المحلية

الجمعة 11 كانون الأول 2020 - 04:00

"الغضبُ السنيّ" يطرقُ بابَ الحريري

"الغضبُ السنيّ" يطرقُ بابَ الحريري

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

لا أحد في وارد أن يحسد رؤساء الحكومات السابقين على موقفهم. خطّط الجماعة كي يستعيدوا "حقوق رئاسة الحكومة المسلوبة"، وفق توصيفهم، عبر إخضاع رئاسة الجمهورية إلى أمر واقع سياسي عنوانه العودة بسعد الحريري إلى مزاولة مهنة الرئاسة، ليكتشفوا لاحقاً أن هذه المحاولة لم تأتِ بالمفاعيل المطلوبة، فسقط مسعاهم... على الأرجح!

حين حضر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مجلس رئيس الجمهورية ميشال عون بعد أن عزم أخيراً على تقديم تشكيلة حكومية مؤلفة من 18 وزيراً، عاجله عون بتسليمه توليفة "من بنات أفكاره وأفكار معاونيه". صمت الحريري وتفاجأ، ثم تنهّد، وأخذ "الظرف"، وخرج ليقف أمام الصحافيين والوجوم يعم وجهه، ليقول أمامهم: "إن شاء الله الأجواء إيجابية".

بعد ذلك، نفترض أن الحريري تفحّص في السيارة في طريق عودته إلى منزله في وادي أبو جميل "تشكيلة عون"، وعلى الاعم الأغلب وجدَ أنها لا تلاقي تطلعاته "ذات الامتدادات الفرنسية" والتي عبرَ عنها من خلال التشكيلة التي تقدم بها. شيء من هذا القبيل ولّد لدى الحريري نقزة. والنقزة ذاتها إنعكست على رؤساء الحكومات السابقين ودار الفتوى وإن بدرجات متفاوتة. الطرف الأول ظنّ أنه ومن خلال دعم تسمية الحريري للعودة إلى السراي يُعيد شيء من "صورة" رئاسة الحكومة "المستنزفة"، أما الطرف الثاني ما زال حبيس مَيل الحريري صوب "الادارة الفرنسية" على نحوٍ متدهور.

لكن الطرفان يجمعهما أو جمعتهما فكرة واحدة وهي أن عون في خطوته تلك، قد استباح حقوق الطائفة السنية الدستورية وشكّل سابقة دستورية تخرج عن إطار التشاور، وسلب رئيس الحكومة المكلف ميزته الاساسية، تأليف الحكومة، على نحوٍ بات رئيس الجمهورية شريكاً و مؤلفاً في الوقت عينه!

ليس سراً، أن المستوى السني، وبنتيجة ما حدث غروب الأربعاء، يعمه السخط! عبّر عن ذلك من خلال منصّات مواقع التواصل، وعبر مواقف المستويات السنية كافة بخاصة تلك المحسوبة على تيار المستقبل بل وامتدت حتى طال موقع نائب رئيس التيار الذي يجسده بصورة فعلية النائب السابق مصطفى علوش الذي أعلن أنه في حلٍ مما جرى.

درجات الاستياء ذاتها وردت إلى الحريري من قناة دار الفتوى، التي وبحسب ما توفر من معطيات، مستاءة جداً مما حصل، وكيفية سماح الحريري بهذا التعدي على صلاحياته، وكأننا بدار الفتوى أن سألت الحريري عن كيفية قبوله أخذ التشكيلة من عون وحملها إلى بيت الوسط من دون أن يكون له موقفاً واضحاً، وإذا كان ولا بد، لبحث ذيولها مع الرئيس في مجلسه، وسجّل موقفاً لديه من أنه غير راضٍ عما جرى وغير معني باصطحاب أي تشكيلة مكتوبة معه لا يتولى هو تقديمها بحكم واجباته الدستورية، والحديث لمصادر سنية رفيعة!

مع ذلك، بدا نهار امس أن الحريري عمل أو يعمل على محاولة إمتصاص "الغضب السني" الذي وصلت مفاعيله إلى بيت الوسط، حين عكف على إدارة تسريبات ممنهجة تقلّل من قيمة ما قدم إليه من قبل رئاسة الجمهورية، موحياً أنه في صدد الرفض. في المقابل يرفع من مقادير ما رفعه هو إلى الرئاسة عبر التشكيلة، وبالتالي يصبح أن حرب التسريبات التي دارت عبر أكثر من وسيلة ليست علامة توحي بالإيجابيات التي سبق وتحدث عنها الحريري بنفسه ابداً!

من الواضح أن الايجابية الحكومية التي جرى الحديث عنها تبخرت، وهذا إنما يستدرج ردود فعل قاسية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. في المقابل الحريري بات أسير أكثر من جهة. هو أسير تحقيق "إختراقة" تصلح لاستقبال صديقه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيروت. وأسير إتخاذ موقف يراعي دعوات وأفكار زملائه في نادي رؤساء الحكومات السابقين الذي يحتاجه كأداة فعالة في إدارة الحكم وحمايته لاحقاً. وهو ايضاً أسير مطالب رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحرّ اللذان يتعاملان مع الموقف وكأن لا بلد يلاطم الرياح.

كما هو أسير حزب الله بالتحديد، الذي تولى الحريري بالنيابة عنه رفع أسماء لمقعدين شيعيين يجدر أن يشغلهما مقرّبين من الحزب، وذلك من دون تنسيق مع حارة حريك الذي ضرّها ما حدث. وأسير إملاءات النائب السابق وليد جنبلاط الذي يفرض على الحريري منحه الحصرية الدرزية ولو تطلب ذلك خلط البارود مع النار في وعاء واحد. أسير مطالب رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان ومن خلفه رئيس تيار التوحيد وئام وهاب اللذان يحضران لتأمين حشد درزي معارض لاستفراد جنبلاط بمقعد الطائفة الوحيد!

وهو اخيراً أسير الاميركيين الذين يريدون حصة من الحكومة ايضاً، وأسير المصارف وأصحابها والمودعين والشارع المقبل على رفع معضلة رفع الدعم... الخ!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة