"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
لم يكتفِ البنك اللبناني للتجارة بصرف 30 موظفاً من مختلف فروعه الخريف الماضي، متظللاً بالازمة النقدية التي تعصف بالبلاد بعدما خيّرهم بين التوقيع على إستقالاتهم أو مغادرة الوظيفة مع خسارة حقوقهم في التعويضات، والتلويح بإحالة عدد آخر مماثل على اللائحة، ليعود ويسجل سابقة أخرى أخطر تمثّلت بفرض "ضريبة إكراهية" على زبائنه.
فبذريعة "الحدّ من الخسائر"، فرضَ البنك اللبناني للتجارة "BLC" عمولة قدرها 5% على الدفعات الشهرية المترتبة على قروض مصرفية بالدولار الأميركي سبق لزبائن أن استلفوها من المصرف، وذلك في حال دفعها بالعملة الوطنية على سعر صرف 1515 ل.ل. والحجة حماية أصول البنك من التآكل بسبب إحتجاب الزبائن عن التسديد بالدولار الأميركي منذ ما بعد 17 تشرين 2019، وهو بالتالي يريد الحفاظ على اصوله واسترداد جزءًا من خسائره.
البنك المذكور يعلم أن سعر صرف الدولار وصل في السوق الموازية إلى حدود 7500 ل.ل وهي في تصاعد أو هبوطٍ مستمرين بحسب مستوى التلاعب الحاصل فيه، بحيث لم يعد هناك من إمكانية لفرض الدفع على الزبائن بالدولار. مع ذلك، وأمام لجوء الزبائن إلى الدفع بالليرة اللبنانية، اتجه البنك نحو ابتكار أسلوب جديد قضى بفرض عمولة 5% على أصل المبلغ المنوي دفعه.
لم يقبل أحد مدراء المصرف في إحدى مناطق بيروت مناقشة أحد الزبائن بعمولة الـ5%. الزبون طلب إبراز إليه التعميم القاضي بفرض هذه العمولة "ليفهم على ماذا يدفع"، لكن المدير رفض إبراز أي مستند بحجة أن التعميم "هو تعميم إداري داخلي موجه إلى الموظفين"، مع ذلك أصرّ الزبون على طلبه داعياً المدير لأن يقدم إليه أي تبرير منطقي. المدير عاد ورفض متكئاً على نفس الحجة "التعميم الإداري". حجة مدير الفرع أن لا معلومات لديه حول التعميم "أكثر من الذي قاله". جلّ ما يعرفه أنه ورد إليه اليوم (الأمس) كتعميم صادر عن إدارة المصرف الذي يعمل فيه، وما عليه سوى التطبيق. وفي ظل محاولات الزبون المتكررة نيل أي توضيح، وإستيضاحه حول وجود علاقة تربط الحادثة بمصرف لبنان، إكتفى المدير بإيماء الرأس والقول "يمكن".
طبعاً الحق في هذه القضية لا يعود على مدير الفرع. هو في الأصل كناية عن موظف مأمور لا يسعى إلى توريط نفسه في "وجعة رأس مع إدارته" ولا إلى مشكلة من زبون في فرعه. حاول الخروج من المعركة بأقل أضرار ممكنة.
لكن تلميحه إلى صدور تعميم عن مصرف لبنان يُعطي أبعاداً أخرى للقصة، كأن المصرف يريد فرض أعراف جديدة على سعر الصرف الرسمي أو بمعنى آخر فرض تعديل على سعر الصرف الرسمي بالممارسة. يأتي ذلك بعد إستقالة الحكومة بأيام معدودة.
إلا أن متابعة "ليبانون ديبايت"، كشفت عدم وجود أي علاقة للمصرف المركزي بأي تغيير مماثل، بل ولم يصدر عنه أي تعميم مشابه، رغم أن المصادر كشفت علم المركزي بخطوة "BLC التي جاءت من ضمن حزمة تعديلات أجراها مؤخراً على سياساته ويتوقع أن تجريها مصارف أخرى قريباً".
مصادر في BLC قالت لـ"ليبانون ديبايت" أن "عمولة الـ5% أتت كتدبير إحترازي إداري داخلي ومؤقت صادر بناء على قرار من إدارة البنك للحد من الخسائر (!)، وقد جاء تبريره تحت خانة الـ commotion لقاء أي خدمة مصرفية من نوع تسديد دفعة شهرية لقرض ما، بصرف النظر عن حجمه".
هنا، لا بد من لفت عناية البنك المذكور ومن خلفه مصرف لبنان، إلى أن التدبير الجاري تطبيقه حالياً يعد عملية احتيال واضحة وموصوفة على سعر الصرف الرسمي المتخذ بقرار رسمي صادر عن الحكومة اللبنانية، وبالتالي لا يحق سواء للبنك أو مصرف لبنان التلاعب بأصل هذا السعر والتصرف به وفق مقتضيات السوق، بل يستحسن التوجه إلى السلطة المعنية!
نقول تلاعب متعمد بسعر الصرف الرسمي لأن عمولة الـ5% ترفع من سعر الصرف 1515 ل.ل بمقدار 5 نقاط إضافية ليصبح بحدود 1520 ل.ل وربما إلى مستوى غير ثابت يُقاس بحسب قيمة المبلغ المنوي تسديده بموجب القرض الشهري. هذه النسبة وعلى قلتها وصغر حجمها وفيما لو جرى السكوت عنها، تُنبئ بما هو أكبر وأفظع. فطالما أنه لدى المصارف قدرة على إدخال تعديلات على سعر الصرف الرسمي ولو بنسب محدودة، يتاح لهم مستقبلاً فرض عمولة وبنسبة أكبر، أي بالأحرى، إمكانية فرض تعديل بالممارسة على أصل سعر الصرف ومن خارج أي تدبير قانوني. وبخصوص هذه الفقرة، يؤكد رجال قانون لـ"ليبانون ديبايت" صلاحية الفرد بملاحقة أي بنك يتعاطى بالأسلوب نفسه أمام القانون، لكونه يكتسب أرباحاً بالاحتيال.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News