كان أهل بيروت يشترون مياه الشفا ومياه الخدمة من السقا، الذي نشأت مهنته من حاجة الناس للمياه، ولان الماء المُستخرج من الآبار، وحتى المياه التي كانت تجمع في الشتاء بواسطة أسطح البيوت، كانت ملوّثة، وغالبًا ما تؤدي إلى أمراض وخاصة مرض التيفوئيد الذي كان منتشرًا بشكلٍ كبير في بيروت بسبب المياه الملوّثة والغير صالحة للشرب.
فكان على أهل المدينة الإستعانة بالسقائين الذين يجلبون الماء من مصادر المياه المحيطة بمدينة بيروت، في منطقة رأس النبع وعين المريسة والآبار الخاصة، وكان الناس مُجبرين على أرضائهم وتطييب خاطرهم والرضوخ لمطالبهم ، فكانوا يدفعون فرنكين مقابل المتر المكعب في فصل الشتاء، وأربعة إلى خمس فرنكات في الصيف.
كان السقاؤون يجوبون شوارع المدينة بقربهم وحميرهم وكان مركزهم الأساسي في ساحة البرج، وعند وصول السقا إلى البيت أو إلى المكان المقصود يقوم بقرع الباب، وعند الجواب يُطلق عبارته المشهورة " دستور يا اهل البيت انا السقّا"، من ثم يدخل المنزل ويقوم بتعبئة الأواني المخصّصة... وكان أهل بيروت يحتفظون في بيوتهم بأواني فخارية خاصة للمياه، وذلك لأن الفخار يحافظ على برودة الماء وخاصة في فصل الصيف.
أخذت مهنة السقا في الاندثار عام 1877م، حينما أنشئت شركة المياه وبدأت في إنشاء آلات الضخ والأنابيب التي توزع المياه على مدينة بيروت، ولكن السقّا لم يمت ومازال موجوداً بصورته ولم يختف نهائياً، وإن كانت قد تطوّرت وسائل السقاية، فلم تعد القربة القديمة المصنوعة من جلد الماعز، بل أصبحت خزانات معدنية ومكعبات بلاستيكية، محمولة على الآليات والسيارات، يملؤها السقا الحديث من مصادر المياه، التي أصبحت على شكل ناعورة مياه تحتوي على بئر كبير ومضخة مياه لنقل المياه من البئر الى الخزانات الموجودة على آليات لنقل المياه، ثم يتم توزيعها على المناطق المختلفة المحرومة من المياه في بيروت وضواحيها. بعد أن أصبحت بيروت أكبر جغرافيًا وديمغرافيًا.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News