يرى الكثير من السوريين أن الانطلاقة الفعلية لـ"ثورتهم" كانت بتاريخ 18 آذار من العام 2011 عندها انطلقت تظاهرات شعبية في ذلك اليوم بمدينة درعا، عقب رفض النظام إطلاق سراح أطفال كان قد كتبوا على جدار مدرستهم عبارات مناوئة لرأس النظام بشار الأسد.
وقد أدى قرار السلطات في دمشق بسحق الاحتجاجات السلمية في بدايتها إلى تحول الاحتجاجات السورية إلى حرب دامية شاركت فيها أطراف إقليمية ودولية وأسفرت عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وتسبب في نزوح نصف السكان.
ورغم تمكن النظام من السيطرة على محافظة درعا جنوبي البلاد عقب اتفاقات تسوية بإشراف روسي، غير أنها لا تزال تشهد تصاعدا في الاحتجاجات والانفلات الأمني ومعارك واشتباكات بين فصائل محلية (المعارضة سابقا) وقوات النظام وحلفاؤها مما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى من الطرفين حتى الآن.
ويقول الناشط، أحمد المسالمة، الذي ساعد في تنظيم الاحتجاجات في درعا قبل عقد من الزمن، والذي يعيش الآن في منفاه في الأردن: "لا يزال الشباب داخل سوريا يعيشون في حالة من اليأس. سوف نستثمر هذا اليأس لإعادة إطلاق الثورة مرة أخرى".
منذ اليوم الأول للانتفاضة، اعتاد أحمد المسالمة التوجه إلى الجامع العمري في درعا لتنظيم مظاهرات مناهضة للحكومة في وسط درعا، وقد كان في المسجد العمري في ذلك اليوم الدموي 18 آذار، عندما فتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين مما أدى إلى مقتل اثنين منهم وإصابة 20 آخرين في الأقل، ليكونوا أول ضحايا الصراع الذي دخل عامه الحادي عشر.
وأوضح المسالمة أنه "كان يتوقع وقوع أعمال عنف، لكنه ظن أن قوات الأمن ستكتفي بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، ظنا منه أن بشار الأسد لن يكرر المجازر التي ارتكبتها والده حافظ الأسد في حماة في العام 1982".
وقال المسالمة الذي كان يبلغ من العمر 35 عاما عند اندلاع الأحداث: "كنا نعتقد أن العالم أصبح قرية صغيرة بفضل مواقع التواصل الاجتماعي وأن بشار لن يجرؤ على فعل ما أقدم عليه أبيه, لم نتوقع أن يصل مستوى القتل والوحشية والكراهية للشعب إلى هذه المستويات".
وقد شكّلت درعا مسار الثورة، ففي الوقت الذي دعا فيه النشطاء العلمانيون إلى الاحتجاجات السلمية، لجأ متظاهرو درعا إلى حمل السلاح للرد على عنف الأجهزة الأمنية وقتلهم للمدنيين خلال المشاركة في التظاهرات السلمية.
ولاحقا، تمكن مقاتلو الجماعات السلفية في الميليشيات المعارضة، بما في ذلك الموالون لتنظيم "القاعدة"، من تهميش دور الجماعات اليسارية أو العلمانية أو القومية. وصبّت شراسة الحرب مزيداً من الزيت على نار الكراهية الطائفية، لا سيما بين السنة والعلويين، الأقلية التي ينتمي إليها الأسد.
في ذروة الثورة السورية بين عامي 2013 و2014، سيطرت المعارضة السورية على معظم أراضي شرق الفرات وأجزاء من محافظة درعا وجزء كبير من الشمال. وخاضت معارك للسيطرة على كل المدن الكبرى بل وهددت دمشق من الريف المحيط بها.
وكان العمري قد ترك دراسته الجامعية أذار 2011 وأنشأ مركزًا إعلاميًا في درعا لينقل صور الاحتجاجات إلى العالم، قبل أن تعتقله قوات النظام ويتعرض لتعذيب وحشي لمدة أربعة أشهر، على حد قوله قبل أن ينجح في مغادرة البلاد.
وأكد أنه لم ير عائلته منذ 10 سنوات، مظهرا وشما على ذراعه يحمل تاريخ 18 أذار (ذكرى انطلاقة الاحتجاجات في درعا)، قبل أن يضيف: قال: "نحن نعيش ولكننا ميتون في دواخلنا".
من جانب آخر، استغل تجار مرتبطون بالأسد وإيران الفقر المدقع في درعا لشراء أراض لصالح ميليشيات إيرانية.
وقال المحامي والحقوقي،حسن الأسود، إن حركة مدنية جديدة في المحافظة تعمل على رفع مستوى الوعي ضد بيع الأراضي وحشد المعارضة للانتخابات الرئاسية المقبلة ، والتي سيكون الأسد هو المرشح الوحيد فيها. ،
ويقول المحامي المعروف في درعا، ويعيش حاليا في ألمانيا، أن الأزمة الاقتصادية أرهقت الناس في جميع أنحاء سوريا، حيث تدمرت البنية التحتية وتدهور القطاع الزراعي والصناعي.
وبسبب موقع درعا، وقربها من الحدود الإسرائيلية وانتشار حزب الله والحرس الثوري وغير من الجماعات الموالية لإيران، فقد سعت روسيا إلى إيجاد نوع من التوازن في "مصالح مختلف الأطراف هناك"، بحسب رأي بعض النشطاء.
ففي أجزاء من محافظة درعا، بقي مقاتلو المعارضة الذين وافقوا على "المصالحة" مسؤولين عن الأمنن إذ انضم بعضهم إلى قوات "الفيلق الخامس"، وهو من الناحية الفنية جزء من جيش النظام السوري ولكن تشرف عليه روسيا بشكل فعلي
في هذه المناطق، عادت مؤسسات الدولة والمسؤولون البلديون، مع بقاء قوات الأسد بقيت في الخارج.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News