"ليبانون ديبايت" - وليد خوري
على وقع رصاص الابتهاج الهمجي "لجماعته" على خطى شبيحة الثنائي، نوّر سعد الحريري اطلالته التلفزيونية من ستوديو الـ "ام تي في" في النقاش، الذي اعتاد ان يكون ملقى الثوار بعدما "صار الوقت"، متخطّياً المخاطر والمحاذير الامنية، منتقلاً الى النقاش" ليبق البحصة القاعدة ع قلبه".
رفعَ السقف دون ان يكسر الجرّة، واقفاً على خاطر فائض قوة حزب الله، هو الذي بات يستسهل التراجع امامه بحجة الحفاظ على الوطن ودرء الفتنة. مراهناً على رئيس الجمهورية لتأمين الميثاقية المسيحية، وعلى "مَونة" الرئيس ماكرون على المختارة، راسماً بذلك خارطة وصوله الى الكرسي الثالث، في الذكرى الاولى لخروجه منها تحت ضغط الثوار.
عملياً شيئا لم يتغير، سعد الذي تنازل مصرّ على تنازله، ومستعدّ للعودة ضمن شروطه الجديدة، فيما لا شيئ يوحي بأن الآخرين تغيروا.
وواضح ان الشيخ سعد راغب بالعودة و "بشدة" الى السراي، منذ اللحظة الاولى لاعتذار الرئيس اديب، من هنا يبدو انه خلال اجتماع نادي الرؤساء السابقين اسقط طرح الرئيس ميقاتي بحكومة تكنو-سياسية ، متبنياً خيار حكومة اختصاصيين، حيث تركّزت استراتيجية العودة على النقاط التالية:
-تراجعه بعد اصرار، عبر البيانات الرسمية والتسريبات الاعلامية، ليصبح "المرشح الطبيعي"، و"بلا جميلة حدا"، متناسياً على ما يبدو ان" حليب ماكرون" يقف عند حدود واشنطن والرياض، ومعراب وميرنا الشالوحي وحارة حريك. وعليه هو "بحاجة لجميلة الكل" ليصبح رئيساً للحكومة اذا ما كتب له المعنيون ان يكون مكلفاً قبل ان يشكل.
-حاول احراج الاطراف في مسالة انتزاع اقرار منهم بالتزامهم من جديد ورقة قصر الصنوبر الاصلاحية، عله في ذلك يضع المعطل في وجه فرنسا، التي اساساً نفضت يدها مما كتبته. فهل" من عقله" ان السيد سيتراجع عن مواقفه ويقبل بمواضيع صندوق النقد والضريبة المضافة وما اليها؟
-فتحه النار على الجبهة المسيحية بشكل مركز على القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، مصيبا بشظاياه رئاسة الجمهورية، محملاً الثنائي المسيحي وخلافاته مسؤولية الخراب وفشله في ادارته لحكوماته. فهل هو اتفاق ثلاثي جديد سني - شيعي ضلعه الثالث درزي تحت الطاولة، هدفه اخراج المسيحيين من جزء اساسي من السلطة التنفيذية؟
-ترويجه لفكرة حكومة اختصاصيين يكون هو رئيسها، باعتبار ان رئيسي الجمهورية والمجلس يمثّلان سياسيا، مع تشبثه بتنازله عن المالية للثنائي الشيعي، ولاحقاً تمرير اختيار الوزراء الدروز لبَيك المختارة، الذي حاول ان لا يقطعها معه مبرراً التوتر الذي ساد اتصالهم الاخير. مع الاشارة الى انه التزم المخرج الجنبلاطي الذي تبناه الفرنسي.
-التوتر الشديد الذي ظهر عليه في اكثر من محطة خلال حديثه، وعند اكثر من سؤال حيث "عصب الشيخ" لاسيما عند سؤاله عن الفيتو الخليجي - الغربي الذي حال دون عودته سابقا. وقد بدا في رده انه "فاقد الاتصال بالواقع تماما"، محملاً هذا الخارج مسؤولية ما وصل اليه حزب الله من قوة، متّهما الاميركيين صراحة بتفجيرهم التسوية مع فرضهم العقوبات التي فعلت فعلها.
-هجومه "الودود" على الثنائي الشيعي، حيث لجأ الى منطق "ضربة عالحافر ضربة عالمسمار"، معيدًا تنازلاته كلها ومبررا مواقفه الاستسلامية بفائض القوة الذي تستخدمه الحارة في الداخل اللبناني، والذي يجعل "الشيخ" لا حول ولا قوة له سوى الاستسلام.
- حملته المريبة ضد مدير عام امن الدولة اللواء طوني صليبا ووصفه بأنه "حجر داما" يحركه رئيس الجمهورية، قبل ان يكرر هجومه عند حديثه عن انفجار المرفأ وربطه بأمن الدولة بطريقة غير مباشرة، ناصحا "بالتفتيش عن المال" للوصول الى حقيقة ما جرى في الرابع من آب.
-رسالته الودية لشقيقه "بهاء" واستعداده لتقبيل يده باعتباره شقيقه الكبير، ورد الشيخ بهاء على التحية تويترياً، مع تقاطع الاثنين على ان الخلاف شأن عائلي.
اكيد ان ايحاءات الشيخ سعد بتلقيه ضمانات تعبد له طريق العودة للسراي، ليست سوى "عشم ابليس في الجنة". فرمي بيت الوسط "بيضاته" في سلة الاليزيه، ما هو الا تعلق الغريق بقشة "مبادرة" ولدت ميتة اساساً، وانعاشها في واشنطن والرياض، لا في بيت الوسط.
فالشيخ سعد بدا "مصدق حاله" انه يمكن ان يكون خشبة خلاص البلاد من الانهيار الذي كان احد ابرز الشركاء فيه لسنوات، محاولا تطبيق قاعدة" كلن يعني كلن الا انا مش منن".
اذا "ما لحقنا المصاري لنعرف المتورط بانفجار المرفأ" ،فإن المبادرة الفرنسية "بتوصلنا" الى حكومة تحالف الثنائي المقاوم - الحريري.
فهل ينجح الشيخ في انقلابه الجديد؟ هل سقطت العوائق التي منعته من القبول سابقاً؟ هل من متغيرات في الافقين الدولي والاقليمي تعيد الحريري وتحتم على حزب الله الرضوخ؟ وهل يقفل الاسبوع المقبل على عودة الحريري رئيساً مكلفاً؟ هل سينجح الشيخ سعد في جرّ الاخرين الى حيث يريد؟ وهل سيستطيع احراجهم؟ ولماذا سيقبلون اليوم ما رفضوه بالامس؟
في الوقائع كل شروطه مرفوضة من الثنائي الشيعي، ونفخه الروح بالمبادرة الفرنسية الميتة لن ينفع، فالشيخ لم يتعلم من تجربة الرئيس عون الفرنسية عام 1990.
هي اسئلة كثيرة ستتظهر الاجوبة عليها خلال ايام قليلة، الارجح ان تنتهي بتأجيل الاستشارات لمزيد من التشاور.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News