المحلية

الخميس 28 كانون الثاني 2021 - 02:00

التأليف: "المستقبل" يُقرِّش دخان الدواليب

التأليف: "المستقبل" يُقرِّش دخان الدواليب

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

إذا كان "التيّار الوطني الحرّ" ومن خلفه قصر بعبدا مُتّهمان من جانب خصومهما بـ"إستدعاء" الإشتباكات السياسية لـ"تقليع" سعد الحريري من موقعة "التكليف"، فإن "جماعة الأخير" مُتّهمة بـ"إستدراج" منطق حرق الدواليب وإقحامه في المشهد السياسي العام، لإحراق آخر أوراق "التوت"، أو لتمرير أهداف سياسية تحت وابل "دخان" المطاط الكثيف.

رسمياً، شوهِدَ الملف الحكومي يتحرّك خلال اليومين الماضيين.. فهل حدث ذلك أثناء تحرّك الشارع، أو على وقعه؟ تساؤل ينمّي الشكوك حول "ميني الإنتفاضة" التي تشهدها "البيئة السنّية" تحديداً، والتي تبدو مترامية الأهداف، ولا يمكن إعفاء أو إغفال الأدوار السياسية منها.

بإعتراف مصادر واسعة الإطلاع في تيّار "المستقبل"، فإن اليومين المنصرمين قد حفلا بتحرّكات وتواصل ما بين وسطاء محسوبين على قصر بعبدا وبيت الوسط، رفعت الرتابة عن الملف الحكومي، ولكن من دون أن يؤدي ذلك إلى وصل ما انقطع بين الصرحين، أو يدفع بهذا الملف إلى الأمام. لكنه، وبشهادة المصادر، أسفر عن "هدنة"، تجسّدت بوقف الفعل وردّ الفعل على المواقف المتطايرة من الصروح.

وفي الخلاصة، يُحاول الوسطاء الآن الإرتقاء بمستوى الإتصالات إلى أن تصبح مباشرة بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، بينما وفي هذه الأثناء، أسدى النائب جميل السيد نصيحةً إلى العاملين على خط الإتصالات، مفادها: "كي يتصالح الرؤساء يجب أن يكون الوسيط أقوى منهم".

و "لَطشة" السيّد أعلاه المتضمّنة نقداً لأسلوب التوسّط والجهة التي تديره، تحمل دلالات واضحة حول ضرورة إدخال عنصر قوي في الوساطة كي تحقّق نتائجها، علماً أنه مفقود في الوسط اللبناني، ومن المحتمل أن يتم إيجاده في الخارج، وهذا يتقاطع مع معلومات حول نية لدى الجانب الفرنسي، لقيادة وساطة لتسهيل التواصل مجدداً بين الأطراف السياسية. وعند هذه النقطة، نشطت "رادارات" المعنيين.

لكن الشارع خطف اهتمام الجميع، ففي عزّ الإقفال، وفي ظل حالة الطوارئ ومنع التجوّل وارتفاع البطالة واستحواذ لغة العَوَز على المجتمع، وانفلات سعر الصرف وتآكل ما بقيَ من قيمة الليرة، رُصدت تحرّكات ومظاهرات منظّمة امتدت من الشمال مروراً ببيروت وصولاً إلى خط الجنوب الساحلي، أجمعت التقارير الأمنية على أنها ظاهرة معدّة سلفاً. فالخروج إلى الشارع تمّت الدعوة إليه أولاً في طرابلس (التي أُدرجت قبل مدة على سلم رصد الجهات الأمنية كافة) من قبل مجموعات تحمل أفكاراً سياسية وتتبنى توجّهات حزبية ظاهرة لأطراف في السلطة، ولاحقاً دخلت على خطها مجموعات تتعاطف مع وجهات نظر لأطراف معارضة. وهنا لا بد من الإشارة إلى عودة ظهور "المنتديات" و "7" وملاحظة حركة لمجموعات تُحسب عادةً على الجزيئيات المعارضة الباقية التي تتحرك ضمن "القطاع السني" عادةً، تمكّنت تلك المجموعات فور نزولها، من جذب مجموعات وفئات أخرى، شبابية، اتّحدت في الشارع.

