المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الاثنين 11 أيار 2020 - 15:50 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

بهاء يَستنسخُ "التجربة السورية"

بهاء يَستنسخُ "التجربة السورية"

"ليبانون ديبايت"- عبدالله قمح

بَدأت قصةُ بهاء الحريري حين اقتُرح إسمه خليفةً للسّنة في لبنان زمن إلقاء القبض على شقيقه الأصغر، سعد، في الرياض متلبساً العلاقة مع حزب الله. الحكايةُ قصّة طمع بإرث سياسي تركه الوالد الشهيد وفقده الإبن الأكبر بشكلٍ لم يكن متوقعاً عام 2005 نتيجة قرار مصدره البلاط السعودي لا أكثر ولا أقل. مُذ ذاك، غادرَ الأجواء اللبنانية متفرغاً إلى "البزنس".

للمُفارقة أنّ سبب حرف "البَيعة" من ضفة إلى أخرى كان يومَذاك سعودياً بإمتياز تماماً كما هو الحال اليوم في تقديم "بهاء" على المنصة بوجه شقيقه سعد. ازدواجية لا يفقَهُ بها أحد ولو حاول السفير السعودي وليد البخاري طمسها بزيارة "رفع عتب" إلى بيت الوسط.

إذ ليس هناك مشروع سياسي أو نهج بديل يحتكم إليه بهاء اليوم في تقديم نفسه "مخلّصاً" للسّنة، بخلاف ذلك، كل ما يذيعه من بيانات تبقى "من - إلى" ولم يحدث ولو مرّة أن خاطب بشكلٍ مباشرٍ الرعية، تاركاً شؤون إدارته السياسية إلى حشدٍ من الصبية الحاقدين.

من الواضحِ أنّ الرياض لم تُغادر فكرة الإطاحة بسعد الحريري. "التجربة التشرينية" مستمرة ولو بأشكالٍ متعددة. وكما أن الاشتباك ليس ثابتاً كذلك الهدنة بالطبع. الدليل واضح الآن عبر طَيّ فكرة "البّيعة العلنية" من خلال الخطف والإجبار على الاستقالة ومغادرة "التسوية" وسوق الناس إلى الرياض، إلى خيار "حجز الموقع" وإثبات النفس أمام الرعية عنوان "الحالة البهائية". في الخلاصة الانقلاب مستمر!

ولإدارة الانقلاب أوجهٌ متعددةٌ، تبدأ من خلال قطع الموارد المالية عن سعد الحريري منذ إخلاء سبيله من "الريتز"، مروراً برفض حجز مواعيد له للقاء الحاكم الفعلي في الرياض محمد بن سلمان، وصولاً إلى الانتقاء من "صحارة الرؤساء" منتجاً للتحدّث بإسم "أهل السّنة" يوم إختارت قناة العربية تصريف "أمر ملكي" سعودي بحشد شخصيات الرابع عشر من آذار على شاشتها. يومَذاك، شعر المتابعون أنّ ثمّة قراراً سعودياً تتولى "العربية" تقديمه عنوانه "إعادة تنظيم الصفوف في مواجهة العهد والحزب"، لكن المفارقة ليست بتجميد المشروع مع "تكويعة" وليد جنبلاط نحو قصر بعبدا، بل في تقديم أوراق إعتماد فؤاد السنيورة كمتحدِّث رسمي بإسم "الفريق السنيّ" من خارج شورى من يفترض أنه "أب السّنة".

تلك العلامة كانت المؤشر إلى فهمِ ما يجري وأنّ حركة بهاء الحريري ليست منعزلة أو منفصلة عن الواقع السياسي الذي يجري ترتيبه سنيّاً منذ ما بعد 17 تشرين. أصبح للامر ضرورة قصوى، سيّما وأن الحريري لم يبدّل سلوكه بل ما زال يستبقي رجالات القرار في حزب الله على موائد الافطار وأمسيات العشاء، والسقف المرتفع المرسل على متن جريدة "عكاظ" محال أن يكون أتى من خارج إذن البلاط.

مَكمن الغضب السعودي على "سعد" ها هنا. حزب الله. في الماضي، أُعدَّ سعد الحريري كمنتجٍ يتولى مقارعة الحزب في الداخلي اللبناني. قبل 7 أيار وبعد 7 أيار كان المطلوب منه ترتيب حالة سنيّة عسكرية، لم يستطع سعد تشكيل حالة تفي بالغرض. تبقى شركة "سكيوريتي بلاس" التي رماها قبيل أيار في شوارع بيروت نموذج لم يكتب له النجاح. مُذ ذاك طويت ولم يقبل رئيس تيار المستقبل بإعادة إحيائها بصورة منظمة.

ما هو مكتوب لبهاء الحريري تقريباً يشابه ما كتب لسعد سابقاً، أي تحقيق انتقالة نوعية لدى المكوّن السني من ضفة إلى أخرى، تحديداً إعادة إنتاج "سكيوريتي بلاس" وفق شعار آخر لكن يؤدي الغرض نفسه. جعل الطائفة السنيّة في مواجهة حزب الله و "التقريع" على سعد الحريري وتياره.

المشكلة أنّ سعد وقعَ الرهان عليه آنذاك في إدارة هذا "الانتشال" وتحويل السّنة إلى جماعة تعتصم بحبل الفراق مع الشيعة بفعل خصومتها مع حزب الله، ففشل. بدل ذلك تحوّل سعد كما حدث مع والده سابقاً بالضبط، شريكاً براغماتياً لحزب الله!

من بناتِ أفكارٍ بهاء المدوّنة عبر بيانات مكتبه الاعلامي يُمكن العثور على "انقاض المشروع" كذلك في حال التعمّق في الرصد والبحث والتحري في منتديات البقاع وبيروت التي أسّست برعاية "الشقيق الكبير".

تبدو تلك المنتديات التي تتّخذ لنفسها صفة ثورية أشبه بتنسيقيات الثورة التي تشكّلت في سوريا عام 2011. ووسط شبهة تُثير القلق، بدأت تنبثق عن تلك المنتديات لجانٍ صغيرة تُحاكي انبثاق "لجان الثورة السورية" ايضاً، قوامها لا يتعدى 25 شخصاً تضمُّ بشكلٍ فاقع تقريباً كل الوجوه المُمتعضة من آداء تيار المستقبل إلى جانب إحتشاد "قادة المحاور" السابقين ومجموعة الاشخاص ناصبي العداء لحزب الله ومن الذين خاضوا التجربة في السابع من أيار. إعترف بهاء عبر أدواته بوجودها ودورانها في محوره حين كشف "ليبانون ديبايت" النقاب عنها.

كما هو معروف، تحوّلت "لجان الثورة السورية" لاحقاً إلى المصدر الرئيس في قلب "الثورة السورية" من حركة احتجاج سلمية إلى "إنتفاضة مسلحة" حوّلت سوريا التي نعرفها إلى رُكام، فماذا تخفي "لجان المنتديات البهائية"، بخاصة وأنّ جمعَها يوحي أنها أقرب إلى تشكيل خلايا عسكرية من جماعة تبتغي العمل السياسي؟

يتردّد لدى الدائرة المقربة من "بهاء الحريري" أنّ الغاية من اللجان حماية نمو "اللجان البهائية" سنيّاً من تأثيرات أو مخاطر مترتبة عن رفض من قبل "تيار سعد". هذا في الظاهر، لكن في العمق لـ"اللجان" مهام وظيفية أبعد من ذلك. المفارقة، أنه كلما إقتربَ موعد صدور حكم المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس الحريري بان وضوح "اللجان البهائية". هنا عودة إلى زمن "سكيوريتي بلاس" ومواجهة حزب الله، المشروع التي تُعيد الرياض استيلاده...

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة