"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
ضربَ الجيش اللبناني يده على الطاولة... طريق الترانزيت بين لبنان وسوريا ممنوع مسّه، ما يعني أن "طريق الطحين" بين البلدين يمرّ بحماية المؤسسة العسكرية.
ولو أن تهديد الجيش وتنفيذه لتهديداته لاحقاً في الميدان سواء في طرابلس أو الجبل، نابع من الحفاظ على الأمن الداخلي اللبناني ومنع تحويل الطرقات الدولية إلى معابر يسيطر عليها مخرّبون وقطاع طرق، إلّا أنه يرتبط ايضاً بالحفاظ على الإتفاقيات التجارية الموقعة بين البلدين أو التفاهمات المنسوجة بين الحكومة اللبنانية والمؤسسات الدولية التي تصنف لبنان طريقاً حيوياً يؤدي خدمة مدّ سوريا بالمعونات الانسانية.
ليس سراً أن المنظمات الدولية، ومنها برنامج الغذاء العالمي المسؤول عن الإمدادات، راقبت بدقة وتأنٍ ما حدث من إعتداء على شاحنات طحين ومواد غذائية أخرى كانت موضبة ومجهزة للارسال إلى سوريا من قبل "متظاهرين" قبل أسابيع قليلة. لكنها في المقابل، توصلت إلى ربطَ المسألة بحالة شاذة تخرج عن السياق اللبناني المألوف، المتعهد بتأمين مرور الاغاثة إلى سوريا، ولو أنه أبقى حالة اليقظة والمتابعة مفتوحة على ترقب الوضع اللبناني.
رغم ذلك، تعاطى ممثلو برنامج الغذاء العالمي في لبنان مع ما جرى بحذرٍ شديد ومتابعة مكثفة، أوحى بأن استمرار الاعتداءات دون وضع حد لها، قد يحمل نتائج عكسية على الوضع اللبناني الذي يصبح قابلاً للإدراج على لائحة الدول التي تشهد مخاطر على عمل الفرق الدولية، مع ما يعنيه ذلك من وقف إعتماد لبنان كـ"طريق عبور للمساعدات" واللجوء إلى اعتماد دول أخرى قريبة من سوريا كتركيا والأردن، ما سيؤدي فضلاً عن خسارة لبنان موقعاً وتصنيفاً مميزين، خسارة تجارية إقتصادية مرتبطة بحركة مرفأ بيروت تُسدّد حقوقها بالعملة الصعبة، ما سيعود الضرر على قطاعات مختلفة، منها أصحاب الشاحنات من اللبنانيين الذين يجدون قوتهم من العمل في مجال نقل المساعدات من لبنان إلى سوريا، بالاضافة إلى أصحاب السفن.
والجيش اللبناني الذي مارسَ لعبة الكرّ والفرّ مع المتظاهرين وشهد خلال فترة الاعتداءات على مواجهات استمرت لساعات طويلة في سبيل حماية الشاحنات، كان محور متابعة حثيثة من الجانب الدولي، تحديداً لما بذله من جهد في سبيل تأمين الامدادات الدولية الغذائية إلى سوريا، أما مصادره فتكشف لـ"ليبانون ديبايت" أن الجيش أدرجَ مسألة إمدادات الغذاء سواء نحو سوريا أو مختلف المناطق اللبنانية، على لائحة أولوياته اليومية معمّماً أمر المؤازرة إلى قطع مخوّلة تأمين طريق الشاحنات من نقطة إنطلاقها إلى نقطة وصولها.
ولأنّ ما شهده لبنان خلال الفترة الاخيرة أعدَّ استثناءً، كان لا بدّ من متابعة دولية حثيثة، لا سيما وأن المعلومات الأمنية المتوفرة، دلت إلى وجود مجموعات منظّمة عملت على استهداف الإمدادات الغذائية عبر الشاحنات متذرعةً بأنها تُهرّب إلى سوريا، حيث تظهر المعلومات جانباً من الأسلوب الذي جرى التعامل معه، فتمت مواكبة الشاحنات منذ لحظة خروجها من المرفأ وتعميم معطيات حول الشاحنات عبر تطبيق "واتس آب" إلى مجموعات اخرى تولت تنفيذ عمليات الاعتداء بنقاط متفرقة عبر الكمن للآليات والاقدام على محاولة إحراقها وتعمد تصوير المشاهد ونشرها، وقد كان الهدف من ذلك إلحاق الضرر بدور لبنان في مجال تأمين الاغاثة للسوريين.
المخاطر تلك، دفعت بالمدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، ديفيد بيزلي، إلى إستدعاء طائرته وإدراج بيروت على جدول أعماله، حيث تؤكد معلومات "ليبانون ديبايت" انه سيحطّ خلال في موعدٍ أقصاه الشهر الجاري في العاصمة اللبنانية في زيارة رسمية سيجري خلالها لقاءات مع المعنيين، محاولاً ترسيخ الاتفاقيات التي تربط المنظمة الدولية بالحكومة اللبنانية، والاستماع من المسؤولين اللبنانيين عن خططهم الهادفة إلى حماية قوافل المساعدات التي تمر عبر لبنان.
واللافت، أن جدول بيزلي الذي يخصّص للبنان موقعاً مهماً في نشاطه الدائم، متخم، ولو أن سبب الحضور الرئيس هو بحث سبل تأمين إمدادات الغذاء إلى سوريا بعدما تعرضت لاعتداءات، لكن المسألة اللبنانية في ظل حالة إرتفاع البطالة وبدء ظهور موجات من العوز، ربما تدخل ضمن مسار مباحثات المسؤول الدولي مع رئيس الحكومة اللبنانية حسّان دياب، الذي ينظر إلى الزيارة بأهمية من الجانبين الإنساني والسياسي.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News