المحلية

الأربعاء 08 كانون الثاني 2020 - 06:30

الرياح تهب على "الحكومة"

الرياح تهب على "الحكومة"

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

الدخان الأبيض الذي كان منتظرًا خروجه من مدخنة قصر بعبدا بالأمس قد تبخّر، وبدلاً عنه، خرج الرئيس المكلَّف حسان دياب من لقائه مع رئيس الجمهورية ميشال عون والوجوم مرتسم على وجهه، رافضًا التصريح للصحفيين وهو أمرٌ دفعَ المصادر المراقبة إلى إسقاطِ رزمةٍ ثقيلةٍ من السلبيات لتطبعها على جبين الحكومة العتيدة.

الثابتُ لغاية الآن، أنّ الرئيس دياب لا يريد التفريط بكوكبة الإيجابيات التي تمخضت عن جولة الاتصالات الاخيرة ما أدى الى طغيان "شعورٍ بالاطمئنان" طوال الأيام الماضية. في المقابل، لا يريد التفريط بصلاحياته على مذبح التناتش على الحصصِ.

من هنا، جاء لقاء دياب مع الرئيس عون، الذي سعى خلاله إلى محاولة إدخال تعديلاتٍ على موقفِ الرئيسِ، الذي يدفع باتجاه قبول المكلف بالاقتراحات التي يقدمها "الوطني الحر"، ما يعني أنّ عون داعمٌ لفكرة منحِ حقائبِ الخارجية، الدفاع والطاقة إلى من يسميهم التيار، لكن يبدو أنّ دياب لم يفلح فخرج من اجتماعه مع الرئيسِ غير مرتاحٍ.

وما إن غادرَ دياب حتى بدأت أوساطٌ بالتسويق والتلميح لاحتمال إعتكافِ المكلَّف "مؤقتًا" الذي يرفع شعار "عدم السماح بالاستمرار في استنزاف الوقتِ"، وهي حركةٌ تميل إلى الاستعراضية منها إلى الجدية، غايتها ممارسة ضغطٍ يهدف إلى فتحِ كوة في جدار النقاش السميك، أي أنها خطوة للتسهيل وليست من أجل العرقلة.. هكذا تراها مصادرٌ مواكبةٌ لحركةِ التأليفِ.

رغم ذلك، تجزم مصادرُ فريق الثامن من آذار، أن لا حكومة خلال اليومين الماضيين، ويمكن أن تمتدَّ الفترة لتشمل ما بقيَ من عمر هذا الأسبوع، الأمر الذي يعني الدخول حكمًا في مستنقعٍ من الرمال المتحركة بدأ مطلع الأسبوع المقبل، المرشَّح لأن يحمل معه موجات صقيع وعواصف باردة ستلفح الحكومة بالطبع كواحدةٍ من تأثيرات الإقليم.

هذا الأمر، دفع المصادر، إلى إسداءِ نصيحةٍ إلى كلٍّ من الرئيسِ المكلَّف المعني بالتشكيل، وفريق رئيس الجمهورية ومعه التيار الوطني الحر المتهمان بعرقلة التشكيل لأسبابٍ تتراوح بين توزيعِ الحقائب وأسماء من سيتولون الخدمة عليها، والثنائي الشيعي الذي تكشف المصادر، أنّه يميل إلى التعاطي ببرودةٍ مع المسألةِ، خلافًا لمطلعِ الاسبوع الجاري حيث كان أشد سخونةً.

في هذا الوقت، يسود ارباكٌ فريق الثامن من آذار وسط تكوّن رأيَيْن للتقرير في مسألةٍ واحدةٍ. فريقٌ يدفع بإتجاه تعديل السقوف التفاوضية "التي ارتضينا على إثرها تأليف الحكومة" وجعلها متشددةً أكثر ما يتيح مواكبة "أحداث الإقليم".

ويقول، أنّ "المسودة" التي كانت مرسومة حيال الحكومة وقضت بالقبول في أن تكونَ من التكنوقراط الهجين، أي المنقسم بين إختصاصيين من غير السياسيين ومستقلين من ذوي التأثير السياسي، لم تعد تنفع في الحالة الراهنة التي نعيشها اليوم.

وفي خلاصةِ رأيهم، أنّ الواقعَ الإقليمي المستجد لم يعد ينفع معه تقديم تنازلٍ على وزن "تكنوقراط صافٍ" بل يحتاج إلى تركيبةٍ تكنوسياسية، وأنّ حكومة من الصنفِ الأول قد تمثل عقبة نتيجة إحتمال ممارسة ضغوطاتٍ عليها من الجانبِ الآخر، وبهذا المعنى، لماذا نقدّم جائزة الى الأميركي على هذا الوزن؟

أما الطرف الآخر، فيرى، أنّ الظروفَ الحالية لا تدفع إلى تبني حكومة قد تفسّر على أنها "مواجهة" أو حكومة "اللون الواحد" لأن الأولوية المحلية ليست سياسية بقدر ما هي إقتصادية - مالية بحتة، لا بل أنّ هذا الطرف يميل بإتجاه إستثمار وجودِ تعقيداتٍ اقليمية شديدة وجعلها من الأسبابِ التي تدفع صوب استيلاد الحكومة بأسرعِ وقتٍ ممكنٍ.

بالنظر إلى ذلك، قد يفكر حزب الله في العودة الى خيار "تكنوسياسي" لطبيعة ما يجري في الأقليم، خاصة وأنه لا يقبل أن يصور بعض تقديماته على صعيد الحكومة بأنها "تنازلات تصب في مصلحة الاميركي أو غيره"، لا بل يتشدد في تصوير أنّ ما يقدمه من تسهيلات حكومية ليس هو تنازلا بقدر ما هو تأمينٌ لمصلحة فريق المقاومة في الداخل.

بهذا المعنى، قد يميل الحزب إلى إجراءِ صنفِ تعديلٍ على طبيعة التمثيل داخل الحكومة، مع ترجيح كفة تطعيمه بنكهةٍ سياسيةٍ لدى مستوى معين من الوزراء، من غير أن يطاولَ ذلك غالبية التركيبة الحكومية التي ما زال الحزب يريدها ذات صنفٍ إختصاصيٍّ واضحٍ وأن يكونَ نصفها على الأقلّ من الموثوقين، ولديه أولوية أن لا يفرّط بتركيبةِ الحكومة ويجعلها في حمى التنافسِ في الإقليم مجهولة الهوية أو مائلة اكثر صوب احتمال تأثيرها بضغوطاتٍ مفترضة ما يعني إفقاد "فريق المقاومة" العنصر المطلوب في السلطة التنفيذية.

ما يزيد من قلقِ الحزب، وحركة أمل معه، مسألة تتصل بإحتمال رفعِ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لـ"فيتو" درزي على تشكيل الحكومة مستفيدًا من وجودٍ درزيٍّ واحدٍ في التركيبة تميل الترجيحات صوب إحتمال أن يكون "خلدوي التأثير". من جراء ذلك، تندفع حركة أمل، إلى محاولة إفراغِ التشكيلةِ من "الشياطين الدرزية" من خلال إعادة تفعيل الدعوة لرفع التشكيلة إلى 20 مقعدًا، ما يتيح تقسيم الحصة الدرزية بين مرجعيتَيْن.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة