"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر
"وِلعِت" بمختلف أنواع الأسلحة من كافة العيارات على جبهة بعبدا - بيت الوسط . فبين الأصيلين، وبين الأصيل والوكيل، يعيش اللبنانيون بـ "اللوج"، حرب "داحس والغبراء" الحكومية، وفق موازين قوى تعطي الأفرقاء المتفاوضين بغير المباشر، قوةً تعطيليةً للربط، "مُصادرة" منهم صلاحية الحلّ لصالح حارة حريك، المالك الحصري لحق تقرير مصير البلاد والعباد، بما خفّت وحملت من طبقة سياسية، لا يُبشّر كلام "راعي الثورة" بحقّها من بعبدا بالخير.
فخلافاً لكل السيناريوهات الهوليودية، التي سادت خلال الساعات الماضية، لا البطريرك الماروني بادر إلى عرض أمر الإتصال بالرئيس المكلّف سعد الحريري وتمرير المكالمة لرئيس الجمهورية ميشال عون، ولا جنرال بعبدا كان في وارد الحديث هاتفياً مع الشيخ وفقاً لهكذا صيغة، فبالنسبة لبعبدا كما لبيت الوسط، المسألة ليست في اتصال أو زيارة شكلية، إنما في المضمون.
في كل الأحوال، يمكن اختصار أبرز محاور "قمة بعبدا" بالتالي:
- تعتبر الزيارة في جزء منها بروتوكولية، إذ درجت العادة على أن يقوم البطريرك الماروني بزيارة القصر الجمهوري، عشية كل رحلة خارجية له، ودعوة البابا فرنسيس المرجعيات المسيحية للقاء في الفاتيكان، قد شكّلت المحور الأساس للقاء.
- واضح أن اللقاء الرئاسي لم يكن بمستوى الطموحات، ولعلّ أهم ما يعبّر ويدلّ على مضمونه، مما قيل ولم يقل بين الشخصين، تغريدة المستشار الأول اللافتة بتعابيرها "لا كمّ فوق غبطة البطريرك، تعرفون الحقّ والحقّ يحرّككم". فالدوائر الرئاسية غير مرتاحة على ما يبدو لمساواة الراعي بين طرفي النزاع، بعدما كانت ارتاحت إلى وقوف بكركي في صفها طوال الأيام الماضية.
- تراجعه وحديثه عن حكومة أقطاب، بعد أشهر من "الوعظات" المتتالية عن السياسيين وفسادهم وما ارتكبوه من فظائع. فهل هو تسليم من البطريرك بفشل الثورة والثوار؟ أم هو إيذان بعودته إلى "طريق الصواب"، بعد الحملات التي تعرّض لها، حتى المستوى الشخصي؟
- رفضه "كسر الشر" وتسمية الوزيرين المسيحيين، ناتج من لوعة بكركي زمن البطريرك صفير، التي طُلب إليها أكثر من مرة أن تسمّي رؤوسا، لتعود "المحدلة" وتطيح بلائحة الصرح متى اتّفق المتخاصمون من أهل السياسة ورعاتهم. فهل هو الخوف من "تغطيسه" في مصيبة تضعه في مواجهة رعيته الصغيرة منها والأكبر؟
- "قوطب" على الخطوة المقبلة لرئيس الجمهورية، بالدعوة إلى حوار في بعبدا، حال إعلان فشل المساعي القائمة حالياً، فأحبطها، بإعلانه صراحة "لسنا بحاجة إلى طاولة حوار واسعة، نريد حلاً فنحن متنا". وهنا، يمكن تفسير دعوته إلى ضرورة اللقاء والحوار بين الرئيسين، على أنها نسف لأي محاولة لإجبار الحريري على الإعتذار.
عملياً مبادرة الرئيس نبيه بري لتسهيل تشكيل الحكومة سقطت، كما أن "الجرّة" انكسرت نهائياً بين الفريق الرئاسي والرئيس المكلّف، وفقاً لما تبيّنه لهجة التخاطب الإعلامي، التي تخطّت شكليات رفع سقوف التفاوض المعتادة.
لكن، وسط هذه الأجواء السوداوية، أشار مصدر ديبلوماسي في بيروت أن رئيس الجمهورية، قد يكون فتح ثغرة في جدار الأزمة بتنازله عن حق تسمية الوزيرين المسيحيين. فلصالح من هذا التنازل إذا كان البطريرك الماروني يرفض القيام بالمهمة؟
تكشف المصادر في معرض إجابتها أن الخطوط فُتحت مع باريس على أكثر من خط منذ ما بعد ظهر أمس لإعادة إحياء فكرة فرنسية سابقة، قامت على أن يسمّي الرئيس الفرنسي وزيرين في حكومة المهمة، لكل من حقيبتي الطاقة، (سهّل كلام رئيس "التيار الوطني الحر" عن عدم تمسكه بالطاقة الأمر)، التي ترغب باريس بقطف إنجازاتها القادمة، وحقيبة الإقتصاد التي سيشارك شاغلها في المفاوضات مع صندوق الدولي.
ولكن، هل ستكون الأمور بهذه السهولة؟ تسارع المصادر إلى القول أن "حزب الله" لن يرضى بهكذا تسوية، وأن "مناورة" بعبدا هدفها رفع المسؤولية عنها، ونفي الإتهامات الموجّهة لها بالتعطيل. فكيف ستُسقط الحارة صيغة الحل المستجدّة؟
"جبنا الأقرع ليشجّعنا كشّف عالقرعة وفزّعنا"، إنها حال اللبنانيين في الشارع بعد سماعهم تصريح سيد بكركي من بعبدا، الذي أطلق العنان لتحديد مهل وجولات جديدة لمفاوضات تشكيل، قد تنتهي كما سابقاتها إلى أن تحين الساعة... وإلاّ كيف يُمكن لأحد أن يفسّر لنا لغز إيجابية سعد وجبران في تشكيل الحكومة، فمن أين السلبية والحال كذلك؟ في مطلق الأحوال "حاكمك وربّك هوّي حزبه" وكلمة السرّ لديه، على ما يعتقد الشاطر حسن... فلا حول ولا قوة إلاّ بالله وحزبه... إلى أن يكتب الله لنا أمراً كان مفعولاً.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News