ريتا شهوان - الخبر
ادركت المنظمات الحكومية في لبنان، حجم نقص الديمقراطية في لبنان، وخطورة “تسلبط” السلطة. فأصبحت كل الاستحقاقات الديمقراطية في سلم اولوياتها. كما كانت الانتخابات النيابية، أصبحت الانتخابات البلدية. لا يخفى على أحد، أن هناك أسماء متعددة تؤثر في الدراسات المتعلقة بالبلديات، كأنطوان مسرّة وزياد بارود (وزير الداخلية السابق) الذي ناضل كثيراً لتحرير البلديات من “سلبطة” الدولة المركزية اكان على صعيد تلقي الهبات، والتمويل على الصعيد المركزي، او حتى القدرة على الحركة المالية. وليس بالسر، ان الجمعيات تعتمد على البلديات كقاعدة انطلاق لنشاطاتها، لان تلك تمثل السلطة المحلية، كما المنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني يعزز المشاركة السياسية الديمقراطية.
صحيح ان مفهوم “المجتمع المدني” هو من المفاهيم السائدة في المجتمعات الغربية ولديها وجهة نظر للحياة السياسية وتسعى الى ايصال الشباب والمراة قدر الامكان. ولا يمكن فصل عمل المجتمع المدني في لبنان عن سياقه الغربي كي لا يتم تداول مصطلحات لا تمت للحياة السياسية بصلة كاستخدام مصطلح “سياسة الصدفة” عند الكلام عن هذا المجتمع المدني، الذي انتج جمعيات كما مجموعات، كما ورد في ورقة العمل بعنوان “السياسة بالصدفة: الحراك يواجه شعوبه” معرفة “«السياسية بالصدفة» كأشكال تنظيمية عفوية خارجة عن التنظيمات السياسية التقليدية. هيكليتها مرنة، خطابها عاطفي، مطالبها فضفاضة، تحركاتها استعراضية (…) . تَستلهم «السياسة بالصدفة» من أدوات عمل المنظمات غير الحكومية ومصطلحاتها لتبني خطاباً شعبوياً عابراً للتناقضات من خلال تحديد خصم مشترك” مشيرة الى ان “لا تتعدّى «السياسة بالصدفة» القدرة على الاحتجاج، أي التعبيرعن استياء أو سخط. فهي عاجزة عن ترجمة مطالب المشاركين إلى برنامج سياسي موحّد”.
وصحيح ان بعض النواب التغيريين لم يعاندوا بما يكف قرار التمديد للمجالس البلدية كما هي، لتوحي بدورها صحة وصفهم بـ “السياسة بالصدفة”. مما يترك هذا المجتمع المدني (مجموعات وجمعيات) مترنحا بين سلطات دينية او مرجعيات سياسية ليبرهن انه غير قادر حتى الساعة على انشاء نظام اجتماعي حديث ينهي القديم القائم على الحرب، فيحل هذا المجتمع المدني تماما كتعريفه مكان المجتمع السياسي (وفق جون لوك) القائم على الحرب اللبنانية ونتيجة سلطة السلاح (اكان حزب الله او الاحزاب الناشئة عن الحرب). ويعرف هيغل المجتمع المدني بانه مجموعة من الافراد الذين لا يسعون سوى الى تحقيق مصالحهم الخاصة بما فيها المصالح المادية من خلال تعامل هؤلاء الافراد مع بعضهم البعض، وقد ابدى هيغل اهتماما ملحوظا في الجدلية الاخلاقية والتي ينضوي تحتها المؤسسات بالعالم الخارجية وهي المجتمع المدني والاسرة والدولة. وقد اعطى جان جاك روسو اهمية كبيرة للمجتمع المدني حيث اكد ان الحرية هي الركيزة الاساسية التي يقوم عليها المجتمع المدني، والمقصود بالحرية هي ازالة العقبات من امام طريق الاختيارات وهي المحرك الاساسي لوجود المجتمع المدني وتطوره وان المجتمع المدني يرتبط ارتباطا وثيقا بالدولة. ويعرف البنك الدولي مؤسسات المجتمع المدني بانها مؤسسات ينطوي تحتها مجموعة من المؤسسات والجماعات ولها اهداف انسانية او خيرية او تعاونية اكثر من كونها اهداف تجارية وهي مستقلة الى حد كبير عن الحكومة. ووفقا لوثائق الامم المتحدة الصادرة عام 1994 فان مؤسسات المجتمع المدني تمثل مجموعة من المواطنين الذين ينتموت لدولة واحدة او عدة دول. غير ان تماسك المجتمعات لا يحصل دون سعي الدولة على تعزيز دور هذا المجتمع المدني الذي هو نتيجة المجتمعات اساسا. اذ ان الاهتمام المجتمع المدني والجمعيات بالبلديات وتعزيز دور البلديات ونشاطها لا ياتي منفصلا عن الاهتمام المتزايد للجتمع المدني عالميا لارتباطه بالتحولات العالمية في صناعة القرار في المجتمعات المتقدمة. لكن لا، صحيفة الاخبار اللبنانية بمقالة الـ “NGOs تريد البلديات بديلا من الدولة” ترفض اي تطور ديمقراطي. لا بل تسعى الى ضرب مفهوم المجتمع وتماسكه الذي ينتجه التعاون بين الافراد وفي المجتمعات المحلية كانها تحيل الى ما صدر في الجريدة الرسمية الى ان الاستحقاق الديمقراطية الذي ستشارك به الاحزاب كما المجتمع المدني (مجموعات، جمعيات، افراد) سيضرب تعاضد “العائلات” الذي بنظر من شرع التمديد “متآلفين” ولا يريدون الدخول في صراعات. حتى ان الصحيفة كما الدولة التي شرعت تخلفها تضرب مفهوم الفاعلية وتطور المؤسسات التي يجب ان تسعى الى الاستقلال بما في ذلك الاستقلال المادي، الذي ينادي به الوزير السابق زياد بارود.
ويعرف بنجامين كوستان ان الحزب انما هو تجمع افراد يؤمنون بنفس الفكر السياسي، ويساهم ان وصل الى السلطة في صياغة سياسة الدولة لذا الحزب ليس عبارة فقط عن تجمع يعبر عن موقف سياسي لدى مجموعة من الافراد (عائلات) فحسب بل يوثق الصلات بينهم وبين الحكومة، التي اليوم ضائعة بين البحث عن تمويل وبين التشريع، الذي شكى في الجريمة الرسمية من عدم القدرة على وضع استراتيجيات مناسبة للتنمية التي حددها بردم الجور وغير قادر على تطوير المجتمعات اي رفعه الى نحو يعمل على التماسك الاجتماعي بدل حروب “عائلات”. هذه الاحزاب التي منها ايضا التيار الوطني الحر، المشرع، في حالة التاجيل، تعتبر ايضا من بين اعضاء “المجتمع المدني” غير المتماسك، برأي المشرع، ليعود السؤال بذلك الى هذا المشرع، ان لم يكن يؤمن بالاستحقاقات الديمقراطية، ويخاف من خوض اي استحقاق يحرّك الحياة الاجتماعية، على أي اساس يفاوض صندوق النقد الدولي، وفرنسا التي تعتقد ان لبنان بلدًا ديمقراطياً استوحى دستوره منها بالتالي ضرورة مساعدته وفق الاتفاقية التي اجرتها مع السعودية؟
شاركها
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News