المحلية

الاثنين 06 كانون الثاني 2020 - 04:00

جنبلاط "غير مقبولٍ" في الحكومة

جنبلاط "غير مقبولٍ" في الحكومة

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

من الواضحِ، أنّ رئيسَ الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قد خرجَ، أو يكاد، من موردِ الحكومة "بلا حمّص". على الأقلّ، هذا ما تؤشر إليه سلسلة تغريداته ذات الطابع الهجومي على الحكومة العتيدة وتشديده على اصباغها صفة "اللون الواحد".

على الرغم من كلّ ما قدِّمَ على بساطِ زعيم المختارة من "إبتكاراتٍ سياسيّةٍ" تفيد في غرضِ إعادة الاعتبار إلى التمثيل الدرزي الذي حكمت التسويات في حكومة من 18 مقعدًا أن ينحصِرَ بواحدٍ فقط، ما زال "البيك" يراوغ ويناور، إما لأسبابٍ تحمله على محاولة إدخال تعديلٍ في التمثيل في ربعِ ساعةِ البحثِ الاخيرة يتيح له أخذ ما يريد، أو أنّه يريد الايحاء في العلن بأنّه يسحب الغطاء الدرزي عنها، لكنه في السرِّ كان يبحث عن مكاسبٍ له داخل تركيبتها.. أقلّه، هذا ما يعلمه الرئيس سعد الحريري ولمَّحَ إليه!

حتى أنّ "جائزة" الرئيس نبيه بري المقدَّرة بدمجِ وزارتَيْن خدماتيتَيْن من درجَتَيْن ميسورتَيْن، تعدان من صنفِ الوزاراتِ المهمة ولا تُحسَب على وزاراتِ الدولة، لم تُقنِع جنبلاط الذي ابتكرَ نظرية "التكنوقراط الشكلية" وضمَّها إلى معجمِ المصطلحات المحلية ليُبرِّر إسقاطها لاحقًا على الحكومة وانتزاع تبريرٍ عدم دخولها.

شيءٌ من هذا القبيل لا يُكتَب له النجاح، حالَ التأكّد، من أنّ دوافعَ جنبلاط لا تغدو درزيةً محض بل شخصيّة الطابعِ، بدليل، أنّ توالي سُلَّم اعتراضه على التركيبةِ خلال الربعِ الأخير من تشكيلها وظهور أنّ الاوفرَ حظًا لشغولها يُحسَب أكثر على دار خلدة منه إلى المختارة، يكشف حقيقة الموقف الجنبلاطي.

وللحقيقةِ، فإنّ بروزَ إحتمال ولوج "الحقيبة الهجينة" إلى محسوبٍ على خلدة هو تحصيل حاصل للخشية المنبعثة من باقي الأطراف حيال الموقف المستتر للمختارة. أضف إلى ذلك، أنّ اسلوب "البيك" في مخاطبةِ التركيبةِ العتيدة وطمسها صفة "العودةِ إلى زمنِ الوصايةِ السوريّة"، يُثير مخاوف الشركاء الآخرين في الحكومة من إحتمال خروجِ جنبلاط عن "تفاهماتٍ اجرائيّةٍ" وتطييره لها لاحقًا كرمى لـ"وصاية دولية مالية" تلوح في الأفقِ، فمن يضمن جنبلاط الشهير في "استداراته" في ظل مشهد إقليمي مائل إلى السواد؟!.

في الواقعِ، أنّ عرضَ بري القائل بالدمجِ كان محلّ قبولٍ مبدئيٍّ من قبل جنبلاط على إعتبار، أنّ "أبو مصطفى" ما كان ليبتكِر هذا الحلّ إلّا لإرضاءِ البيكِ "المتذمِّر"، لكن ما مثّل عقبة لدى الأخير حالت دون قبوله الكلّي، أنّه حاولَ إنتقاء ما على مزاجهِ من دمجٍ وحين تعثّر بدأ هجومه!

فهو مبدئيًا، رفضَ القبول بالخلطِ بين وزارتَيْ البيئة والشؤون الاجتماعية كونه يرفض قبول "النفايات" رغم قبوله قبل ذلك "صفقة مطمر كوستابرافا" أو أن ينحصرَ دوره بـ"كاريتاس"، رغم أنّه افتتحَ قبل أسابيعٍ ورشة "رعوية كاريتاسفية" تحت شعارِ "لا للمجاعةِ في الجبل!".

عند هذا الحدّ، يقول جنبلاط، أنّه لا يقبل، ومن وراءِ ذلك يقدّم مستويَيْن: إمّا انصياع الجميع إلى ما يريد من حصصٍ والنزول عند رغباته واشراكه في التسميةِ بنسبةٍ كبيرةٍ وعلى الأقلّ أن يتمتّعَ الوزير العتيد بدرجةِ قربٍ منه أكثر من غيره، أو أنّه يريد تسليف شركائه في الخارجِ موقفًا يُحسَب له عبر وصفِ الحكومة بتلك الاوصاف والايحاء بأنّه يتموضَع خارجها مراهنًا على ما هو آتٍ على صفيحِ الإقليم الساخن.

في المقابل، ثمّة شعورٌ يطغى داخل الفريق المواكب لعملية التشكيل، يُفضي إلى القولِ، بأنّ جنبلاط وخلافًا لما يصوّر في العلن، يسعى إلى الفوز بمكسبِ المقعدِ الدرزي الوحيد من خلال تعويمِ إسم وزيرٍ يُحسَب عليه بدرجةٍ كبيرةٍ و"مضمون"، وهذا ما يُتيح له العودة كي يشغل موقع "بيضة القبان" والتحكّم بلعبةِ الميثاقيّةِ داخل الحكومة على اعتبار احتوائها على وزيرٍ درزيٍّ واحدٍ، ما يجعله وزيرًا ملكًا مكتسبًا صفة الالوهية ضمن تركيبةٍ يتقاسَم ميثاقيّتها أكثر من وزيرٍ خلافًا له.

قضية من هذا النوع، تعطي لجنبلاط "فيتو رنّان" ودرجة مناورة واسعة في حضن عهدٍ يُراهن "البيك" على كسرهِ منذ نعومةِ أظافره، وبالتالي، يفسّر هذا الغضب الجنبلاطي المعبّر عنه في التغريداتِ من إحتمالِ إخراجهِ من التركيبةِ، وهذا الخروج يمثل بالنسبة إليه خسارة فرصة قد تجعله يتربَّع على عرشِ التحكّمِ بمصيرِ الحكومة ولم لا، مصير العهد في نصفهِ الثاني والأخير.

ولعلّ هذا السبب، هو الذي يُجبر جانبًا واسعًا من الشركاءِ في الحكومة على إبعادِ شرور جنبلاط عنها وتركه بعيدًا من تركيبتها من خلال عدم قبولهم بإعطائه ما يريد، لا بل أنّ تشديدَ البحث في السير الذاتية وخلفيات الوزير الدرزي المُقترَح ومعاينة ما إذا كانت له إمتدادات "جينيّة جنبلاطيّة" يفسّر الخشية من تربّصِ "الشياطين" في التركيبةِ.

قبل ذلك، هناك من طرحَ فكرة تقوم على قبول إدخال جنبلاط "شكليًا" إلى التركيبةِ لقاء تفاهماتٍ إداريّةٍ تقيد حركته ولا تدفعه إلى إستخدامِ سلاحِ الميثاقيّة بضمانةِ رئيس مجلس النواب نبيه بري، حتى هذه من جانبٍ معيَّن مُشاركٍ في المشاوراتِ كانت مرفوضة لغيابِ القدرة على الاقتناعِ بأنّ جنبلاط لن يستدير!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة