المحلية

الجمعة 10 كانون الثاني 2020 - 16:57

اللبناني ينتظر من يحرّره!

اللبناني ينتظر من يحرّره!

"ليبانون ديبايت" - ايلي بدران

السياسة الماليّة أو الإقتصاديّة التي إتّبَعتها الحكومات المتعاقبة منذ الطّائف، جعَلَت لبنان من الأسواق الإستهلاكية التي ترتكز على الإستيراد في حين أقفلت السلطة القطاعات الإنتاجية وباتت الصناعة تعتمد على بعضِ المصانعِ لرجال أعمالٍ أثرياء، بينما الصراعات العربيّة وتأثّر لبنان بها نتيجة انخراطه في لعبةِ المحاور الإقليمية، قضت بصورةٍ شبه نهائيّةٍ على قطاعِ الخدمات المرتكز على الفنادق والمطاعم والإيجارات على أنواعها.

لعبة المحاور، دفعت كذلك، العديد من الدول العربية الى منعِ رعاياها من السفر إلى لبنان، بينما ساهمت أحداث خطفِ السّواحِ الأجانب في اختيار هؤلاء السفر الى دول أقلّ سخونةٍ.

قضت السياسات الماليّة على قدرة اللبناني الشرائيّة، وسط ارتفاعٍ حادٍّ في القطاعِ العقاري ما دفع العديد من الشباب إلى الهجرة لعدم قدرتهم على تأسيسِ عائلات وشراءِ منازلٍ، كما أدت الى تراجع الإقتصاد وسط إرتفاعِ الأسعار، بينما جنى قادة الأحزاب والنّافذون فيها الأموال الطّائلة من التعهدات الملغومة، في حين، كافحت الطبقة الفقيرة من أجل البقاء.

هذه الوقائع، قضت أيضًا على الطبقة الوسطى لصالح تلك الفقيرة، فما كان على اللبناني سوى بيع أرضه ليعلِّم أولاده، الذين بدورهم اختاروا الهجرة والإستقرار خارج الحدود اللبنانية. كفر اللبناني بوطنه وأحزابه وطبقته الحاكمة فإندلعت ثورة للإقتصاصِ منهم ومحاسبتهم.

شعاراتٌ عدّة أُطلِقت خلال العقود الماضية أبرزها "الأموال المنهوبة" التي ما إن يتمّ تحديد أحد النّاهبين يتحالَف من كشفَه معه لتطمس التّفاصيل، بينما المشكلة الأساسيّة هي في مدى اقتراب وتباعُد الدول الإقليمية ما ينعكس سلبًا وإيجابًا على علاقة الأفرقاء اللبنانيين، والأهمّ التّباعد والتّقارب هدفه إمّا التصويب على سلاح المقاومة أو التغاضي عنه.

ومع الوقتِ، تبدّلت الأدبيّات السياسيّة الدّاخليّة فباتت المقاومة حزب الله وسلاحها سلاحه، وأصبحَ فائض قوّة ذلك السلاح يُستعمَل في الداخل إن كان في أحداث ٧ أيّار أو عبر القمصان السّوداء، وآخر الإبتكارات إرسال الآف الدراجات الناريّة حتى تجوب الشوارع وتزرع الرّعب في قلوب السّكان السلميّين أو المتظاهرين. وبالتالي، بات لسلاح حزب الله، التأثير الأكبر والدور الأبرز في ما آلت اليه الأمور محليًا.

مع اندلاعِ الثورة ونتيجة الهندسات الماليّة، وسياسة إقراضِ المصارف للدولة اللبنانية، برزت أزمة السّيولة في المصارف، وشحّ العملة خصوصًا في الأجنبية والخضراء منها، فبات المودعون اللبنانيون يتسمَّرون على أبوابِ المصارفِ لسحبِ ٢٠٠$ أسبوعيًّا لا تكفي لشراءِ موادٍ غذائيّة ومحروقاتٍ للمودِع. اتّخذت المصارف من المودعين رهينة وسط قراراتٍ عشوائيّةٍ انتقائيّةٍ لا ضوابط لها ولا حدود في ظلّ الإنسجام والتكافل والتضامن بين المصارف والأحزاب الحاكمة.

وبما أنّ الطّبقة السياسيّة متزاوجة مع السّلطات المصرفيّة والأمنيّة والقضائيّة، يعيش اللّبناني اليوم وسط دوّامة لا إمكانيّة للخروج منها إلّا بتنظيف السّلطة السياسيّة من الفاسدين، وبما أنّ الفسادَ ينخر عظام الإدارات الرسميّة أصبح من المستحيل إجراء الإصلاح بالطّرق الديمقراطيّة والبرلمانيّة. الإصلاح ضروري لكن الأهمّ منه الطريقة التي سيبدأ بها، فلا الثورة حتى السّاعة ارتقت إلى مصافِ الثورات العالميّة التي كسرت القواعد وهي حتى السّاعة ثورة سلميّة تعود في كلّ استحقاقٍ الى احترام المؤسّسات الدستورية لأن اللبناني بطبيعتهِ يحترم القواعد والأصول والمؤسّسات.

على صعيدٍ آخر، يبدو، أنّ مسألة السّلاح باتت مقدَّسة وممنوع التّطرّق إليها، وملف حياد لبنان حسّاس لدرجةٍ استشهدَ من أجلها محمد شطح صاحب مشروع إعلان حياد لبنان دوليًّا، فمن يُطلق سراح اللبناني المأسور من ثلاثية "السّلاح، المصارف، والطبقة الحاكمة؟".

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة