يبدو أن قرار الأمير محمد بن سلمان تخفيض أسعار النفط يخدم مصالح ترمب بالأساس.
فقد أصبحت العلاقة وثيقة بين بن سلمان وآل ترمب لدرجة أن أعداء ترمب هم أعداء بن سلمان، والعكس، حسبما قالت رولا جبريل الأستاذة زائرة بجامعة ميامي الأميركية ومحللة في شؤون السياسة الخارجية، في مقال نشر بمجلة Newsweek الأميركية.
تقول "بات هذا الرجل معروفاً باسم ولي عهد البروباغندا (الدعاية). إذ حاول محمد بن سلمان، مُسلَّحاً بمجموعة من وثائق الاستراتيجيات باهظة الثمن أعدَّتها مجموعة Boston Consulting Group للاستشارات والتي يُروَّج لها باعتبارها رؤيته لعام 2030"، تجاهل عناوين الأخبار السلبية المتعلقة بدوره في مذبحة اليمن ومصرع الكاتب بصحيفة The Washington Post الأميركية جمال خاشقجي. لكن وسط حربٍ حول أسعار النفط مع روسيا وصراعٍ مرير على خلافة الحكم داخل البلاد، يتعلَّم بن سلمان أنَّه لا يمكنه التخلص من كل مشكلاته عن طريق الاستعانة بخريجي جامعات "رابطة اللبلاب" ممن يرتدون قمصاناً مفتوحة العنق ويُقدِّمون عروضاً تقديمية عديمة الفائدة.
تكثر الشائعات القائلة بأنَّ والد محمد بن سلمان، الملك سلمان، والذي لا يزال الحاكم الرسمي للمملكة، قد مات. وتعززت تلك الشائعات في عطلة نهاية الأسبوع بتغريدة من شخص مُطَّلِع مجهول الهُوية عادةً ما تكون معلوماته دقيقة ومصادره موثوقة يُسمَّى "مجتهد". وبعد فترة وجيزة، أفاد موقع Middle East Eye البريطاني أنَّ ولي العهد ألقى القبض على ما يصل إلى 20 أميراً بارزاً لإحباط مؤامرة انقلابية مزعومة. وتقول مصادر إنَّ بن سلمان هو مهندس حملة التطهير تلك؛ لأنَّه يعتزم الإعلان هذا العام عن تولّيه الحكم وانتزاعه من أبيه صاحب الـ84 عاماً، وهو الذي يعاني الخرف حتى وهو حي.
يثير بن سلمان الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته القلق في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، حيث كان خيار المؤسستين المُفضَّل لاستلام التاج هو الأمير المنافس والأكبر سناً محمد بن نايف. لكن في البيت الأبيض، جرى الدفاع عن وحشية بن سلمان، بل واحتُفي بها حتى.
فبعدما قُتِل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول بسبب انتقاده للنظام، أخذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب بيد بن سلمان ووصف الحاكم الفعلي للمملكة في رأيه بأنَّه مثل "ثورة، لكن بطريقة إيجابية للغاية".
يريد ترمب تجنُّب السيناريو الذي منح المملكة السعودية في الأصل جزءاً كبيراً جداً من ثروتها النفطية.
فحين كانت السعودية قوة أكثر استقلالية قليلاً وتحدد سياستها، بدلاً من الاعتماد على الإمارات وإسرائيل لاتخاذ القرارات، فرضت الرياض حظراً نفطياً احتجاجاً على الدعم الغربي لإسرائيل في حرب تشرين الأول 1973، والتي حاولت مصر وسوريا خلالها بلا جدوى استعادة أراضيهما التي احتلتها إسرائيل قبل ذلك بست سنوات.
وعلى الرغم من أنَّ هذا التقييد الذي فُرِض على إمدادات النفط لم يستمر إلا ستة أشهر، فإنَّه مثَّل البداية لطفرة كبيرة في أسعار النفط. فبين عامي 1973 و1984، جَنَت السعودية 661 مليار دولار من مبيعات النفط.
واليوم، تنهار أسعار النفط بأسرع وتيرة منذ 30 عاماً، ويتعثر الاقتصاد السعودي، وتفشل استراتيجية الإنقاذ التي جاء بها بن سلمان لبيع جوهرة التاج السعودي، أي بيع حصص في شركة النفط المملوكة للدولة "أرامكو".
وفي عطلة نهاية الأسبوع، انهارت المفاوضات الرامية للتوافق على الإمدادات وأسعار النفط بين روسيا والسعودية. وبات الطلب العالمي على النفط منخفضاً جداً بسبب تراجع أعداد المسافرين نتيجة الذعر الذي سبّبّه فيروس كورونا، ومن ثَمَّ فإنَّ عدم الاتفاق على تقييد الإمدادات من أجل إبقاء الأسعار مرتفعة يُعَد تهديداً كبيراً لاقتصاد كلا البلدين. فمحمد بن سلمان يحتاج إلى أسعار نفط عند مستوى 83 دولاراً للبرميل لتحقيق التوازن في الموازنة، ويشير المحللون إلى أنَّ الأسعار قد تنهار إلى مستوى 20 دولاراً هذا العام. لكن بدلاً من تقييد الإنتاج، يغمر ولي العهد السوق ويهوي بالأسعار إلى الأرض.
ولكن ما فعله الأمير محمد بإشعاله حرب تحطيم أسعار النفط انتحارٌ اقتصادي، حسب وصف الكاتبة.
لكنَّ آل ترمب لا يطالبون بأقل من ذلك. فترمب هو العامل الوحيد الذي يحمي قبضة محمد بن سلمان الحديدية على الدولة السعودية حالياً.
لذا، لابد أن يلعب ولي العهد دور يد ترمب اليمنى، الأمر الذي يؤدي إلى تدمير ميزانية السعودية هو فيما يخنق ترامب اقتصادات الدول الأخرى المنتجة للنفط من أجل فرض تغيير للنظام في طهران وكراكاس، ويُشعِل في الوقت نفسه حرباً اقتصادية خطيرة مع موسكو.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News