المحلية

الخميس 18 آذار 2021 - 05:29

الإشتراكي: "خلّي السلاح صاحي... في زواريب القرى"!

الإشتراكي: "خلّي السلاح صاحي... في زواريب القرى"!

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

ما زال يَضرب الدولار سقوفاً مرتفعة. يوم الثلاثاء بلغ مستوى 17,000 ليرة، وكانت الظروف مهيأة لصعوده أكثر لو لم يكن السوق محكوم بالإغلاق خلال الليل. صباحَ الأربعاء، ومن دون أي مقدمات، بدأ التداول عند سقف 15,000 ليرة، وسرعان ما هوَى خلال فترة الظهر إلى 14,500 ثم 14,000، ليقفل مساءً عند 13,300 ليرة! يحدث ذلك، فيما الإشتراكيون يلهون في أحراشهم على أنغام فرقعة السلاح!

لا أزمة اقتصادية يعاني منها الجبل على صعيد المعيشة والدولار. نداء رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط قبل أشهر حول ضرورة تحويل المساحات الشاسعة في الجبل إلى أراضٍ زراعية على نية تأمين شبه اكتفاء ذاتي على صعيد الحبوب للأهالي، لم يصل صداه إلى بعلشميه الواقعة في أقصى قضاء بعبدا، أو ربما وصل، لكن جرى تفسيره على نحوٍ مخالف لمشيئة "البَيك" (ربما)، فتم استصلاح المساحات لكي تكون ميادين لإجراء التدريبات على تطبيق الخطط العسكرية وتعلّم أصول الرماية!

بعد مجدلبعنا، تحضر بعلشميه في استعراض السلاح الفردي ذي اللون الحزبي الفاقع. مناورة بالذخيرة الحية في البراري والأحراج تُحاكي منطق إعداد الكمائن، أو التمهيد للغزوات، معطوفة على فيلم ترويجي قصير موقّع بإسم "الإعلام الحربي"، اخترق مشهد الدخان المسيطر على الشوارع، وسط ارتفاع ألسنة اللهب من الدواليب المحروقة في الشارع من خلفية الخشية من الجوع.

من غير المعلوم بعد إذا ما كان الفيديو قد أُعدّ من خلفية توجيهات حزبية، أم مبادرات "فردية" على هامش الجزب وتحت نظره أو علمه، يبقى السؤال: إلى من موجّه الشريط العسكري تحديداً، هل إلى جهة حزبية أم سياسية، أم أنه كناية عن "شوية تسلية يقوم بها شبّان متحمّسون من وقت لآخر ولديهم شغف في التصوير(!) ولا يجدر تحميل القصة أكثر من ذلك"، على ما تعلّق مصادر إشتراكية! حسناً، لا داعي للهلع! لكن، وفي حالة التقصّي الجغرافي في محيط بعلشميه ووضعيتها كبوابة لمنطقة المتن، لمشهدية السلاح "الفردي" المجهّز على أكمل وجه أن تحمل أكثر من رسالة، وأن تعيد ترميم وبناء حواجز نفسية مفترضة، ولها أن تثير المخاوف في الجوار، والخوف تحت السلاح مبرّر في منطقة شهدت ما شهدت. عند هذا الحدّ، يُصبح تفسير النائب غسان عطالله لـ"خوف المسيحيين من النوم ليلاً في الجبل"، مبرّراً.

مع ذلك، ما زال غير معلوماً بعد إلى من يُوجّه السلاح، وفي ظل كثرة الإحتمالات تضيع الأهداف، يبقى ثابتاً أن الشريط أعاد إنتاج صورة التسلّح الذي لم يهدأ طيلة فترة سريان مفعول السلم ـ الخدعة التي عشنا معها وما زلنا، من معراب إلى المختارة، مروراً بالمرتفعات الجبلية الشاهدة على التدريبات.

الآن، وسط هذا الركام الإقتصادي والمالي والسياسي، تختار "ثلّة إشتراكية" العودة في الزمن إلى الوراء، بحثاً عن مجهول يُمكن إدراجه في خانة عدو، تسري عليه معايير العداء، ويمكن أي يوفّر تبرير التسلّح تحت شعار "حماية الذات" أولاً. لكن ما هو مثير للقلق، الإنقلابة الحاصلة في المفاهيم. فالإشتراكي قزّم منطق التسلّح من نطاق حزبي واسع إلى نطاق ضيّق جداً لا يتعدّى زواريب القرى، وعملاً بهذه القاعدة، تتحوّل القرى إلى "إدارة مدنية" شبه ذاتية على نهج اللامركزية الإدارية! هكذا يُراد للجبل أن يكون في عِز مرحلة الإنهيار.

عملياً، تلك القرى التي يتم "تزحيطها" إلى حفرة السلاح، من هم أعداؤها؟ من أي جهة هي مهدّدة؟ ضد من ستقاتل أو بوجهِ من ستدافع؟ من هو هذا العدو الغاشم المتخفّي بين أحراجها كي يدفع نفر منها إلى السلاح؟ من هو هذا العدو البغيض الذي يكيد في الليل حتى يستدعي من يأتي لقتاله في النهار؟ بالأحرى، الإشتراكيون الذين يحلمون بالعودة إلى منطق الإدارة المدنية عبر إحيائها في الزواريب، ممن يخافون تحديداً؟ ما هو دافعهم إلى استدعاء السلاح طلباً للحماية، في وقتٍ يعمل الزعيم على تصفير المشاكل مع الجميع عملاً بما وردَ في مضمون مقابلة "الأنباء" الأخيرة؟ أليس ما نراه مظهراً من مظاهر تفكّك الدولة التي يُنادي "وليد بيك" بها؟ هل هكذا يكون العبور نحو الدولة "السيّدة القادرة المستقلّة، دولة القانون؟

ولو غصنا أكثر في هذا الظرف، لكان يجدر السؤال عن الجهة التي تتولى التمويل والإعداد والتجهيز. البعض يبسّط المسألة برمّتها إلى حدود إدراج ما يجري في خانة أفعال فردية يقف خلفها بعض الشبان. حسناً، لكن ماذا عن التدريبات التي تتم في أعالي الجرود، في الشوف المتن الأعلى وغيرهما؟ من يحميها، ولماذا الجهات الأمنية التي تعلم بأمرها، نعم تعلم، فلا تتحرّك؟ ألا توفّر هذه التصرفات نشوء دوافع قتالية أو ذريعة لدى البعض لاستسهال أمر السلاح، والتمادي في إشهاره ،وربما لاحقاً استخدامه عند أي منعطف؟ إلى متى سنبقى نستثمر في الخوف وخلق الأعداء الوهميين الإفتراضيين وإسقاطهم على الواقع، وإلى متى سيبقى منطق "عسكرة مجتمع"، عملياً، ليس على حدوده من يمكن إدراجه في خانة العدو.

في الواقع، الموضوع آخذ في التوسّع أكثر خلال الفترة المقبلة في ظل شبه الغطاء المتوفّر تبعاً لتسخيف ما يحتويه "فيديو مناورة بعلشميه". الجهات الأمنية المسؤولة تؤكد لـ"ليبانون ديبايت"، أن الفيلم جرى تصويره قبل 10 أيام في أعالي بعلشميه! وفي ظل اكتفائها بالمشاهدة من بعيد وعَدّ الأوراق على الروزنامة، تُصبح هي الأخرى مدرجة في موقع المساءلة والمسؤولية، فلماذا لم تتحرّك حتى الساعة؟

حزبياً الموضوع إلى تفاعل أيضاً. معلومات "ليبانون ديبايت" تُشير إلى أن الإجتماع الرباعي الذي سيعقد قريباً على بركة التنسيق الأمني بين الحزب التقدمي الإشتراكي والحزب "الديمقراطي اللبناني" و"حزب الله" وحركة "أمل"، سيكون على رأس جدول أعماله بحث فصول الشريط، من خلفية الإستماع إلى وجهة نظر الإشتراكي وموقفه منه، لبناء التقدير حول الموقف المقبل.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة