"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر
من اللحظة التي وطأ فيها رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، مطار رفيق الحريري الدولي، بدأ التلاعب في بورصة الترجيحات والرهانات حول الأجواء الحكومية. فبين حكومة أو لا حكومة، والذهاب إلى أبعد من جهنم، التي باتت في المكيول، عن سابق إصرار وتصميم، بات من الواضح أننا لا نزال في مربع المراوحة، نتيجة تمسّك الأطراف بطروحاتها وعدم رغبتها في تبادل تسجيل النقاط الإيجابية، مع لجوء الأطراف إلى استخدام الإستقالة من البرلمان كورقة ضغط للتفاوض والمساومة.
ففيما يتبارى المسؤولون عن تشكيل الحكومة في سوق عكاظ الخطابات والبيانات والعنتريات الشعبوية، العاجزة حتى عن تحقيق مصالحهم وأهدافهم "الأبعد من منخارهم"، تمّ خلال الساعات الماضية تفعيل محركات الوسطاء في الكواليس، بعد تأمين المحروقات اللازمة لها، في محاولة لردم الهوة بين بعبدا وبيت الوسط، برعاية بري - الراعي، وسط حملة مستجدّة تطال رئيس مجلس النواب، يقودها مناصرو "التيار الوطني الحر" ومسؤولوه، بعد التسريبات عن تحميل الإستيذ للصهر مسؤولية تخريب المبادرات.
غير أن المراقب لتدرّج الأحداث، يلاحظ بوضوح وجود خيط رفيع يمسك طرفيه سيناريو داخلي - خارجي يوزع الأدوار السياسية، ويولّد الأزمات بطريقة عبقرية ومنظمة، هدفها إلهاء المواطنين عن الإستحقاقات الرئيسية، بتأمين ضروريات معيشتهم البدائية، بعدما تعطّلت دورة حياتهم العادية. ولعلّ بالون اختبار الإستقالة من مجلس النواب أحد الأوجه السياسية لهذا المخطّط، بعد غسل الدماغ الذي خضع له اللبناني منذ ثورة تشرين، وصل إلى فرنسا، قوامه سبيل التغيير الوحيد الإنتخابات المقبلة.
هذا في الشكل، أمّا مضمون البلفة الجديدة، فيمكن استنتاجها من مضمون عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي يوم الأحد الفائت، والتي كشف فيها المستور، الذي يتم تداوله في الصالونات السياسية والديبلوماسية المغلقة، عن نية "حزب الله" نسف الإنتخابات النيابية المقبلة، كما أكد مستشار الصرح، ومن بعدها الرئاسية، مع شعوره بأنها لا تصبّ في مصلحة مشروعه ومحوره الممانع، بهدف إسقاط لبنان في ذكرى مئويته الأولى، خصوصاً في ظل تعثر تشكيل حكومة ممسوكة من المنظومة بعيداً عن "شدّ الحبال" فيما بين مكوّناتها.
تعثّر، خرج بدري أبو كلبشة، ليؤكد استمراره إلى تاريخ الإنتخابات المقبلة، لا فرق إن كان بتحليل منه، أو معلومات سمعها، ما يلقي على عاتقه مهمة إنجاز الخطوات التحضيرية والتنفيذية لها، وإن كان من باب ذرّ الرماد في العيون، وسط اتفاق المنظومة على رفض تشكيل حكومة إنتخابات، واتفاقها من تحت الطاولة على إيكال المهمة لحكومة غرندايزر التي أثبتت كفاءة منقطعة النظير بتحقيق 97% من مشروعها في مئة يوم أنهت معها مئة عام من عمر البلد.
وعند الحديث عن التحضيرات اللوجستية، تبرز إلى الواجهة عقدة توفير الإعتمادات اللازمة لإنجاز الإنتخابات النيابية، وهو ما كان اعتبره البعض أحد المبرّرات التي ستُستخدم كذريعة إضافية لتأجيلها، في ظل غياب المجتمع الدولي عن الدعم في هذا المجال، وفقاً لأمنياتهم. ولأن المطلوب فتح الحنفية وفقاً للحاجة، أطلق وزير الداخلية محمد فهمي، حملة "شحادة" كما سمّاها، لجمع المساعدات العينية من حبر وأوراق وقرطاسية. حملة بدأها وأنهاها من مؤسسة الوليد بن طلال، التي فتحت أبوابها مبدية استعدادها لتلبية الحاجات المطلوبة وتمويلها. كيف لا ومعاليه "يَمون"، "فحظّو من السما إلي بتحبّو الحما.."...
"إذا اجتمعوا الكناين للحكي عالحموات... فإذا كان في صهر بجيب المجرفة للقبر، ففي كمان صهر سندة للضهر... دلّل حماتو وكسب حياتو... ويا كنة مين علّاكي غير جوزك وبيت حماكي."... هو نوع جديد من استغلال المناصب والنفوذ أدخله الوزير فهمي إلى الحياة السياسية قوامه الصهر والكنّة والحماة... على ما يقول الشاطر الحسن... فبرعايته ومكرمته "طال عمرو طال"، قد يرى اللبنانيون صناديق الإقتراع... ولو بالحلم.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News