ألغيت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التي كانت مقررة إلى الإمارات في كانون الثاني الماضي، ولكن على ما يبدو ليس بسبب "استعدادات لوجستية"، مثلما أعلن مسؤولون حينها، بل بسبب الخشية من تصريحات تثير حفيظة إيران، على ما نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين، ولكن محللين تحدث إليهم موقع الحرة استبعدوا هذا السبب، وتحدثوا عن "عشرات" غيره.
وقال ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لموقع "أكسيوس" في تقرير نشر، الخميس، إنه "تم تأجيل زيارة نتنياهو إلى الإمارات في أوائل كانون الثاني بسبب مخاوف إماراتية من أنها ستسبب توترات إقليمية مع إيران".
ولفت الموقع إلى أن "التفاصيل الجديدة حول إلغاء الرحلة، تتعارض جزئيا مع ما قاله المسؤولون للصحفيين في ذلك الوقت. كما تسلط الضوء على الاختلاف بين البلدين، فيما يتعلق بموقفهما العام تجاه إيران".
وفي 3 كانون الثاني الماضي، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، لم تسمه، قوله إن "زيارة نتنياهو إلى أبوظبي لن تتم الأسبوع المقبل، بسبب الحاجة إلى استعدادات لوجستية أطول"، نافيا أن يكون السبب له علاقة بدخول وزير الأمن القومي حينها، إيتمار بن غفير، المسجد الأقصى، وفق مراسل "الحرة".
ووسط هذا التناقض تطرح تساؤلات عن أسباب إلغاء الزيارة، فهل تم ذلك بسبب الخشية من توترات مع إيران، أم أن هناك أسباب أخرى، وما انعكاسات ذلك على العلاقات الوليدة بين الدولتين، والتي بدأت في أيلول 2020.
وتعليقا على إلغاء الزيارة، استبعد المحلل الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، أن يكون القرار بسبب الخشية من إيران أو من تصريحات كان يمكن أن يدلي بها نتنياهو خلال زيارته.
وأوضح عبد الله في حديثه لموقع "الحرة" أن "هناك عشرات الأسباب تؤشر إلى أن الإمارات لا تود استقبال نتنياهو حاليا، وهي تتعلق بطبيعة هذه الحكومة الإسرائيلية الحالية الغارقة في عنصريتها وفي يمينيتها، وانتهاء بأخبار تفيد أن إسرائيل ربما ستقدم على هجوم عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية".
وقال "إن هناك عدة أسباب أخرى أيضا، وربما من بينها أن حكومة نتنياهو قد لا تستمر طويلا، بحكم الخلافات والتوترات بين أعضاء هذه الحكومة وفي تقديري الإمارات وعدة دول أخرى لا تود أن تستقبل نتنياهو حاليا".
وللأسبوع التاسع على التوالي، نزل آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع في تل أبيب، مساء السبت، احتجاجا على تعديل مثير للجدل للنظام القضائي طرحه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ويعتبرونه مناهضا للديمقراطية، وفقا لفرانس برس.
ومن خلال هذه الإصلاحات، يسعى نتنياهو على رأس حكومة ائتلافية من اليمين واليمين المتطرف تولت مهماتها في كانون الثاني 2022، إلى تقليص سلطات المحكمة العليا ومنح السياسيين سلطات أكبر في اختيار القضاة، ما أثار منذ الإعلان عن النص مطلع كانون الثاني تظاهرات حاشدة.
وقال المسؤولون الثلاثة الذين شاركوا بشكل مباشر في التخطيط للرحلة، لأكسيوس إن "الإماراتيين أرادوا أن تركز الزيارة على الاحتفال باتفاقات إبراهيم والعلاقات الثنائية بين البلدين، ونتنياهو أراد استخدام الزيارة لتوجيه رسالة علنية لإيران".
ووفقا للمسؤولين "كان الإماراتيون قلقين من أن يدلي نتنياهو بتصريحات علنية ضد إيران أثناء تواجده على أراضيهم، وهم لا يريدون أن تزيد الزيارة من التوترات مع إيران وقرروا تأجيلها".
وامتنع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن التعليق، ورفض مسؤولان إماراتيان التعليق لأكسيوس.
وفي رأي مغاير لعبد الله، رجح المحلل الإسرائيلي، إيلي نيسان، أن يكون سبب إلغاء الزيارة هو الخشية من توتير العلاقات مع إيران.
وقال نيسان في حديثه لموقع "الحرة" إنه "تم تأجيل زيارة كانت مقررة في الماضي لنتنياهو، بسبب التوتر الذي حصل حينها في المنطقة، ولذلك الإمارات لم ترغب بزيارة رئيس الوزراء، وتم تأجيلها إلى أجل غير مسمى".
وأضاف "اليوم بعد أن خطط رئيس الوزراء مرة ثانية لهذه الزيارة، ظهرت شائعات بأن الإمارات طلبت من نتنياهو إرجاء هذه الزيارة لموعد آخر، خشية أن يؤدي هذا الأمر إلى المزيد من التوترات بين الإمارات وإيران، ولذلك في الوقت الحاضر تم إرجاء هذه الزيارة، ولم يتم تحديد موعد آخر".
وأشار نيسان إلى وجود "قضايا أخرى، مثل القضية الفلسطينية وما حدث في الضفة الغربية في الآونة الأخيرة، ومن تقديم الإمارات شكوى إلى مجلس الأمن، وهناك أسباب أخرى لعدم زيارة رئيس الوزراء".
وفي شباط الماضي، "اعتمد مجلس الأمن الدولي بيانا رئاسيا يعارض التدابير أحادية الجانب والتي من شأنها عرقلة آفاق حل الدولتين وكانت الإمارات بصفتها عضوا منتخبا في مجلس الأمن، قد يسرت هذا القرار الهام بدعم من جميع أعضاء المجلس"، وفقا لبيان نشرته وزارة الخارجية الإماراتية.
وقالت الوزارة "أدان البيان الرئاسي جميع أعمال العنف المرتكبة ضد المدنيين، ودعا كافة الأطراف إلى إدانة أعمال الإرهاب والامتناع عن التحريض على العنف، ومتابعة المساءلة عن جميع أعمال العنف التي تستهدف المدنيين وأعرب البيان عن بالغ قلقه واستيائه لإعلان إسرائيل في 12 شباط عزمها شرعنة تسع بؤر استيطانية" في الضفة الغربية.
وعن خشية الإمارات من تصريحات ضد إيران قد يدلي بها نتنياهو، قال عبد الله إن "نتنياهو لا يحتاج أن يأتي إلى الإمارات لكي يوجه رسالة علنية أو تصريح لإيران، فهو يتوعد ليلا ونهارا ويهدد إيران والعكس صحيح وبالتالي أعتقد أن هذا ليس بالضرورة السبب الذي دفع الإمارات إلى اتخاذ قرار مرتين، وليس مرة واحدة، بعدم استقبال نتنياهو".
ويشير أكسيوس إلى أن "هذه هي المرة الخامسة التي يتم فيها إلغاء أو تأجيل رحلة رسمية لنتنياهو إلى الإمارات. وكان من المقرر أن يسافر إلى الدولة الخليجية في المرة الأخيرة التي كان فيها رئيسا للوزراء (2020) للاحتفال باتفاقات إبراهيم، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات. لكن تم إلغاء تلك الرحلات أيضا".
وعندما تولى نتنياهو منصبه مرة أخرى العام الماضي (2022)، قال إن أول رحلة خارجية له ستكون إلى الإمارات، وفي أواخر كانون الثاني، أعلن مكتب رئيس الوزراء في إحاطة للصحفيين عن رحلة نتنياهو إلى الإمارات، والتي كان من المقرر إجراؤها في الأسبوع الثاني من كانون الثاني.
وعن انعكاسات إلغاء الزيارة على العلاقات الوليدة بين الدولتين، والتي بدأت في أيلول 2020، يقول عبد الله إن "الإمارات مستمرة في قرارها الاستراتيجي للتطبيع مع إسرائيل، كائنا من كان رئيس الوزراء، ومهما كانت الأحداث التي أحيانا تكون عنيفة".
وأوضح المحلل الإماراتي أن "الإمارات ستستمر في قرارها الاستراتيجي كما استمرت مصر والأردن في علاقاتها دون انقطاع رغم كل الظروف الصعبة، وأعتقد أن الإمارات تعرف أن العلاقة مع إسرائيل ليست فقط سياسية".
وأضاف أن العلاقات بين إسرائيل والإمارات "سياسية واقتصادية وتقنية وعلمية واستخباراتية وعسكرية، وهي علاقات متنوعة، وليست علاقة بضلع واحد، وإنما بأضلع عديدة، وبالتالي إذا كان هناك تأثر في الضلع السياسي بسبب ما يجري حاليا في الضفة الغربية، فلن يؤثر على مسار العلاقات والتطبيع الذي جاء ليبقى".
وأعرب وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا والمملكة المتحدة وإسبانيا في بيان مشترك، السبت، عن "القلق البالغ من استمرار وحدّة أعمال العنف في الأراضي الفلسطينية".
وقال وزراء الخارجية في بيانهم "ندين بشدة الهجمات "الإرهابية" الأخيرة التي تسببت في مقتل مواطنين إسرائيليين".
وأضافوا "ندين بشدة أيضا العنف العشوائي الذي يمارسه المستوطنون الإسرائيليون ضد المدنيين الفلسطينيين، ويجب محاسبة مرتكبي كل هذه الأعمال وملاحقتهم قضائيا".
يأتي هذا البيان ذو الصيغة غير المسبوقة في أجواء تصاعد العنف في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لا سيما في الضفة الغربية، وفقا لفرانس برس.
والأحد الماضي، تعرضت بلدة حوارة الفلسطينية لهجوم شنه مستوطنون إسرائيليون بعد ساعات على مقتل اثنين من المستوطنين أثناء مرورهما بسيارتهما عبر هذه البلدة في شمال الضفة الغربية.
وحث موقعو البيان جميع الأطراف على "الوفاء بالالتزامات التي تعهدوا بها في اجتماع العقبة، وتخفيف حدة التوتر قولا وفعلا".
وتعهد مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون في 26 شباط الماضي، بالعمل على "خفض التصعيد" خلال اجتماع عقد في الأردن برعاية الولايات المتحدة.
من جانبه قال نيسان إنه "في الآونة الأخيرة هناك نوع من الفتور في العلاقات بين إسرائيل والإمارات، ورغم أن السياح الإسرائيليين يتدفقون على دولة الإمارات، لا نرى سياح من الإمارات في إسرائيل".
ولفت نيسان إلى أنه رغم "وجود مصالح مشتركة بين إسرائيل والإمارات، مصالح استراتيجية وأمنية، إلا أن هناك نوع من الفتور أيضا".
وختم قائلا "بعد انتهاء التوترات الداخلية في إسرائيل بسبب تطبيق الإصلاحات في الجهاز القضائي، أعتقد أن الأمور ستعود إلى نصابها".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News