المحلية

الجمعة 12 شباط 2021 - 04:00

نيو مبادرة فرنسية: حكومة من 22 وزيراً؟

نيو مبادرة فرنسية: حكومة من 22 وزيراً؟

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

"سعد سعد، تهتم بأمورٍ كثيرة والمطلوب واحد، طَرق باب قصر بعبدا"، بهذه الجملة تردّ مصادر سياسية مطّلعة، على حركة رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري في الخارج، لتقدّم الجملة أعلاه بمثابة إسداء نصيحة لتأليف حكومة "بِلا تعب".

أنها أقصر الطرق للتأليف إذاً. ليس ثمّة من داعِ كي يصول الحريري ويجول في الخارج بحثاً عن حل لا يبدو أن ظروفه متوفّرة بعد، وإن دقّقَ لعَثَر عليه في بيروت. وفي غياب الحلول الإقليمية، لن يقدر أحد على منح الحريري ما يريد. ينطبق ذلك على الطرف الفرنسي، الذي ما زال أسيرَ أسر الحريري لنفسه في شرنقة السعودية. الرجل، بُحَّ صوته وهو يغرّد مدافعاً عن المملكة، فيما الأخيرة تتجاهل كل محاولاته، وإن التفتت إليه، فهي لا تقرأ عباراته إلا من قبيل النية بالتودّد إليها لا أكثر!

لدى السعودية جملة مطالب على الحريري تنفيذها كي يتسنى لها منحه حد أدنى من غطاء كي يؤلّف حكومة إلى جانب ميشال عون و"حزب الله"، والباقي يعلمه جيداً. والفرنسي يُدرك هذا الواقع، لذلك يعمل على محاولة تغطية خطوة الحريري المقبلة وتبنّيها، وهو يبحث عن نيل الغطاء لنفسه ثم تجييره إلى الحريري. إنها المحاولة الأخيرة وفقَ ما يشير أكثر من مصدر متابع للإتصالات الحكومية، فإن نال الفرنسيون ما يصبون إليه من الرياض سيستمرون في مسعاهم، وإن لم يتحقّق لهم ذلك، فهم أمام البتّ بإثنتين: إما استبدال الحريري بشخص آخر يشكّل دخوله عامل "تقليع" للمبادرة الفرنسية، أو الخروج من المضمار نهائياً وهذا له ثمن.

لدى الرئيس الفرنسي خشية من الشقّ الأخير، خشية نابعة من مخاوف داخلية تتّصل بحضوره لدى المستوى الفرنسي، ومنه صورته الخارجية التي يخشى عليها من التضرّر. لذا، مُطالب ماكرون، فرنسياً أولاً، بتحقيق اختراقه على المستوى اللبناني، تعيد "شَدشَدة" حضوره على مسافة قصيرة من الإستحقاق الرئاسي الفرنسي.

من هنا، ما أخفى ماكرون نيّته إدخال تعديلات أسمتها مصادر "ليبانون ديبايت" بـ"النموذجية" حيال المبادرة الفرنسية، وما أعلنَ عنه "ليبانون ديبايت" سابقاً عن "نيو مبادرة"، آخذ بالتحقّق اليوم. وتشير المعلومات، إلى أن الفرنسيين لديهم "طروحات جديدة ومختلفة قابلة للتسييل من شأنها تذليل العقبات من أمام تأليف الحكومة، وهم باشروا اتصالات من أجل تسويق افكارهم". وهم، ينطلقون من جملة اعتبارات، تبدأ أولاً من إعادة رسملة المبادرة باتجاه إدخال تعديلات جوهرية عليها، ومن مقام ثانٍ إعادة تسويقها وفق جدول أعمال مختلف وجملة إعتبارات مغايرة للسابق، ما يدلّ إلى أن الفرنسيين اقتنعوا أخيراً بنصيحة إدخال تغييرات على مبادرتهم كي تتراعى مع الواقع اللبناني.

الرئيس سعد الحريري وُضعَ في صورة هذا التغيير، لكن أحداً من القوى السياسية الأساسية في الداخل وُضع في جو ما يحصل في باريس، ومراكز القرار الرئيسية في بيروت لم تلتقط إشارات واضحة يُمكن التأسيس عليها من خلال ما أبدته باريس مؤخراً من تغييرات على مستوى نظرتها للأزمة اللبنانية، بعد أن أدركت أخيراً أن الأزمة ليست نابعة من خلاف "آني" حيال حصص ومكتسبات من وراء تأليف حكومة، بل أن المشكلة في جوهر النظام المعتمَد الذي بات يحتاج إلى تصحيح مسار.

مع ذلك، لم تقتنع باريس بعد بضرورة القيام بحركة لاستبدال هذا النظام. الخط البياني لديها يتحدّث بداية عن ضرورة تأليف حكومة، ومن ثم يُعمل على إرساء نوع من إصلاحات، ولاحقاً ومع ازدهار المفاوضات المتوقّعة في الإقليم بين الإيرانيين والأميركيين، يمكن البناء على النتائج في موضوع "إعادة إنتاج النظام اللبناني"، ضمن شروط معينة تُسأل عنها القوى السياسية. وثمة من يقول أن الخشية الفرنسية الحالية، تتلخص في عدم اتاحة الفرصة للتغيير كي ينزلق إلى "دوامة الحرب". بمعنى أوضح، باريس لا تقبل حصول تغيير سياسي كبير على المستوى اللبناني من خلال معركة يليها اتفاق على غرار ما جرى في الطائف، بل تريد استباق الأمور في محاولة للتأسيس لحلّ مُستدام "في السلم"، يحصّن الجميع، وتكون يدها فيه هي الطولى.

بالعودة إلى المعضلة الحكومية، فإن التغيير على مستوى المبادرة الفرنسية أخذَ في عين الإعتبار عدم القدرة على إنتاج حكومة مصغّرة وفقاً لما جاء في النسخة الأولى من المبادرة، والتي تليت في آب 2019، لذلك، أُتيحَ للحريري البدء في المناورة على توسيع التشكيلة، والحد الأقصى المسموح به 22 مقعداً فقط، رغمَ أن مصادر تيار "المستقبل"، تعتبر أن "تداول أنباء عن نية لتوسعة الصيغة العتيدة يقع في خانة التمنيات، وينم عن محاولات للحرتقة".

مع ذلك، فإن الإتصال الأخير الذي أجراه الحريري من باريس مع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، يوحي بأن رئيس تيار "المستقبل" تداولَ باحتمالات التوسعة مع جنبلاط، المعني أكثر من غيره بها، لكون تشكيلة من 22 مقعداً ستقضي بضم 3 وزراء دروز، فيما تشكيلة من 20 ستحصر التمثيل الدرزي بوزيرين، يذهب أحدهما إلى خلدة. محاولة الحريري هنا، كما يتردّد، هي محاولة استمزاج آراء حول مدى قبول رفعها إلى 22، ومن الواضح أنه، وفي حال اعتمدت صيغة زيادة عدد الوزراء، يفضل الحريري أن تتم على قاعدة 22 لا 20. ففي حالة صيغة من 22 وزيراً، تسقط نظرية الثلث المعطّل (المتهمة بعبدا به)ولا يعود ثمة ثلثاً لأحد، مقابل ترفيع نظرية "الوزير الملك" الذي سيكون درزياً. هنا، يعود الدور الفرنسي ليُطلّ برأسه من زاوية تولّي باريس رفع لوائح بأسماء وزراء، لفكّ الإشتباك. تبقى الأمور بخواتيمها.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة