"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
اسْتَوَى الكلام الأخير الذي أفصح عن وجود رغبة لدى الحكومة في "التوجّه شرقاً" على خطأ في التقدير وقع فيه الفريق المكلف الافصاح عن موجودات رئيسها، و"تحوير مقصود" وقف خلف المسؤولية عنه "خصوم سياسيون"... في الغالب جاءت بمثابة انتكاسة قدمت كجائزة مجانية للمتربصين بحسان دياب شراً.
من الواضح أن بعض القائمين على تصريف مواقف رئيس الحكومة لم يدركوا بعد حساسية الموقع الذي هم فيه، الذي يوجب عليهم التدقيق في كل شاردة وواردة تصدر عن رئيس الحكومة ومن ثم تظهيرها إلى الرأي العام كما هي ومن دون أي تفسيرات أو "بهارات" كي لا يقع صاحب المركز في مكانٍ لا يُحسد عليه فيعرّضه لاستهداف مباشر مثل ما حدث قبل أيام.
سوء التقدير هذا لا يبرّأ بعض الخصوم الجالسين على جبهة إقتناص الفرص لاستخدامها ضمن معايير تؤذي رئيس الحكومة، فإتهامه بإعطاء الأولوية لـ"التوجه شرقاً" واضفاء صفة الحصرية عليها إنصياعاً لرغبة حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله فيه شيء من الظلم وبعض الافتراء، بحيث أن ما صدر عن لسان رئيس الحكومة لا يوحي بهذا المضمون ابداً.
قال دياب أن لا خطوط حمراء أمام أي جهة أو بلد يريد دعم لبنان أو الاستثمار في بناه التحتية، إن أتى هذا الدعم من الشرق أو الجنوب أو الشمال أو الغرب، فأين تتموضع حصرية التوجه شرقاً دون غيرها في ما ورد؟
الاتهام أعلاه كان موضع اهتمام من جانب رئاسة الحكومة التي تشعر بوجود "غرف سوداء" تعمل على استغلال أي تصريح يصدر عن السراي بغرض تحويره ثم بثّه بقالب مُغاير يخدم غرض الاساءة، وهذه الغرف باتت معروفة وتقع على الاجهزة المعنية مسؤولية تفكيكها. هذا في الجانب الاتهامي، اما في الشق العملي، فإن رئيس الحكومة ردَّ إلى سائليه أصل بيانه الذي لم يتضمن أي إشارة للدلالة على التفرّد في التوجه نحو جهة واحدة بل على العكس، كرّر أمامهم إهتمامه في السير بإتجاهات مختلفة كي يتم توفير مصلحة لبنان.
ربما، وقع دياب بسوء تقدير يُسأل عنه جزء من فريقه الذي يظهر انه يُعاني من خلل ما على مستوى ترجمة الأقوال والأفكار، وهذا لربما ينم عن قلّة خبرة في إدارة هكذا مسائل.. ما يهم، أن دياب أعاد تصويب ما وردَ عن لسان، مع إضافة تبدي الاستعداد لفتح النقاشات على مصراعيها وفي اتجاهات مختلفة في حال لم يؤتَ الغرض من التفاوض مع صندوق النقد.
استرعى الانتباه في هذا المقام وجود "ملف أصفر" يتأبطه أحد مساعدي دياب الرئيسيين خلال اجتماع عقد أمس في السراي الحكومي لبحث إحتمالات التفاوض مع أكثر من جهة وعلى أكثر من صعيد لتأمين إحتياجات لبنان. هذا المساعد خرجَ أمس بأوراق معززة ضمها إلى هذا الملف، ولاحقاً رُصد وهو يجول به على أكثر من مقرّ بغيةَ شرح سلبياته وإيجابياته.
إلى حدٍ الآن لا تفاصيل تذكر حول ما تضمنته الأوراق المتراصة والمرتبة بعناية داخل "الملف الاصفر" إلّا مجموعة ظنون حول أن صاحبه يستمد عناصر قوته من فائض الالوان العميقة لقلم حزب الله السياسي! يبقى الثابت الوحيد أنه يحوي "خيارات بديلة" في حال فشل المفاوضات مع صندوق النقد. الامر غير محصور بالتوجه شرقاً بل نحو جهاتٍ أربع، هذا يقود مجدداً إلى تفعيل قنوات سابقة كان قد افتتحها المساعد ذاته قبل مدة قصيرة بغية تأمين أرصدة مالية إلى بيروت.
كان الاتجاه يومذاك نحو الخليج. صحيح أن دولاً خليجية عديدة لم تبرح منطقة الحذر في فتح أي علاقة علنية ومباشرة مع دياب، لكن أكثر من اشارة دلت إلى وجود تواصل دائم يتم "تحت الطاولة" سواء من خلال مقربين أو أصدقاء مشتركين لرئيس الحكومة مع شخصيات رسمية في تلك الدول، وفي إحدى المرات رصد حصول تواصل هاتفي مباشر بين دياب وشيخ إحدى الإمارات كان الغرض منه الوصول إلى قواسم مشتركة حول كيفية مد بيروت بجرعات أوكسجين مالية. في مراحل لاحقة، كاد النقاش المفتوح مع دولة خليجية أخرى أن يؤدي غرضه في مد بيروت بجرعة مالية وفق نموذجين يا أما توضع كوديعة في مصرف لبنان أو تضح الأموال مقابل استثمارات يجري الاتفاق عليها.
معنى ذلك، أن دياب منفتح على أكثر من محور، لكن ما كان يعيق تلك المحاولات الارتفاع الواضح في منسوب عدم الاستقرار على المستويين الاقتصادي والنقدي، وعدم رغبة داخلية في مد المصرف المركزي باحتياطات مالية قد تتبخر في حال أسيئت ادارتها او استخدامها على النحو الذي كان يحصل سابقاً.
يبقى أن العائق الآخر يومها، خارجي، بحيث دلت أكثر من علامة إلى وجود رغبة لدى دول كالولايات المتحدة مثلاً لعدم رفد بيروت بأي رزم من العملة الخضراء ما أسس إلى كبح جماح بعض الدول خشية على علاقاتها. في وضع مماثل، لا بد لحسان دياب من البحث عن مصادر بديلة لرفد خزينته وهذا حقه، سواء في الشرق أو الغرب لا يهم، المهم بالنسبة إليه تأمين القدر الكافي من العملة الصعبة للاستمرار، يشاطره الرأي في ذلك مساعدوه والحشد القريب منه سياسياً الذي إنكب على وضعِ خطط استثمارية متوازنة بين الغرب والشرق.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News