قاسم حدرج ( المستشار في القانون الدولي)
كنت أنوي كتابة مقال عبارة عن مطالعة قانونية، أفند من خلالها المخالفات الجسيمة التي ارتكبها المحقق العدلي، القاضي فادي صوّان ولكنني عدلت عن الفكرة لأن جوهر القضية لا ينطوي على مخالفة قانونية بقدر ما ينطوي على عملية قرصنة لمواده واستخدامها بطريقة غير مشروعة وبحيث يتحول من خالف القانون والدستور بشكل واضح وصريح الى روبن هوود العدالة، أنه وان كان فعل السرقة هو عمل جرمي الا انه يتحول بفعل الشعبوية الى عمل بطولي وهذا ما حصل مع القاضي صوان الذي يقود الملف على طريقة الرالي محاولا الوصول الى علامة النهاية بأسرع وقت ودون حوادث ولكنه اكتشف ان السير بالمسارات الطبيعية لن تمكنه من الفوز بالسباق وبالتالي سيخسر تصفيق الجماهير وكأس العدالة الشعبوية ولم ينتظر طويلا امام اشارة مجلس النواب التي أضاءت اللون الأحمر ورفعت يافطة ممنوع المرور.
لأن الطريق غير سالك قضائيا والمستندات التي بحوزته لا تخوله العبور من هذا الطريق فكان ان التف بأرضه وسلك طريقا غير معبدة عازما على الفوز بالسباق ولو بطريقة غير مشروعة متجاوزا اشارات المرور ويافطات عكس السير معتمدا على الأثارة والتغطية الاعلامية لأستعراضه كبديل عن نيل الكأس.
انا شخصيا لم اصاب بخيبة الأمل بقرار الأدعاء السياسي لأنه لم يكن عندي اصلا أمل بتحقيق العدالة كي اصاب بخيبتها فالعدالة في لبنان ليست عمياء ولا صماء بل تعمل بحواسها الخمس بمنتهى الفعالية السياسية وبحيث يميل ميزانها طبقا لموازين القوى السياسية التي تتكفل بما تملك من وسائل اقناع وأبهار وسيطرة على العقول بأظهار صورة الرذالة على انها ايقونة العدالة طالما ان العدالة في عين الذئاب تتحقق عندما تفترس الأغنام وطالما ان العين الذهبية للعدالة لا ترى الا ما يطلبه الظلم وبعد ان اعتقدنا ان القضاء اللبناني لن يفوت هذه الفرصة الذهبية التي واتته لأستعادة الثقة المفقودة بهذا القضاء وقضاته الا انه وللأسف لم يفوت هذه الفرصة فحسب بل حكم على العدالة بالأعدام رميا برصاص الأنتقائية وبدلا من ان يعمد الى تضميد جراح المنكوبين وتسكين الام المكلومين غرز عميقا في صدرهم السكين لأنهم دون شك غير مقتنعين بأن المتهمين هم من ارتكبوا جرم الأهمال الأداري على فرض حصوله بينما ينجو من استورد وخزن ومن لم يستجب على مدى سبع سنوات لنداءات الاستغاثة.
ومن تنازع بالاختصاصات ومن حفظ الملفات في سلسلة متصلة من مديرين الى مسؤولين أمنيين وصولا الى قضاة مستهترين ان لم يكن بين هذه السلسلة من هم متورطين ومتأمرين فأغمضت العدالة عينيها عن كل هؤلاء وحطت مطرقتها على رأس من كان رأسه مشغولا بمئات الملفات الشائكة التي راكمها كل من ذكرت نتيجة تقاعس القضاء عن محاكمتهم ومحاسبتهم فاستشروا واستشرسوا فسادا وقلموا اظافر القضاء وخلعوا له انيابه ولكنه للأسف استفاق من غيبوبته وليته لم يفعل لأن الحلم الذي تمنينا ان نعيشه مع هذا القضاء بأن نراه يضرب مطرقته على رؤوس المجرمين تحول بين قرار وضحاياه الى كابوس أين منه كابوس انفجار المرفأ.
وقد يتسبب بكارثة تفوق كارثة الأنفجار بأضعاف مضاعفة لأن الظلم في اي مكان هو تهديد للعدالة في كل مكان واصبح بالأمكان ان نقول بالفم الملأن لقد سقطت العدالة في الأمتحان فأية عدالة تلك التي تحبس النداف وتستجوب صليبا وتشير بأصبع الأتهام لحسان هذه عدالة تستحق ان يكسر لها الشعب الميزان.
لأنه اصبح مختلا لدرجة افقدتنا الأمل بأمكانية الأصلاح فما قرأناه عن قانون ساكسونيا الذي ينزل اشد العقوبة بالمواطنين اذا ارتكبوا جرما بينما تنزل العقوبة بخيال النبلاء اذا ما ارتكبوا ذات الجرم ظنناه رواية من عالم الخيال الى ان اكتشفنا ان في لبنان قانون صانصونيا الذي تمخض في جبل العدالة فولد مسخا أسماه قرار عدلي وما هو الا اعلان وفاة للمرحومة الغير مأسوف على احكامها (العدالة) فيا حضرة القاضي فأذا كنت تظن ان قرارك ضد حسان من صوان فأن للعدالة فرسان لم تلقي سيفها ولن يطوش سهمها وستصوب المسار وستخوض المعركة الى جانب الرئيس الأدمي النظيف ليس نصرة له بل نصرة للحقيقة ولدماء الضحايا كي لا تضيع في زحمة الكيدية السياسية التي اوصلتنا وأوصلت العدالة الى هذا الدرك وقد صدق من قال ان العدالة عمياء فلربما لهذا السبب هي لا تميز بين الاخيار والأشرار ولهذا بقيت سر من الاسرار لم تكتشفه البشرية حتى الأن والخوف ان تكتشفه بعد فوات الأوان.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News