المحلية

الجمعة 21 آب 2020 - 03:50

برّي يجمع عون بالحريري..."مصارحة ومصالحة"

برّي يجمع عون بالحريري..."مصارحة ومصالحة"

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

يدير نبيه برّي مشوار تقريب وجهات النظر بين ميشال عون وسعد الحريري (مع حفظ الألقاب للجميع). إنها الوظيفة الأحب إلى قلب رئيس المجلس. طريق الألف ميل يبدأ بخطوة من قصر بعبدا. بري يُريد إدارة هذه الخطوة، وهو كان قد وضعَ الأسس الصلبة لها في القصر "الحريري في السراي بالاتفاق مع بعبدا".

قبل دخول "الحراك التشاوري" مداره الرئيسي تتويجاً لزيارة برّي إلى عون، تولّى الرئيس سعد الحريري إبلاغ من يعنيهم الأمر، وبري من ضمنهم، أنه يؤيّد فكرة تولّيه تشكيل حكومة جديدة، لكنه سيعمل بصمت، وهو سينتظر العروض التي ستُمنح له ما دامَ أن قائمة شروطه أصبحت معروفة لدى الجميع، وبناءً على ذلك يُقرّر.

من بين الرسائل التي وزّعها، واحدة تضمنت رغبةً لديه في تأمين مظلّة دوليّة تُساهم في دخولهِ السراي، وهو في صدد العمل على ذلك، وأخرى، ممانعته زيارة قصر بعبدا قبل التكليف، بمعنى أنه يريد مساعدة من طرف آخر لترتيب خطوطه مع القصر. هُنا، تبرّع الرئيس نبيه برّي بالدور وهو الذي كان قد زرعَ في رأس الحريري، أن "كرسي السراي" لن تؤول إلى غيره هذه المرّة. في المحصلة، تفاهمَ الرجلان عبر معاونيهم، على أن يتولّى الحريري مهّمة إقناع الخارج في جدوى دخوله الحكم مرّة أخرى فيما يتولى برّي مهمة تمهيد الأرضية في الداخل.

خارجياً وبخلاف كل ما يقال، لا همّ للدول المعنية بالشأن اللبناني إلّا شيء واحد "وزن حزب الله داخل السلطة التنفيذية" لا الحضور بالصورة، هذا الأمر، يريد الحريري من برّي ترتيبه داخلياً، أي يصبح مقبولاً لدى الغرب ولدى الحزب ايضاً، فيما يتولى هو مهمة تسويقه في الخارج.

عون من ناحيته، يسعى إلى تفاهم مسبق مع الحريري قبل دخوله السراي. يسكن الرجل هاجس الحكومتين الماضيتين وكسل الحريري وقلّة حركته، وفي السنتين المتبقيتين من عمر العهد، يريد عون تحقيق شيء ما أو المأسسة على تحقيق إصلاح يقود إلى تغيير، وقد وضع برّي في هذا الجو خلال لقائهما "الصريح" أول من أمس. هو قَبِل بالحريري مقترحاً من برّي بحكم الأمر الواقع الذي فرضته ليس فقط العوامل السياسية بل التدخّلات الدوليّة. عون ولو أنه غير متحمّس لعودة الحريري على قاعدة "إلي جرّب المجرّب"، لكنه استكانَ إليه بحكم أنه غير قادر على تعطيل هذا المسار المتداخل بين ما هو محلّي وما هو إقليمي ودولي.

ولأن الخطوط بين عون والحريري مقطوعة، تبرّع الرئيس نبيه برّي بتأدية دور صلة الوصل، فيما تولى الرئيس عون مسألة التياّر الوطني الحرّ، بمعنى أن يوفّر مظلة تكفل إدارة التفاوض بشكل مرن من دون تدخّلات أو تأثيرات تأتي من الخارج.

وهكذا... انتقلَ الجميع إلى الشوط الحاسم من المباراة. حزب الله في المقلب الآخر، أبلغَ الجميع أنه مع التوافق، والسياق العام يُظهر أن هناك مرونة واضحة يبديها الحزب، وهو قرأ كلام الحريري من لاهاي فور صدور حكم المحكمة الدولية بطريقة إيجابية رغم كل شيء، وبالتالي هو مستعد لتوظيف مرونته في هذا المسار.

قبل أي شيء آخر، لا بد من الاتفاق على الخطوط العريضة للحكومة. الجو العام تقريباً، يوحي بأن النقاش على اشدّه. يدور الحديث عن تركيبة "تكنو-سياسية" ضمن تشكيلة مصغّرة تُشبه من حيث الشكل تلك التي قادها حسان دياب، لكن ذلك ليس ثابتاً بعد، وهنا، يُسجل نجاح برّي في إنتزاع عقدة مطلب عون القائلة بحكومة أقطاب. للرئيس الحريري شروطه ايضاً. هو يريد أن يضعَ ثقله في التشكيل من دون تدخّلات من الخارج، يقصد الأحزاب طبعاً، بمعنى أن لا يكون هناك تدخلات تؤثّر على مسار التشكيل. الآخرون يبدون استعدادهم متى تفهّم الحريري مطالبهم، شرط ان تكون الاختيارات مقبولة لديهم، وان لا تأتي التشكيلة مثلاً على حساب مكتسباتهم السياسية ولا حضورهم. هنا، يُطالب الرئيس عون أن يكون الاتفاق شاملاً، بمعنى أن لا يكون فقط على تركيبة وتشكيلة الحكومة، بل على بيانها الوزاري ومشروعها وخطابها ورؤيتها نحو الغرب والاصلاحات وما يتصل بكل ذلك، ويُقال أن عون، لا يريد في ختام عهده أن يجعل من الحكومة ميداناً للاشتباك السياسي بل ميداناً للعمل.

الآن، المشاورات في الظل تدور بهدوء، وفي الفترة المقبلة سيوكل أمر وضع النقاط على الحروف إلى خدمات المعاونين السياسيين، على أن يكون تخريج الاتفاق الشامل من صلاحية رئيس مجلس النواب. وتكشف معلومات "ليبانون ديبايت"، أن برّي سيتولى الإعلان عن الاتفاق حين ينجز من قصر بعبدا من خلال لقاء "مصالحة ومصارحة" يجمع الرئيس ميشال عون بالرئيس الحريري على بركة الاتفاق، وفق نفس المقادير التي أسّست لـ"صلح عون – جنبلاط" سابقاً. من هنا تكون البداية.

الأطراف المعنية بإنجاز الاتفاق وترتيباته حدّدت لنفسها مهلة قصوى تنتهي نهاية الاسبوع القادم، وفي حال الوصول إلى الغايات المرجوّة، يُتاح تحديد موعد للإستشارات النيابية الملزمة التي ستأتي ترجمةً للاتفاق، أي أننا أمام اسبوعٍ حاسم يسبق "اسبوع الاستشارات"، والسباق على تأمين الاتفاق قبل بداية أيلول موعد الزيارة المفترضة للرئيس الفرنسي، طبعاً في حال سارت الأمور بالايجابية المنشودة.

لكن هذا الاتفاق وعلى أهميته في حال إنجازه، لن يشمل البعد السياسي، بمعنى أنه لن يُنهي الخلاف المتراكم بين تيّار المستقبل والتيّار الوطني الحرّ، بل أنّ وظيفته الحالية إنهاء القطيعة بين رئاسة الجمهوريّة والرئيس سعد الحريري ما يُمهّد إلى تشكيل الحكومة وإعادة المياه إلى مجاريها بين مؤسسات الدولة. في مكانٍ آخر، ستُحال العلاقة بين التيّارين الأزرق والبرتقالي إلى الهدوء النسبي، على أن يحكمها ربط النزاع والمساكنة تحت سقف تنظيم العلاقة بين الرئاسة الثالثة العتيدة ورئاسة الجمهوريّة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة