المحلية

الأربعاء 19 آب 2020 - 04:00

على حافّة التدويل.. والسّلاح صاحٍ

على حافّة التدويل.. والسّلاح صاحٍ

"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني

بدا واضحاً، أن الإنفجار الذي حصل في مرفأ بيروت وما نتج عنه من كوارث إنسانية واجتماعية واقتصادية، قد رسم ملامح سياسية جديدة في لبنان بحيث لم يعد التعاطي السياسي يقتصر على النزاعات حول موقع وزاري من هنا أو قانون انتخابي من هناك. فقد تحوّل الصراع من نزاع مذهبي أو طائفي وحتّى حزبي، إلى صراع وجودي له علاقة بهويّة لبنان المستقبلية وطريقة الحكم فيه، والأبرز طريقة التحالفات الجديدة، الداخلية منها والخارجيّة.

هي مرحلة يعترف الجميع بمدى أهميّتها وخطورتها في آن. فما كان يسري قبل التفجير على الصعيدين السياسي والشعبي، لم يعد صالحاً بعده خصوصاً لجهة إستئثار البعض بالحكم وتفاصيل حياة اللبنانيين ونمط عيشهم، بالطريقة التي كانت تُريحه وتجعله يفرض سلطته وسطوته على جميع القرارات في البلد وخصوصاً لجهة تحديد مساره ومصيره، بالإضافة إلى تحديد أولوياته، ودائماً على قاعدة "ما في شي".

المؤكد أن السلطة الحالية الحاكمة والقابضة على كافّة مفاصل الحياة، قد أخفقت كما لم تُخفق أي من سابقاتها في إدارة البلاد وشؤونها. فهذه السلطة قد عجزت حتّى عن تحقيق أدنى الوعود التي كانت أطلقتها غداة وصولها إلى سدّة المسؤولية، وهي نفسها عجزت عن احتواء تفشّي فيروس "كورونا" يوم أدارت ظهرها للطائرة الإيرانية التي كانت حطّت على أرض مطار بيروت، وهي نفسها أوصلت حياة اللبنانيين المعيشية والاجتماعية الى هذا الدرك، وهي أيضاً تُحاول التملّص اليوم من مسؤولياتها حيال إنفجار المرفأ والتهرّب من نتائجه وإدارة ظهرها للفاجعة والتعامل معها على أنها واحدة من الأزمات التي يُعاني منها لبنان.

اليوم يبرز عامل إنقسام جديد قديم بين اللبنانيين يتمثّل بقرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والقرارات التي صدرت عنها والتي قد تضع في المُقبل من الأيّام، طرفاً لبنانياً أساسيّاً في مواجهة مباشرة مع أكثر من نصف الشعب اللبناني، ولو سياسيّاً وذلك في ظل إصرار الجميع على أولوية السلم الأهلي وعدم الإنجرار وراء الغرائز المذهبيّة والحزبيّة. على الرغم من أن الأولوية هذه مُعرضة أكثر من اي وقت مضى، لإهتزاز، ذلك نتيجة تقاعسها عن القيام بواجباتها، الأمر الذي دعا االسواد الأعظم من هذا الشعب، للمطالبة بتدويل الأزمة اللبنانية، لاعتقادهم أنه خشبة خلاصهم للتخلّص من كل هذه الطبقة الحاكمة.

بطبيعة الحال، فإن فريقاً كبيراً من اللبنايين يرى أن "حزب الله" هو جزء أساسي لا بل رئيسي من المشكلة اللبنانية، وأن سلاحه هو الذي يرسم ويُحدد سياسة البلد، طبعاً من خلال التماهي مع عدد من الاطراف السياسية والحزبيّة. من هنا يذهب خصوم "الحزب" في قراءاتهم السياسية المُستجدة، إلى أن ما يمر به "حزب الله" اليوم وتحديداً بعد التفجير، يعتبر من أصعب وأسوأ المراحل التي تمر عليه منذ سنوات طويلة. ويرى خصوم "الحزب" أن جزءاً من جمهوره لم يقتنع بالجزء المتعلق بتفجير المرفأ في خطاب السيد حسن نصرالله، تماماً كمثل عدم اقتناع اللبنانيين بنفي وجود علم لديهم حول خروج عامر الفاخوري من سجنه في وزارة الدفاع.

أمّا على ضفّة حلفاء "حزب الله"، فإن الأمور مُختلفة في الشكل والمضمون. في الشكل يعتبرون أن ما يحصل اليوم من "همروجات" سياسية وعراضات على حساب قضيّة في غاية الإنسانية وعلى حجم الدمار والخراب الذي خلّفه مستغلّين أوجاع الناس، إنّما يندرج في إطار تأليب الرأي العام اللبناني ضد جهة محددة وذلك بعد إخفاق هذا البعض في تحقيق نتائج مرجوة سواء في السياسة، أو في الميدان الداخلي والخارجي. وهم أنفسهم اليوم يُقامرون بحياة الناس ويُغامرون بأوجاعهم بهدف تحقيق ما عجزوا عنه طيلة السنوات الماضية.

أمّا في المضمون، فيعتبر الحلفاء أن المخطّط الأميركي ـ الإسرائيلي يبدو واضحاً اليوم أكثر من أي وقت مضى لجهة استهداف "المقاومة" في لبنان. وللأسف هناك وثائق مُثبّتة تؤكد ضلوع جهات وأحزاب لبنانية في هذا المُخطّط. واكثر من هذا، فإن بعض هؤلاء يُبدي أمام الخارج جميع الإستعدادات للإنخراط في عملية "تصفية المقاومة"، إنطلاقاً من عمليات تسلّح وتسليح بدأ السعي اليها داخل مناطقهم ومجتمعاتهم.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة