المحلية

الثلاثاء 01 كانون الأول 2020 - 04:00

الحريري... "إِرحلْ"

الحريري... "إِرحلْ"

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

مرّة جديدة يقع الرئيس سعد الحريري فريسة تضليله المتعمّد. لقد وصل إلى الذروة في ما له صلة بإشاعة الأنباء الزائفة. الثلاثاء، أمسى على وعد الناس بعيدية حين ربط تأليف حكومته بزمن يسبق ليلة الميلاد ثم أصبح الأربعاء على إنقلابٍ على التفاؤل الذي أرساه بنفسه حين وضع موعداً جديداً للتأليف في المتناول حدد زمانه بعد رأس السنة!

إذا كان سعد الحريري بصفته رئيساً مكلفاً تأليف الحكومة لا يعلم موجبات وظيفته ويجهل كيفية الولوج إلى الحلول أو طريقة الاعلان عنها ولا يفقه فن التعاطي مع الناس ولا يقدر على تأليف حكومة، فليعلن عن ذلك ببساطة أو يرحل! لم تعد القضية قضية تأليف حكومة فقط أو مجرد إتهام لسعد الحريري أو غيره بالعرقلة. أمست القضية قضية أخلاقية. فمن غير المبرر أن يكذب هو أو غيره على الناس ويبيعها أوهاماً عن قرب التأليف لا تخدم إلا سعر صرف الدولار الذي أضحى لاعباً في الازمة ثم يتبين لاحقاً أنها مجرد سراب. هذا أمر لا يمكن تبريره لا سياسياً ولا أخلاقياً فكيف يمكن للحريري أن يبرّره من على منبر المسؤولية؟

الحريري وبفعلته تلك، قذف التأليف عملياً إلى موعدٍ مجهول وغير محدد من السنة الجديدة ثم خرجَ من قصر بعبدا متجهاً على الأرجح لمغادرة البلاد لقضاء فترة الأعياد مع عائلته في الخارج ومن غير المعروف متى يعود أو بأي شكل سيعود. قلنا بالأمس أن الرئيس المكلف مسؤول عن إشاعة الأجواء الايجابية وعليه تقع كامل المسؤولية فيما لو اتضح انها غير واقعية، وبالتالي يجب مساءلته والآن هو مدين لنا ولغيرنا بتفسيرات حيال ما يحدث، او يرحل.

الثابت الوحيد في كل ما جرى ويجري، أن الحريري ما زال يتموضع عند نفس النقطة ساعة قدمَ تشكيلته إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، وعند فكرة أن "جبران باسيل يعرقله"
وماكينته الاعلامية "بتكفي وبتوفي" في اتباع نموذج إغراق اللبنانيين بالأخبار المضللة. ما ان غادرَ سعد الحريري الثلاثاء قصر بعبدا حتى إنتشرت سمفونية إلقاء اللوم على جبران باسيل وإدعاء أنه دخل مكتب الرئيس في القصر بعد لحظات من خروج الحريري، وإلى جانبه المستشار الرئاسي سليم جريصاتي، وهو ما اعد مقدمة لتبرير نسف الايجابيات لاحقاً.

وهنا، لا يمكن إعفاء التيار الوطني الحر من المسؤولية. تلاعب نوابه أمس بالاجواء كما يتلاعب الحريري بأعصاب اللبنانيين. النائب آلان عون ألمح إلى أن "كتلة التيار لم تحسم أمرها بعد حيال مسألة إعطاء الثقة للحكومة". مؤشّر سلبي كان المقصود منه ممارسة مزيداً من الضغط على الحريري، استغلّه الاخير في التسويق لدور سلبي للتيار "فكّكَ الاتفاق المحتمل".

عملياً، لم ينذر الصباح بأي لفحة إيجابية بخلاف ما جرى ادعائه ليلاً. مع ذلك، كان الحريري عازماً على زيارة قصر بعبدا بنية إنجاز الاتفاق على جملة عناوين بارزة من بينها طبيعة التوزيع والتمثيل على حقيبتي الداخلية والعدل، رغم أنه يعلم أن الاجواء بجميع اتجاهاتها لا توحي بإمكان إنجاز إتفاق. وتشير المعلومات في هذا المجال أن مسألة التمثيل الدرزي عادت وطُرحت لا سيما مع إبداء خلدة غضباً عارماً إتسمَ بطابع مذهبي نتيجة دخول شيخ العقل نصر الدين الغريب.

وبخلاف ما تم ادعاؤه حول "فيتو" رفعه حزب الله اسهم في تهبيط معنويات التأليف، تكشف المعطيات أن الحزب لم ينطق ببنت شفّه بل كان ينتظر فراغ الحريري من مفاوضاته مع رئيس الجمهورية. وفي إنتظار حصول ذلك، كانت الضاحية تعمل على خط تبديد العراقيل من طريق التأليف. وهنا تستغرب اوساط الزجّ بإسم الحزب، وتلمّح إلى ضلوع "بيت الوسط" في التسريبات، لا سيما بعد عودته في المساء لنغمة الحديث عن "وطاويط القصر التي تحركت ليلاً لتعكير الجو" وهو أبلغ وصف وجدته "بيت الوسط" للدلالة إلى دور الوزير جبران باسيل "غير المرغوب" من قبلها.

مبدئياً، لم تسفر جلسة الساعة بين الرئيسين إلا في زيادة رقعة الخلاف والمواجهة بين الجانبين، والايجابيات التي جرى الحديث عنها، ولو كانت بالفعل صحيحة، فهي نسفت بدورها ايضاً، والذين على بينة من الملف الحكومي يعلنون أن الأمور عادت إلى نقطة الصفر.

التهاوي الحكومي سجل اضراراً على أكثر من جانب، أحد أكثر المتضرّرين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي أوهمَ أن تأليف الحكومة مسألة قابلة للانجاز فتولى تسريب إيجابيات قبل أن يكتشف لاحقاً خلو مائدة المبشّرين من أي حل، فتم إسقاط ماء وجهه أمام من نادى بقرب وصول "العيدية".

الطرف الآخر الذي يصنف من بين المتضرّرين يتمثل بالجانب الفرنسي. هذا الأخير ما شبع بعد من الطعنات القادمة من الربوع اللبنانية. راهنَ على الحراك الكنسي فاكتشف انه أسير معادلة قديمة جديدة، غياب الرغبة لدى المعنيين في إنجاز التكليف نتيجة عدة إعتبارات بينها ما هو داخلي ويرتبط بملفات مطلوب إنجازها قبل دخول الحكومة الجديدة السراي، وخارجي ويتصل بغياب أي دعم للتأليف. أمام ذلك، اختار الحريري الفرار من واجباته وإلقاء اللوم على الآخرين، علماً أنه طرف في الازمة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة