"ليبانون ديبايت" - سليم خوري
في الوقت الذي تتخبط فيه السلطة بسبب فشلها في إدارة البلاد على حساب تأمين مصالحها الخاصة ونهب مقدرات الدولة، لم تنجح المعارضة التي نزلت إلى الشارع تحت عنوان الثورة في الاتفاق على رؤية واحدة وجامعة لإسقاط هذه السلطة أو على الأقل، تغييرها والدخول في مرحلة إنتقالية. في ظل هذا الواقع الضبابي، خرج دخان أبيض من عمق الثورة التي إنطلقت في 17 تشرين 2019 متمثل بمنصة تضم عدداً من مجموعات الثورة التي ترى أن الوسطية بين الشعارت المطروحة على بساط البحث، هو السبيل الأفضل للوصول الى تغيير حقيقي وفعلي لهذه السلطة القائمة. وان الثورة انتقلت من مرحلة الطلب الى مرحلة العرض، اي الى مرحلة اعداد الاوراق السياسية التي على اساسها ستخوض الانتخابات المقبلة.
ونجحت الناشطة السياسية والمحامية رندلى بيضون في تقديم نموذج جديد للثورة التي إنطلقت في لبنان مع عناوين غير إلغائية بعكس تلك التي طرحها وأصر عليها الوزير السابق شربل نحاس مستنداً الى رؤيته اليسارية في التغيير، او عناوين مواجهة شاملة طرحها الناشط السياسي ايلي خوري في حلقة 2030 على قناة "ال بي سي".
وفيما رفض نحاس الدستور الحالي واعتبره فاقداً الصلاحية وأوصل البلاد الى ما نحن عليه اليوم، اعتبر خوري أن الدستور الحالي "ورق تواليت" وغير نافع لشيء، لكن بيضون اعتبرت أنه يمكن البناء على الدستور الحالي للمستقبل في حال طُبق، بداية من تطبيق المادة 95 منه ومن خلال تحقيق اللامركزية الإدارية.
وجسدت هذه الحلقة التخبط الفعلي الذي تعاني منه الثورة في طريقة التعاطي مع سلاح "حزب الله". نحاس برر بشكل او بأخر أهمية بقاء سلاح الحزب في ظل العداء للصهيونية المجاورة للبنان، فيما رفض خوري كلياً فكرة السلاح وحملها مسؤولية ما يجري، مشدداً على عدم وجود دولة فعلية في ظل سلاح "الحزب".
أما بيضون، فأعتبرت ان "السلاح كان دوره قوياً وضرورياً كي تعود إلى قريتها بنت جبيل وفي عملية تحرير الأرض، لكن هذا الطرح لم يعد مقبولاً اليوم ويجب إعادة النظر بموضوع السلاح والعمل على طريقة بديلة في المقاومة، الإقتصادية والثقافية والسياسية، أي بمعنى أخر أن لا ينخرط لبنان في أي معسكر، أكان معسكراً ايرانياً، او أميركياً، او سورياً.
وفي موضوع الحياد، قدمت بيضون سنغافورة كمثال على النجاح في تحييد البلاد عن الصراعات، حيث نجحت هذه الدولة بتحييد نفسها عن الصين وأميركا وان تستوعب الاتنيات المكونة منها. واعتبرت ان قدرة تحييد لبنان عن الصراعات ليست صعبة، لكن الحياد صعب حالياً في ظل حال العداء بين لبنان وإسرائيل.
بلغة بسيطة بعيدة عن العنف الكلامي وواضحة وشفافة، اعتبرت أن الثورة لم تسقط، وأنها إنتقلت من الطلب الى العرض، أي بمعنى أخر، صحيح ان المجموعات التي اجتمعت في الثورة لم تكن موحدة، لكنها اليوم تُنظم صفوفها إستعداداً للإنتخابات المقبلة التي تعتبرها الطريقة الأمثل لتغيير السلطة الفاشلة القائمة. ومن دون أن تنكر نجاح بلطجة السلطة في إخافة الثوار من الفتنة والتهديد بالحرب التي جعلتهم يخروجون من الشارع، إلا أنها اعتبرت أن الثورة تنظم صفوفها للمرحلة المقبلة، كاشفة عن خط وسطي يجمع بين اليمين واليسار، بلغة وسطية تتحضر لمرحلة الانتخابات وتعد العدة الكاملة لخوض معركة إستعادة الحقوق عبر صندوق الإقتراع، بعكس ما اعتبر نحاس أن الانتخابات لن تغيرشيئاً في الواقع الحالي.
ولم تسكر بيضون بالمبادرة التي قدمها نقيب المحامين ملحم خلف بالنسبة لقانون الإنتخاب، وقدمت ملاحظاتها منطلقة من ضرورة تطبيق المادة 95 من الدستور، وصولاً الى عدم تطرق هذه المبادرة لموضوع سلاح "حزب الله" الذي لم يعد بالإمكان السكوت عنه.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News