المحلية

الخميس 21 تموز 2022 - 18:43

"صاروا الآن كالنعامة"...كلام سياسي لـ اللواء ابراهيم!

"صاروا الآن كالنعامة"...كلام سياسي لـ اللواء ابراهيم!

أشار المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، اليوم الخميس ان "هذا اللبنان الذي عرفناه صار من الماضي، وعلى اللبنانيين أن يُعرّفوا ذاتهم الوطنية وبالتحديد هويتهم، ليعرفوا من بعدها اي لبنان يريدون، ويحددوا دوره في عالم يتغير بسرعات برقية، وترتسم حوله احلاف متقابلة، سياسية وامنية واقتصادية وتجارية".

جاء ذلك خلال لقاء حواري مع ابراهيم تناول فيه موضوع "لبنان في مسار الاستحقاقات الحالية محلياً وخارجياً".

وقال ابراهيم:"البداية الصحيحة توجب علينا الإعتراف بأننا فقدنا كل بطاقات التعريف السابقة. لم نعد جامعة الشرق ووجهته السياحية. لم نعد مستشفى الشرق وإعلامه ومطبعته.لم نعد مصرف الشرق، ولم نعد موضع ثقة المودعين".

وأضاف، "للاسف، ما زال وطننا ساحة يتصارع فيها الجميع، وصندوقة بريد من كل الجهات والى كل الاتجاهات. ولأنه هكذا، فهو مرشح للتدهور أكثر فأكثر. وبالرغم من صلابة أرضه ، وأصالة شعبه، لكننا في وطن يطوف على رمال مُتحركة. هذا الكم والنوع من الأخطار نواجهه حالياً. نجاح ندوتنا يبدأ من تعيين دقيق للوضع الداخلي، لقراءته بشكل سليم في متعلقاته الإقليمية والدولية".

وتابع :"الصورة العامة توحي وكأن البلد ينهار على اللبنانيين. هل هذه حقيقة أم وهم؟ الواقع أن الدولة تسقط بشكل متسارع، لم يبق منها إلا المؤسسات العسكرية والأمنية، يقاتل افرادها باللحم الحي دفاعاً عن الشعب وكيان لبنان ووحدته وأمنه بما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

وأردف ابراهيم، "أبلغ دليل على ذلك ما جاء في قمة جُدَة، إذ لم يحضر لبنان سياسياً على خارطة هذه القمة الإقليمية ـ الدولية. والإهتمام به كان من مدخل التداعي لمساعدة قواه العسكرية والأمنية حصراً ومن دون البحث في كيفية مساعدته لإجتياز محنته والمصاعب التي تواجهه. وهذا الأمر بالتحديد يوجب علينا كلبنانيين أن نقف مع أنفسنا لبلورة رؤية عاجلة للإنقاذ والنهوض".

واستكمل، "الحديث عن سقوط الدولة يعني في ما يعني أن كل ناظم للبنان صار مطروحاً على طاولة البحث. وصار مستحيلاً أيضاً المضي قدماً من دون مواجهة الوقائع بشجاعة وبعقل منفتح. لقد بلغنا هذه النقطة لأننا نفتقد لوجود رجال دولة يفكرون بالمستقبل ويعملون من اجله، بينما في الحقيقة نحن محاطون برجال مهمومين بالحواصل الإنتخابية وليس بالحواصل الوطنية.إن الذين قالوا بأن الإنتخابات النيابية هي المدخل للتغيير، صاروا الآن كالنعامة التي تدفن رأسها بالرمل"،

واستطرد قائلاً، "حسناً، أجْرِيت الإنتخابات بمعايير من الشفافية والأمان، لكن ماذا بعد؟ ما الذي يستطيع أن يفعله النواب المنتخبون الآن فيما الإدارات والمؤسسات تسقط تباعا؟ الجميع معه حق، والجميع على حق في مطلبه بتعديل الرواتب التي ما عادت قادرة على توفير فاتورة الخبز والدواء والاستشفاء والكهرباء. وما مر على لبنان منذ ثلاثين شهراً حتى الساعة لا يُنبئ بخير، ولا يبشر بأمل آتٍ. لقد رأينا كيفية تفاعل العالم كله معنا. هل من داعٍ لأقول أن النتيجة كانت صفرية، لأن جديدا لم يولد وقديما قد رحل، فيما نحن، شعبا وسياسيون، لا نقوم بمسؤولياتنا وواجباتنا".

وزاد،"حالياً لا مؤشرات على أن لبنان ومكوناته قادرون على الفكاك من تشابك التعقيدات الداخلية مع الخارجية. ليس لأن ذلك قدراً، بل لأن الجميع له مدد وسند خارجي يستدعيه إلى الداخل، وهنا لا يستثنى أحد".

وقال: " تاريخنا القريب منه والبعيد يقول ذلك بوضوح. الحقيقة الساطعة التي لا نريد مواجهتها هي أن لبنان في مسار الإستحقاقات الخارجية لا يُرى إلا من موقعه "الجيو- بولتيك" وليس من إمكاناته الفعلية التي انتهت، وكلنا شاهَدَ نهايتها المأسوية وساهم بها بمعرفة ومن دون معرفة. والأكثر وضوحاً في هذا السياق هو أننا دخلنا الإستحقاق الرئاسي من أعرض الأبواب والكل إنخرط أو هو في صدد الإنخراط في السباق إلى سُدة الرئاسة الأولى، فيما يبدو أن تشكيل الحكومة صار مؤجلاً بسبب عوامل الإستعصاء السياسي التي دخلت عليه".

وتوجه ابراهيم الى الحاضرين بالقول: "ان قوس الأزمات أحاط بكل شيء في لبنان الذي صار بلد العدادات، وصارت خريطته كلها عبارة عن إشارات حمراء تُحذر من المخاطر.
الكوارث السياسية تصاحب مثيلاتها المالية لتلف لبنان. الإدارات العامة مُقفلة واللبنانيون يختنقون. السلع الأساسية مفقودة بمعظمها وما يتوافر نحصل عليه بشق الأنفس. لا نعرف بعد متى يحين الإستسلام، ونحن نعاين قيمة الليرة على خط الإنهيار المتمادي".

واستتبع قائلاً، "للاسف، هذا هو حال لبنان الذي يتقابل مع شرق أوسط يعيش لحظة إصطفافات جديدة عنوانها الأمن الإقليمي والدولي، وتنازع رهيب على الموارد. ولا أخفيكم أن لبنان ليس حاضراً على طاولة المجتمَعَيْن الإقليمي والدولي إلا من كونه يكاد يكون ملجأً أو وطناً بديلاً لللاجئين والنازحين، وهذا ما يرفضه اللبنانيون جميعاً، وتوافقوا عليه في دستورهم بنص صريح يحسم بنهائية الكيان اللبناني لبَنيه".

وفي سياق اخر قال: "وفي معرض مقاربة الوضع في الشرق الأوسط، فإن الأهم هو الوقوف ملياً أمام الوقائع الإقليمية، حيث انطلق حصان التطبيع على مساحة دول الخليج. وقد صارت إسرائيل حاضرة، وقوة تأثيرها تتعاظم أكثر فأكثر مستفيدةً من أزمات لبنان وسوريا والعراق واليمن، وعبر تصوير إيران على أنها هي العدو، وليس هي الكيان الغاصب في فلسطين المُحتلة".

وتابع، "لكن ما يجب أن يعلمه الجميع هو أن إيران تجري حوارات ولقاءات مع عدة دول عربية كالسعودية ومصر والأردن والإمارات، وتعطي التفاهم وحُسن الجوار مع دول المنطقة أولوية قصوى تتقدم أحياناً حتى على إعادة إحياء الإتفاق النووي. ولهذا كله آثار مباشرة على الواقع اللبناني السياسي والإقتصادي والإجتماعي، ويجب أن يتنبه إليه اللبنانيون بدلاً من أن يذهبوا في مسار العداوات المجانية التي سترتد لاحقا عليهم خسارة سياسية صافية".

وأشار الى أنه "أما على المستوى الدولي فيجب الأخذ بالحسبان مُجريات الحرب الروسية ـ الأوكرانية وتأثيرها على لبنان والعالم كله في مجالات الأمن الغذائي والإقتصادات العالمية. وأولى النتائج تجلت بأسعار القمح ومن ثم بتأجج الصراع على الموارد والثروات الغازية الإستراتيجية، وهذا ما أوقع لبنان على خط التوترات الإقليمية والدولية وزاد من تعقيدات عناصر الأزمة الوطنية".

وسأل ابراهيم :هل من بصيص امل؟ مجيباً "الندم ليس في قاموسنا، والاستسلام ليس في ثقافتنا الوطنية. الضروري اليوم هو المسارعة للبحث عن كيفية النهوض. وهذا يستحيل أن يكتب له النجاح إذا ما كان بأدوات الماضي".

ولف ابراهيم الى أن "هناك جديد يجب أن نذهب إليه بروح وطنية مشتركة، فنحن أمام فشل رهيب في كل شيء. والجديد يجب أن يكون صناعة لبنانية، يتكيف مع تبدل المسارات الداخلية والخارجية. وكما سبق وقلت، لا القديم قادر على الإستمرار، والجديد لم يولد بعد.... لا لشيء إلا لأن اللبنانيين يرفضون مواجهة واقعهم وما آلت إليه الأمور من تفتت وتآكل وإنحلال".

وأردف، "لا اخفيكم ان ما أخشاه أن يستمر الحال على ما هو عليه، خصوصاً لجهة الاستمرار في العقلية السائدة، او في الإستقواء بالخارج وإستدعائه من هذا الفريق أو ذلك ليتصارع مع ذاك أو ذينك".

واستطرد ابراهيم: " لقد انفجر لبنان مراراً وتكراراً جراء هذه المغامرات المقامرة، وكذلك جراء اعتبار هذا المكون أو ذاك أن ضمانة الوطن، وبطاقة تأمينه، تتحصل من الإرتباطات الإقليمية والدولية، ولكن كل ذلك كان رهانات غير صائبة دفعنا كلنا ثمنها غاليا ولا نزال. المطلوب خيارات لبنانية تنبع من تاريخ بيروت وكل مدينة وبلدة على مساحة الجغرافيا اللبنانية التي حضنت شعبا عاش وترعرع في بوتقة تعددية حضارية وثقافية ودينية لا مثيل لها في العالم".

وأوضح، "سيبقى رهاننا على هذا الشعب الأبي لنعيد بناء وطننا.صدقا اقول، ان الذين ينادون فريقا او يتهمونه بالتبعية، انما يفعلون ذلك لاستبدال التبعية بأخرى تناسبهم لتأمين مصالحهم وليس لأي سبب آخر، ولا لاختزالهم كل شيء برؤية وطنية صافية وواضحة. فلتجمعنا المواطنة الصحيحة لنستحق لبنان ونخرج من عباءة الطوائف والمذاهب كمدماك اول لاعادة بناء الدولة.".

وختم ابراهيم بالقول:" لبنان بلد غني وليس بلدا فقيرا، وانا مقتنع بذلك، فلنبحث معا عن مصادر غناه ونخرجها من عباءة التقاتل والتنابذ والتناحر. فنجد غناه بوحدة ابنائه وبرؤية اقتصادية تنموية انتاجية واضحة تعيد الى لبنان وشعبه مرحلة الازدهار الذي كنا ننعم بها قبل الحرب المشؤومة".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة