"ليبانون ديبايت" - صفاء درويش
يقولون عن شعوبِ هذه المنطقة أنّها شعوبٌ لا تقرأ. اعتقدَ الناس طوال أعوامٍ أنّ هذه المقولة مرتبطةٌ بالإنتاجاتِ الأدبيّةِ والعلميّةِ والثقافيّةِ. عزَّزوا جميعًا تلك النظريّة، بأنّ مداخيلَ معارضِ الكتاب تراجعت، كذلك، تمّ إقفال عددٍ من دورِ النشرِ، ومعظم الصحف في البلاد تُحتَضَر. اعتقدنا أنّنا شعوبٌ لا تقرأ بسبب كلّ الآنف ذكره، حتى ظهر علينا جاد تابت.
تابت، وهو نقيبُ المهندسين في بيروت، مهندسٌ بالطبعِ ومن المفترَض أن يتبعَ في عمله الهندسي والإداري منهجيّة منطقية، تبدأ بالمُعطى وتنتهي بالخلاصةِ. فجأةً، ومن دون تحضير 57 ألف مهندس أنفسهم للضحكِ، وأثناء متابعتهم لشؤون حياتهم اليومية، صدرَ عن نقيبهم بيانٌ يهاجم فيه لجنة المال، ومجلس النواب، لإقراره موازنة تتضمَّن مادةً تحرم الصندوق التقاعدي للمهندسين من مساهمة الدولة. عادَ المهندسون في اللحظة نفسها إلى الموازنة فلم يجدوا المادة التي بادرَ النقيب إلى مهاجمتها من دون التنسيق مع مجلس النقابة.
أخذ المهندسون نقيبهم على محملٍ حسنٍ، فاعتقدوا أنّهم ربّما لم يستطيعوا كشفها ضمن مواد الموازنة العديدة. وبغمرةِ انشغالهم في البحثِ عنها تبيّن أنّها غير موجودة، وأنّ الحديث عنها لم يكن إلّا مجرّد طرحٍ عادَت لجنة المال وألغته من أساسهِ. استبدلوا جميعًا عبارة "شعوب لا تقرأ" بحقيقةٍ تقول "نقيب المهندسين لا يقرأ".
نقيبُ المهندسين، الآتي من خلفيّةٍ على صلةٍ بالمجتمعِ المدني، قدَّمَ بحسب من يُتابِع عمله أسوأ نموذجٍ لمنصبٍ يفوز به مستقلّ غير مدعومٍ من الأحزابِ، إذ أنّ ولايته لم تُحقِّق أيّ انجازٍ فعليٍّ يمكن أن يتغنّى به.
يؤخَذ على النقيب تابت، أنّه لم يُكلِّف نفسه رفع سمّاعة هاتفه والتأكّد ما إذا كان القانون قد صدرَ بالفعل. يجزم عددٌ من المهندسين، أنّ الرجلَ يؤخَذ بالشائعات الخاطئة، ليس هذه المرّة فحسب بل أيضًا حينما عصفت بالنقابة الأزمة المالية قبل حوالي العام.
دائرة المهندسين في مكتب النقابات والمهن الحرّة في حركة أمل من جانبها، أصدرت بيانًا اتهمت فيه النقيب تابت بالتقصير وعدم حضوره جلسات لجنة المال والموازنة فيما خصّ مناقشة موضوع النقابة.
أمّا النائب ابراهيم كنعان، فدعا من أصدرَ البيان إلى الإطلاع على الموازنة قبل التعليق.
قبل ثلاثة أشهر من نهاية ولايته، نَسَفَ جاد تابت عن قلّةِ تركيزٍ ربّما حظوظ أيِّ مرشحٍ عن المجتمعِ المدني قد يسعى للوصولِ إلى مركزِ النقيب، كونه لم يفِ بوعوده وببرنامجه الإنتخابي إضافةً إلى هفواتٍ على شكل بيانه الكوميدي عن الموازنة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News