"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
حسناً، سيتوجّه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب إلى بغداد، أو أنه يخطّط لذلك، ولقد سُرّب الخبر منذ أشهر تحت شعار "التوجّه شرقاً" من دون أن يتحقّق. كان ذلك قبل أن يغرق السراي في دهاليز العنبر رقم 12!
إنها زيارة دياب الأولى، وربما الأخيرة بصفته رئيساً للوزراء. في النتيجة، "فكّ النحس" عن الرجل، أو أن "الحاسدون" قد "حلّوا عنه" بعدما تفرّغوا إلى شؤونهم.!
على المقلب الآخر، يزور رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري مصر، وبعدها الإمارات ولربما يُعرّج على فرنسا أو السعودية (حسبما ستسير رياح الوساطة). يحدث كل ذلك في حمى استعار المعركة حول ملف الحكومة، ويقال أن زيارة الحريري تندرج تحت هذه الخانة. وحتى ذلك الحين، ستبقى الحكومة الموضوعة على الرفّ بشهادة مصادر كافة المعنيين الرئيسيين بأمر التأليف.
يعني هذا الأمر أن إقامة دياب ستطول في السراي، مما يستدعي اتباع إجراءات "حِمية" سياسية معينة، على الرغم من أن دياب، أبلغ إلى محيطه وكل من يسأله، أنه باقٍ على موقفه في تسيير شؤون الدولة وفقاً لما نصّت عليه شروط تصريف الأعمال، أي لا خطط لبحث الموازنة أو التعيينات الدبلوماسية والإدارية الداهمة أو ما له صلة برفع الدعم وغيره، أي عملياً إعادة تجديد الثقة بعمل اللجان.
في الواقع، القضية لا تأتي في معرض المنافسة مع سعد الحريري على من يركب الطائرة أولاً، رغم أن المنافسة في ما له صلة بالإرتقاء في حياة اللبنانيين أمر جائز ومُباح شرعاً، وليس للأمر صلة في محاولة لجلب "vaccine" سياسي إلى بيروت، بل سعياً خلف "لقاح فيول" ينهي معاناة الدولة مع الشركات والإحتكار العابر للطوائف!
هناك على الضفة المقابلة، من يوحي الآن أن دياب، تحرّك عليه "عصبه" حين رأى أن سعد الحريري يصول ويجول في الخارج وعلى حساب الدولة اللبنانية وهو ما زال رئيساً مكلّفاً، لذا نقّب في ملفاته ووجد أنه من الأفضل اغتنام الفرصة، والإتجاه شرقاً، نحو العراق!
وللحقيقة، عادت العلاقة بين دياب والحريري إلى سابق عهدها. ما شهدناه منذ مدة حول تبادل زيارات بين الجانبين، لا يغدو أكثر من كونه "فعل وردّ فعل" على صلة بمصالح سياسية متبادلة وآنية طرأت فجأةً لا أكثر، فلا الحريري يرحّب بأي خطوة سياسية لدياب، ولا الأخير في وارد الإعتراف للحريري بدوره في "تسكير" عجز الحكومة المستقيلة عن الوصول إلى الخارج، وعملياً تولّي أدوار يفترض أن تلك الحكومة مسؤولة عنها.
وفي محيط رئيس حكومة تصريف الأعمال، ثمّة من يعتبر أن الحريري "يُمرّك" عليه في تلك الزيارات، وكذلك الأمر في محيط الحريري أيضاً، هؤلاء الذين سعوا إلى تأخير بتّ أمر الإتفاق مع بغداد ريثما يتم تأليف حكومة جديدة، كي تجني ثمار هذا الإنجاز، ولو أن اللواء عباس ابراهيم هو المساهم الأبرز فيه.
على العموم، العراق على القائمة إذاً، وهنا يسجّل لرئيس حكومة تصريف الأعمال بمعاونة شديدة من المدير العام للأمن العام، أنهما حقّقا إنجازاً نوعياً على صعيد الطاقة وتأمين اتفاق مستدام مع بغداد لتزويد لبنان بكميات من النفط بأقل تكلفة ممكنة وفي ذروة خضوع الجمهورية لـ"وباء الإفلاس"، لكن "الفيروس الإعلامي" يحول دون تسويق الإتفاق ونتائجه وخلفياته وما سيوفّره، على خلفية حرمان الرجل الجالس في السراي من أي إنجاز.
والإتفاق المشار إليه صلب من حيث تكوينه. إذ يمنح لبنان كميات من النفط والفيول المستخدم في محطات إنتاج الطاقة الكهربائية إلى جانب كميات من النفط الخام التي تحتاج إلى تكرير، وبأسعار مشجّعة، مع تسهيلات بالدفع وإمكانية التقسيط، ما يوفّر على لبنان كميات من الدولارات "الفريش" هو بأمسّ الحاجة إليها الآن، في مقابل توفير بيروت خدمات استشفائية للمواطنين العراقيين، وفي جانب آخر توفير منتوجات زراعية تحتاجها بغداد. وفي هذا الإطار، يجب على الدولة اللبنانية أن تقتادَ بنظريتها العراقية من حيث سعي الأخيرة إلى تأمين خدمات متنوّعة وضرورية للشعب، لا "مصّ" دمه على شاكلة ما يقدم عليه دورياً وزير الإقتصاد في مسائل الخبز وغيرها.
من المفترض أن يغادر دياب الأراضي اللبنانية إذاً نحو بغداد في مهلة قريبة على بركة ردّ التحية لها، ولو أن الإتفاق بات عملياً ساري المفعول ولا يحتاج إلى تواقيع أو مراسيم جوّالة، فيما الموعد متروك لتقدير محيطه، ويتصل طبعاً بجملة تفاصيل تقنية على صلة بالداخل، وأشياء أخرى لها علاقة بالوضع الأمني في بغداد، رغم أن المقرّبين من دياب ينصحوه بترتيب الخطوة وتنفيذها في القريب العاجل، وهم لأجل ذلك يعدّون "نسخة ثانية" من قضايا ذات اهتمام مشترك بين البلدين على كافة الصعد، على أمل أن يوقّع دياب لأول مرة اتفاقيات "تعاون وتنسيق" مشتركة مع دولة مجاورة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News