهات بجرائم الرشوة والتزوير وهدر المال العام والإثراء غير المشروع والإخلال بموجبات وظيفية، وما يثير الاهتمام ويدفع البعض للاعتقاد، بأنّ تباشيرَ "حملة فتح الملفات"، قد بدأت باكرًا، ولاسيّما أنّ الإجراء يأتي في ذروة حصول الاشتباك العونيّ - الحريريّ. وهذا يخدم فرضية إقتراب حصول الصدام بين التيارَيْن.
وفي تقدير متابعين، أنّ "التيّار"، لديه "مجموعة عمل طيّعة" تأتمر منه وتتحرك قضائيًا متى دعت الحاجة إلى ذلك، وتزوّد بأدلة وبراهين لها القدرة على إدانة أشخاصٍ يعتبرون من المحسوبين على الشريك القديم، وهذا "التكتيك" في واردِ الاستخدام كـ"اداةٍ طيّعة" تُستَثمَر في تحقيق رغباتِ الانتقام بفعلِ ما جرى.
زِد على ذلك، أنّ "التيّار البرتقالي" هو اليوم في أحوجِ الفرصةِ إلى "تبرئة نفسه" من إتهامات الفساد التي سيقَت إليه بسبب ما يقول العونيون، أنّه يعود إلى مدرجات "التسوية الرئاسية
الساقطة"، التي حولتهم منذ 17 تشرين إلى أهدافٍ ثابتةٍ تجتذب القنص عليه، وهذا فرضًا يعود إلى "حركات" تيار المستقبل صاحب المصلحة في الزود عن نفسهِ مقابل تجيير الاتهامات بإتجاه التيار الوطني الحر.
حتى الأمس القريب، لم تكن العلاقة هادئة بين الطرفَيْن. وخلال دوران مفاعيل التسوية الرئاسية والشراكة في الحكومة وغير ذلك، كان الصعود والهبوط سمة تميز العلاقة بينهما حيث كان يتخللها تقلبات واضحة كان يعبّر عنها بشكلٍ فاقعٍ، إن من خلال زعلِ أحد الجانبَيْن وما ينتج عن هذا الزعل من تدابيرٍ سياسيّةٍ ومؤسساتيّةٍ "جامحةٍ" أو عبر ممارسةِ "حرتقةٍ سياسيّةٍ" من جانبٍ تجاه آخر، ما أوحَى، بأنّ التزاوجَ تحت قبّة التسوية فعلٌ غير دائمٍ اطلاقًا.
وخلال المرحلة الحالية، أي بعد حصول الطلاق بفعل المواقف والقواعد المضادة، رشَّحَ الجميع دخول الطرفَيْن في منازلةٍ سياسيّةٍ كُبرَى تحت عنوان "إثباتِ الذات"، وهو ما يتوقع حصوله أقله بعد إنتهاء "الضجّةِ السياسيّةِ" الرائجة اليوم تحت شعار "التأليف"، على أن يعودَ كلٌ من الطرفَيْن إلى جبهتهِ مستفيدًا من عملية التحرّر من المشاركة مباشرةً في السلطة التنفيذية.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News