المحلية

محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت
الجمعة 01 نيسان 2022 - 02:42 ليبانون ديبايت
محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت

برّي لـ الزعماء الدروز: الأمر لي!

برّي لـ الزعماء الدروز: الأمر لي!

"ليبانون ديبايت" - محمد المدني

قبل اتفاق "الطائف" كان قضاء حاصبيا ممثلّاً بنائب واحد عن الطائفة السنّية، فكان الأمر حجّة ومبرّر لدمج قضاءي حاصبيا ومرجعيون الذي يتمثل بنائبين شيعييّن ونائب أرثوذكسي، مع قانون إنتخاب أكثري، وهكذا كانت أصوات قضاء مرجعيون هي المرجِّح في هذا المقعد، وقد عمل جاهداً رئيس مجلس النواب السابق أحمد الأسعد على توسيع القضاء بضمّ العديد من القرى الشيعية، ممّا يعطيه الأفضلية المطلقة في السيطرة على المقعدين السنّي والمسيحي، لدرجة أن الناس كانوا يقولون بأن "الأسعد إذا رشّح عصا بتنجح بالإنتخابات".

أمّا بعد "الطائف"، فقد أُضيف لقضاء حاصبيا مقعد درزي، وبدأت الدورات الإنتخابية المتتالية على نفس القانون، وتغاضى الزعماء الدروز عن طرح موضوع فصل القضاءين أُسْوَةً بكل الأقضية، وبقي صوت المكوّن الشيعي هو الحاسم، وأصبح النائب يأتي بأصواته دون أن يعير أي اهتمام لأصوات من يمثّلهم حقيقة.

وبالعودة للبدايات بعد اتفاق الطائف، تم تعيين النائب أنور الخليل بالتوافق بين رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، رغم أن الخليل ليس من حاصبيا بل من بيروت وسجلّه في عين المريسة، لكن سبق أن اشترى والده محمد الخليل، وهو سوري الأصل منزلاً في حاصبيا. وخلال الإحتلال الإسرائيلي للمنطقة بقي الخليل مرشح برّي وكان يفوز بشكل أشبه بالتزكية، واستمر الحال هكذا بعد انسحاب الخصوم نتيجه معرفة المرشّحين المحتملين للدروز استحالة وصولهم أمام "المحدلة" التي كانت على صعيد الجنوب كاملاً، ومن ثم على صعيد قضاءي حاصبيا ومرجعيون فيما بعد وحتى العام 2009، حين ترشّح الطبيب وسام شروف كمستقلّ، وحاز عدداً كبيراً من الأصوات في قضاء حاصبيا، وجعل الكثير من أبنائه يعبّرون عن مكنون غبنهم مما يحصل.

بعدها تم التمديد للمجلس النيابي دورة كاملة، وتم تغيير قانون الإنتخاب على الأساس النسبي، الأمر الذي جعل أهالي القضاء من السنّة والدروز يعتبرون أن الفرصة حانت لانتخاب ممثليهم الحقيقيين، حتى ولو بقي قضاء حاصبيا - مرجعيون دائرة إنتخابية واحدة، لكن الصدمة جاءت بعد تمكّن الرئيس بري من احتواء مفاعيل هذا القانون، مع موافقة ورضوخ من الرئيس سعد الحريري وجنبلاط، عبر جعل الدائرة تمتد إلى النبطية وبنت جبيل، ما جعلها من أكبر الدوائر في لبنان، وجعل الصوت الشيعي المقرّر الأول والأخير فيها.
في سنة 2018 ترشّحت مجموعة من الشباب بوجه لائحة الثنائي، أبرزهم عماد الخطيب ووسام شروف، ضمن لائحة "الجنوب يستحق" وحصدت 17058 صوتاً، لكنها لم تبلغ الحاصل الذي وصل إلى 20 الفاً، لكن الأصوات التي نالوها ضمن القضاء أعطتهم بُعداً شعبياً قوياً.

وفي الإنتخابات الحالية، ومع الإبقاء على نفس التقسيم للدوائر، ومع عزوف النائب الخليل عن الترشّح، وهو الذي بقي لمدة 31 سنة في منصبه، ومع استحالة ورفض مجيء نجله بدلاً منه، بدا أن القرار هذه المرة في يد الزعماء الدروز، ليقرّروا حقيقة من يريدون ترشيحه، خصوصاً رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان، الذي يعتبر أنه آن الأوان لزيادة حضوره النيابي، وأن لديه تمثيلاً شعبياً وازناً في المنطقة، وأنه حليف "المقاومة" التي لها الحضور الأساسي في الدائرة، مع مراعاة أن جنبلاط لن يخسر فعلياً مقعداً كاملاً بخسارة مقعد حاصبيا، وسيكون من السهل عليه القبول بإعطائه لإرسلان، وكانت الأمور تسير بهذا الإتجاه، وكان الإسم الأبرز والوحيد عند إرسلان هو وسام شروف أمين سر المجلس السياسي في الحزب "الديمقراطي اللبناني"، ويتمتع بحضور شعبي عند كل الأفرقاء، لكن المفارقة أن القرار بالترشيح والتسمية للمقعد الدرزي لا يزال عند الرئيس برّي رغماً عن زعماء الدروز، الذين يتحدثون بالحرص على الطائفة ومصالحها، لكنهم يرضخون لبرّي رضوخاً لا مثيل له.

ففجأة، ومن دون سابق إنذار، أعلن برّي ترشيح مروان خير الدين، المصرفي وصاحب بنك "الموارد" ورئيس مجلس إدارته، والملفت في الموضوع أن برّي عند إعلانه عن ترشيح خير الدين، طرح أسمه كمرشح حركة "أمل" وكتلة "التنمية والتحرير"، على شاكلة ما كان عليه النائب الحالي أنور الخليل، بذلك، يكون برّي قد حسم قراره، على قاعدة "الأمر لي"، وهو يريد مموّلاً لحملته الإنتخابية، ويريد كتلة عابرة للطوائف، فوافق جنبلاط تداركاً واحتياطاً لعدم ذهاب مقعد حاصبيا مباشرة إلى إرسلان عبر مرشحه وسام شروف.

وافق إرسلان مرغماً لأسباب عدة، أولها أن خير الدين نسيبه، وسبق أن مثّله في الوزارة، ثانياً لخوفه أن رفضه الأمر لن يغيّر شيئاً سوى أنه سيخسر خير الدين بالكامل، حيث أن الحزب لم يقف إلى جانبه في هذا الموضوع، بل ترك الساحة للرئيس برّي، ففضّل الحصول على ربع مقعد، أي على لا شيء، حيث أن خير الدين، سيكون مرشح برّي وضمن كتلته ويصوّت إلى جانبه في كل القرارت العامة والمصيرية.

الملفت كان في آلية تخريج الأمر، حيث أنه، ومن دون مقدّمات، أعلن برّي مرشحه للمقعد الدرزي في حاصبيا. بينما أكد جنبلاط للمحازبين، بعد دعوتهم للإجتماع في منزله في بيروت، أن "بري بِمون، وما بقدر زعله، ولدي مصالح معه في دوائر أخرى". أما إرسلان فمُحرج بخير الدين، لأنه إبن البيت، ويعلنها عبر تويتر، برّي رشّح خير الدين بالتوافق مع جنبلاط، ولم يبقَ أمامي فعلياً سوى الموافقة.

القواعد من الجانبين رفضت الأمر بداية، لكنها تحت ضغط القيادات رضخت له، والسؤال الأبرز اليوم، والذي يُطرح ما بين الناس وفي الكواليس، أين أنتم يا زعماء الدروز، أين أنتم من حقوق الطائفة، من الدفاع عنها، من احترام محازبيكم، من احترام أنفسكم، أنتم القادة والزعماء،

بغض النظر عن إسم المرشح، هل من المقبول هذا الخنوع، هل من المقبول الرضوخ لتسمية أي كان فقط لأن برّي أراد وأنتم العالمون بوضع رعيتكم، كيف تحوّلت هذه الطائفة وأهلها مطيّة لمزاج برّي ومصالحه، أين المشايخ والأهالي،

أين المرشحين من الفريقين الذي يرفضون الخضوع؟!، ام أن ما يلزم الزعيم يلزم الرعية. طائفة مؤسّسة للكيان، طائفة كمال بك جنبلاط، وشكيب إرسلان، ومجيد إرسلان، ومحمد أبو شقرا، أصبحت راضية، راضخة لأمر الأستاذ؟!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة