"ليبانون ديبايت" - المحرر السياسي
ثلاثةُ أشهرٍ مرّت على ارتفاع صوت القضاة في لبنان، وإطلاقهم صرخةً مدويةً يقولون فيها "كفى"، وما من مُجيب، باستثناء أبواق الإستهتار، والحملات اليومية من جهاتٍ تدّعي أنها "جناح العدالة الثاني"، وتتعرّض للقضاة وللقضاء.
يريدون من القاضي أن يبقى مكسور الأجنحة، ليبقى تحت جناحهم، ويذهب إلى عملهِ فقيراً، مُستاءً وخاضعاً.
ما السبيل إلى تحقيق العدالة؟ وأيّ عدالةٍ نبتغي ممّن فقد العدالة في حياته اليومية واستقلاله الوظيفي؟
اعتاد اللبنانيون على "الواسطة" وعلى "اتصال الوزير" وتدخّل "الرنجر" في كلّ شيء، فهل سيرضون بقضاءٍ نزيهٍ ومُستقل؟
كيف يدين نقيبا المحامين في لبنان إعتكاف القضاة، ولا يشجبان رفض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ولا مبالاة مجلس القضاء، وإهماله دعم 400 قاضٍ، توقفوا عن العمل قسراً بعدما باتوا على مشارف الفقر؟ فيما وقّع 550 قاضياً على كتابٍ موجهٍ إلى حاكم مصرف لبنان (وافقت على آلية إجرائه القاضية غادة عون، دون معرفة ما إذا كانت من بين القضاة الموقّعين) لتفعيل آلية دفع الراتب على معدّل 8000، والتي قامت جهات سياسية وقانونية بإتهامهم بتقاضيها منذ تموز الماضي.
لماذا لا يؤازرون صرخة القضاة، ويوضحون للرأي العام، أن الحكومة ومجلس النواب، لم يحرّكا ساكناً إزاء قضاة يستغيثون ويطلبون المساعدة بعدما باتت حياتهم في حالة انهيار، وذلك بدلالة مراوحة مرسوم ال 35 ملياراً، وتجميد ميقاتي، آليّة صرف راتب القاضي على مبلغ ثمانية آلاف، من دون إيجاد آلية رديفة"."
وبالكلام عن الاجراءات "الرديفة"، فالصورةُ قاتمةٌ، في حال حصل تعيين قاضٍ رديف أو عدمه، لأن موضوع عرقلة تحقيقات ملف تفجير مرفأ بيروت لم يعد موضوعاً عرضياً. فالتشكيلات القضائية الجزئيّة لقضاة محكمة التمييز معلّقة، وسيبقى المحقق العدلي طارق البيطار، مكفوف اليدّ حتى إشعارٍ آخر، بنتيجة 34 دعوى جزائية وأربع طلبات ردّ.
وبالتالي، كيف يرضى أهالي الضحايا بعدم تعيين قاضي تحقيق عدلي جديد، للسير ليس "فقط" بمهام محدّدة، بل بالملف ككل؟ وإذا أراد مجلس القضاء تحديد موضوعٍ معين، فليحدّد مدة ثلاثة أشهر، حتى يُنهي القاضي الرديف كامل التحقيقات، بعدما كان قد أعلن مقربون من البيطار سابقاً، أنه شارف على إصدار القرار الإتهامي، إلاّ أن ذلك لن يتّم كون القاضي سهيل عبود رفض تعيين احدى القاضيات.
ربما نظرية المؤامرة تتجاوز هذه الحدود. إذ يبدأ "تسخيف" عمل المحقّق العدلي الرديف لاستفزاز أهالي الضحايا والرأي العام، ثم يأتي المرسوم الذي ينظّم عدد رؤساء غرف محاكم التمييز الصادر عام 2004 وينصّ على وجود رؤساء ست غرف للمسلمين وخمس غرف للمسيحيين مع الرئيس.
بعدها، يتذرّع وزير المال يوسف خليل، بعدم التوازن الطائفي ويواكبه وزير العدل هنري خوري، ويعيد المرسوم لإجراء المقتضى، ويراسل مجلس القضاء للإلتزام بمضمونه؛ في مشهديةٍ تؤكد أن القضاة الشيعة، يتبعون المرجعية ذاتها، التي يتبعها وزير المال، الذي يصرّ على حلٍّ رفضه القضاة الشيعة في المجلس، ما انسحب تمديداً ل"رفع" يد بيطار.
وبين سطور المرسوم، أتى الحلّ بتعيين قاضٍ رديف، وتوكيله مهمة عدم تمكين أي قاضٍ باستثناء بيطار، من قبول مهمة محددة، نظراً للغضب الشعبي المرتقب.
مردّ ذلك، إلى قرارٍ متخذ من أطرافٍ عدّة، بوقف التحقيق بانفجار المرفأ مع بيطار أو غيره، بهدف تحييد ضباطٍ من إحدى المؤسسات العسكرية وطمس ملاحقة أحد القضاة، والذي تمّ تعيينه في التفتيش القضائي رغم توجيه الإتهام له، ما خلق شبهات حول طريقة تعاطي المحققين العدليين فادي صوان وطارق البيطار في السابق مع هذين الموضوعين، بمعزلٍ عن كلّ الأدلة والإخبار الأخير لأحد أهالي الضحايا.
الثنائي الشيعي لا يريد عودة البيطار نهائياً، فهناك اتفاقٌ غير معلن، سياسي- قضائي- أمني لطمر التحقيق، إضافةً لمحاولة فريق سياسي تصفية حساباتٍ سياسية مع هذا الفريق او ذاك.
الكلّ يريد تجميد التحقيق ولا أحد يريد... الحقيقة.
لا زال قضاة لبنان يأملون بمنحةٍ فصلية أو هبة محددة او بدعمٍ من مجلس قضائهم بالرغم من دعوة هذا الاخير إلى جمعية عمومية يوم الجمعة القادم.
لكن لا مؤشرات حتى الساعة، لأنه لو أراد مجلس القضاء الوقوف بوجه الحكومة أو بعض النواب لكان فعل.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News