لكن انفلاش الأمور صوب الفوضى واستدراج ردّات الفعل من قبل قوى الأمن والجيش، بما في ذلك الإستخدام الكثيف للمفرقعات النارية في اليوم الأول وعمليات الإستفزاز المتنوعة، أوحى بتوافر رغبة لدى مجموعات معينة لدفع الأمور نحو الإنزلاق باتجاه مواجهة "دامية وعنيفة"، تتوافر فيها الأسباب المطلوبة لاستئناف التحرّكات وتعزيزها. وهكذا كان، إذ حملت الأيام التي تلت المواجهة الأولى نهار الإثنين المنصرم، نماذجاً أعنف من التي سبق ذكرها، وسط ملاحظة تحرّكات "مطّاطية" من قبل مجموعات، وفي وقتٍ متزامن وفي أكثر من منطقة.

وفي حين رُصدت مجموعات "المنتديات" تتحرّك في طرابلس وإلى جانبها أخرى تتماهى سياسياً مع خط تيّار "المستقبل"، لوحظ أن خط الساحل، شهد على عودة محدودة لمجموعات محسوبة على بهاء الحريري، التي اندسّت مع أخرى تحمل اللون الأزرق. وعند "محور الجيّة" لوحظَ تواجد لمجموعات تدور سياسياً في فلك معراب. ووفق البيانات الأمنية، لوحظ توسّع إنتشار المجموعات "الزرقاء" على شكل "كر وفر" عند خلدة والشويفات ومدخلي عرمون ودير قوبل، وامتداداً نحو بيروت، حيث رُصدت تحركات لدراجات نارية سيما ليل الثلاثاء – الأربعاء، انشطرت وإنفلشت بإتجاه أكثر من شارع حيوي.

إذاً، يعود بنا الأمر إلى مرحلة إستفادة تيّار "المستقبل" من وضعية الفوضى في الشارع. وفي الحقيقة ما برحَ "التيار الأزرق" في استغلال تلك الحالات، خاصة في أوقات الحَشرة. فالوضع الحكومي الآن مُعقّد، وزاد عليه لجوء "التيار" وفريق رئيس الجمهورية إلى إدخال نماذج تحدٍّ "ثقيلة" عند فالق الأزمة الحكومية، كموضوع التمديد للرئيس، إذ لوحظَ في تحرّكات الساعات الماضية أن التمديد دخل بنداً على التحركات، وإلا، ما معنى انحسار رقعة التظاهرات في مناطق محسوبة على "المستقبل"؟

يُقابل تلك القراءة أخرى، تربط ما بين حصول "إختراقات محدودة" في الملف الحكومي وما بين تحريك الشارع بهذه الصورة العنيفة، لتستخلص أن ثمة متضرّر وأكثر من عمليات التقارب، وله مصلحة في إعادة الأمور إلى الوراء، أو في أقل تقدير، منع حصول ذلك التقارب، سيما مع الحديث عن دخول العامل الفرنسي مجدّداً وما قد يحمله من مخارج.

وفي واقع الأمور التي ظهرت في الشارع، والتي كانت محل تدقيق واتهام بضلوع جهات سياسية من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. فأقرّ بوجود "أجندة" يجري تنفيذها في الشارع. وألمح إلى محاولة لخطف مطالب الناس واستخدامها في معارك سياسية، لافتاً عناية القائمين على تحريك الشارع بـ"عدم جواز تخريب طرابلس من أجل توجيه رسائل سياسية، ومن غير المقبول أن تبقى طرابلس، أو أي منطقة من لبنان صندوق بريد بالنار، ولا يجوز قطع الطريق على الناس في سياق التحدّي السياسي، فالحكومة لا تتشكّل أو تتعطّل بالدواليب المشتعلة وبقطع الطريق والإعتداء على المؤسّسات".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة