المحلية

الخميس 11 حزيران 2020 - 10:33

الـ 5000 التي كادت أن تُسقط حسّان دياب!

الـ 5000 التي كادت أن تُسقط حسّان دياب!

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

من الواضحِ، أنّ رئيسَ الحكومة حسّان دياب بات بأمسِّ الحاجة إلى تحقيقِ إنجازاتٍ، لذا لا يتوقفُ عن البحثِ والتنقيب عن موجوداتٍ في الصحراءِ السياسية القاحلة تُسهم في تحقيق غايته وهو ما يُعد مصدر جذبٍ لبعض المتربصين به، فيُتاح لهم تمرير أفكارٍ تدغدغُ مشاعره لكن في الحقيقة ليست سوى اقتراحاتٍ تفيدُ في توفيرِ ذرائعِ الإنتحار ليس إلّا!

أمام جاذبيتها والحاجة إلى إنجازاتٍ، يُسلّمُ رئيس الحكومة أمره وربما رأسه، مقابل تعويم أي فكرة شرط أن تعطي النتائج المرجوّة.

أحدهم، استغل تلك الحالة فأتاحت له التسلل إلى رأس حسان دياب وزرع فكرة فيه قوامها أن حظوظ الانجازات متوفرة في مادة المازوت، و "ما دام أنك رجل إصلاح، إذاً سارع لإصلاح ذات البَين بين المادة وتجّارها وأَقدِم على إغلاق منافذ التهريب عندها تُحقّق إنجازاً مرجواً"..!

لهذا الطّرفِ مصلحةٌ في إنهاءِ ظاهرة التهريب أو أبعد من ذلك، وقد يكون طموحه ضمّها إلى سجله الحافل في الانجازات أو تسويقها في ملفات أخرى او دغدغة مشاعر صندوق النقد الطامح لـ"تسليك" طريق الضرائب. حسان دياب وجد في "المقترح" باباً لتأمين مدخول إيجابي إلى السراي. تبادل مصالح ليس إلّا. لذا رضخَ للأمر الواقع وفتحَ غرفه المغلقة لنقاش الحلول التي قدمت على وزن فرض الضرائب على الشرائح الشعبية تحت شعار أنها الحل المُتاح.

قبلَ أن يرفعَ أحد رجال الأمن يده خلال جلسة المجلس الأعلى للدفاع منتصف أيار الماضي طالباً الحديث لتقديم إقتراح بفرض ضريبة قدرها 10.000 ل.ل على كل صفيحة مازوت بذريعة أنها الحلّ الأمثل لوقف تهريب المادة المدعومة إلى سوريا، كان النقاش قد استفاض في مجالسه الخاصة مع رئيس الحكومة حول هذه النقطة بالذات بحضور وزيرّين على الأقل من أهل الثقة لدى الرئيس، عاملاً على إقناعه السير بها.

القالبُ الذي قُدّم فيه اقتراح فرض الضريبة أقنعَ دياب على ما يبدو، لكنه لم يصادق على مبلغ عشرة آلاف ليرة على إعتبار أنه "مرتفع"، وخلصَ مع الحاضرين والمسؤول الأمني إلى إتفاق على أن تكون خمسة آلاف في المرحلة الأولى "قابلة للمغط والرفع" بناءً على دراسة ردّة فعل الشارع. بقيَ إيجاد مخارج قانونية لفرض الزيادة، وكان لا بدّ من طرحها إذاً على طاولة مجلس الوزراء.

خلالَ جلسةِ الأسبوع الماضي تولّى رئيس الحكومة تلاوة بيان الاقتراح على مسامع الوزراء. وعلى ما ظهر، عثرَ دياب "أو متولي أعمال الزرع" على تخريجة لتبرير الضريبة، قوامها رفد صندوق "دعم المساعدات الاجتماعية للعائلات الفقيرة" باعتمادات مالية. على الأرجح لم تمرّ "السالفة" على الوزراء بعد أن بات قسم منهم على إطلاع كامل بمحاضر الجلسات الداخلية وما جرى على طاولة المجلس الأعلى للدفاع، ليستخلص أن ما جرى بحثه لم يكن على سبيل المزاح!

نوقشَ الاقتراح مدة من الوقت داخل مجلس الوزراء قبل أن يسحبَه رئيس الحكومة بعد أن اتضح لديه وجود إنقسام حوله أو تعدد قراءات، ومنعاً لاستهلاك الوقت في موضوعٍ واحد، أشار دياب مقترحاً نقل النقاش إلى جلسة أخرى والتعمّق به، بعد إدراكه أن إقتراحاً من هذا القبيل قد يُسهم في خلق إنشقاق داخل الحكومة، وأنه بحاجة إلى مخارج قانونية.

قبل ذلك، لم يُطق أصحاب المصلحة في فرض الضريبة الانتظار. بدأوا بترويج الضريبة على أنها "الحلّ الوحيد، وهي مقبولة من رئيس الحكومة وسائر الأركان". بالتوازي، بدأ الضخ عبر الأزلام، وبجهود العناصر جميعها، أخضعت وزارة الطاقة إلى "أمر اليوم"، فعممَ إليها ضرورة المباشرة برفع السعر تدريجياً، الذي هو في الحقيقة تأمين فرض الضريبة بالممارسة من خارج القرار الحكومي المزنّر بالعوائق، لتشهد الصفيحة على ارتفاع قيمته 1300 ل.ل الاسبوع الماضي.

كان من المفترض أن يُستأنف المسار هذا الاسبوع بزيادة إضافية قُدّرت نسبتها بـ 700 ل.ل، لولا تدخّل أحد الوزراء "العقلاء" لدى رئيس الحكومة "مكلفاً من مرجعيته" وإسداء النصيحة إليه بضرورة الكفّ عن الخوض في هذه "اللعبة الانتحارية" وتغطية الزيادات، حتى لا تتحوّل الخمسة آلاف ليرة إلى شرارة إسقاطه والحكومة في الشارع، ويجب عليه أن يأخذَ العبرة من أن ضريبة الـ4$ على واتسآب أنزلت الناس إلى الشارع وأسقطت حكومة". في ضوء ذلك راجع حساباته وتراجعَ خطوة إلى الخلف بعد أن كادَ يُطلق النار على نفسه!

بوادرُ تكرار الحالة بدأت شروطها بالتوافر. مُنذ أن دخلَ نقاش الضريبة إلى المسار وسُرب الى الاعلام، أخذَ يلاحظ أن صفيحة المازوت تشهدُ إرتفاعاً جنونياً وصلَ حدّ بيعها إلى أصحاب المولدات بسعر 18000 ل.ل للصفيحة، ما انعكسَ سلباً على أسعار "كهرباء الاشتراك" وسط نمو حالات الاستغلال مجدداً وتذمّر المواطنين. أمامَ هذا المشهد وخشيةً من انفجار محتمل، أوعزَ إلى وزارة الطاقة تجميد قرارات الزيادة فوراً وحصرها بما يتناسب وأسعار النفط عالمياً، ما أتاح ضبط الزيادة وإرجاعها إلى مستوى 100 ل.ل للصفيحة.

في المقابل، صدرَ أمرُ إخلاء سبيل البواخر العالقة في عرض البحر لتوفير المادة وضخّها في الأسواق لتغطية الفوارقِ في الأسعار، وعلى نحوٍ واضح صرف النظر عن العودة إلى مباحثات ضريبة الـ 5000 ل.ل مرحلياً مقابل رفع قيمة الاجراءات الأمنية المشدّدة من أجل إقفال مخارجِ التهريب عبر الحدود.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة