المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الأربعاء 03 كانون الثاني 2024 - 08:26 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

‎تدشين مرحلة الحرب الأمنية؟

‎تدشين مرحلة الحرب الأمنية؟

"ليبانون ديبايت" - عبد الله قمح

‎على مدى ثلاثة أشهر من القتال في قطاع غزّة من ضمنها شهرين من عمر بدء العملية البرية الإسرائيلية، كان بلوغ مرحلة الإغتيالات أمراً متوقعاً، لكونها تُشكّل مخرجاً لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الفاقد للقدرة على تحقيق أيٍ من النتائج المعلنة للحرب منذ السابع من تشرين الأول الماضي، إبتداءً بإنهاء حركة "حماس" مروراً بتحويل "القطاع" إلى منطقة غير قابلة للحياة. الذي لم يكن متوقعاً لدى أكثرية المراقبين، أن يلجأ الإسرائيلي إلى التعويض عن فشله بتحقيق أهداف على وزن يحيى السنوار أو محمد الضيف في غزة بإستهداف صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية.

‎ستكون تداعيات الإغتيال أشدّ وقعاً من الإغتيال ذاته. ثمة ترتيبات معينة كان يجري العمل عليها في ما خصّ جبهة لبنان والوضع المرتبط في الحرب الدائرة بقطاع غزة، وكان الوصول إلى صيغة صفقة لتبادل الأسرى وما يرافقها من هدنة معينة في القطاع أمراً محتملاً. أيضاً كان التفاوض نشطاً على خطّ ترتيبات الوضع في الجنوب اللبناني وما له صلة بموقع المقاومة ووضعية القرار 1701، وكانت ثمة أجواء تفيد عن تقدم المباحثات، وإن الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين قادم إلى بيروت لتقديم وتسويق صيغة حلٍ معينة.

‎الآن ثمة تأكيدات أن الإغتيال أتى على هذه الأجواء نسبياً ومن ضمنه إبلاغ حماس الوسطاء قرارها تجميد التفاوض حول الاسرى لديها حتى إشعار آخر، وأن الجو العام أصبح ميّالاً صوب الإنتقال بالصراع إلى مراحل جديدة أمنية أكثر، أو أنه مهّد له. لذلك كان رد الفعل الأميركي الأولي على الإغتيال، بإلغاء زيارة وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن إلى المنطقة، وفي مرحلة لاحقة يتوقع أن يقوم الوسيط الأميركي عاموس هوكستين بالأمر نفسه. هذا يعني تأجيل أو تجميد أي حل مرتبط في الشق اللبناني من النزاع، فيما التبعات ستشمل بشكلٍ واضح موضوع التبادل في غزة، وسيشمله تجميداً للمسار السياسي.

‎في ما يعنيه ذلك، الإنتقال إلى مرحلة من الصراع الأمني بموازاة الحرب العسكرية. وللإشارة، فإن العدو الإسرائيلي دشّن، أو مقبلٌ على تدشين هذه المرحلة، من خلال ما يسميه المرحلة الثالثة من الحرب في غزة، التي تشمل ـ بحسب قوله - إعادة تجميع القوات وتموضعها ضمن مناطق معينة داخل القطاع، تحديداً ضمن قطاعاته الشرقية، وإنشاء ما يسمّى بـ"شريط أمني"، والإنتقال إلى أعمال ذات بعد أمني على شكل عمليات جراحية تُمارس ضد أهداف في عمق غزة، مع ما يشمله ذلك من البحث عن أهداف مهمة مترافقة مع حصار سيجري تطبيقه تدريجياً في القطاع، ما له أن يطيل أمد الحرب أو يحولها من حرب عسكرية متصاعدة إلى حربٍ ذات أبعاد أمنية طويلة الأمد، ما يؤشر إلى مسعى إسرائيلي حقيقي لإبقاء الصراع قائماً لغاية تحقيق أهداف بعيدة.

‎من المحتمل أن تشكل هذه المرحلة سبباً لتهيئة الأجواء لتنفيذ عمليات اغتيال. وثمة من يعتقد أن هذه المرحلة دُشّنت بالفعل، أو جرى التمهيد لها، بدءاً من استهداف أحد كبار قادة الحرس الثوري الإيراني الجنرال رضي الموسوي في محيط دمشق، ومن ثم الإنتقال إلى عمق ضاحية بيروت الجنوبية واستهداف خلية قيادية "حمساوية" أثناء اجتماعها. ويحدث أن حدود هذا العمل لن تبقى محصورة ضمن هذا الحيّز، مع ضرورة أن يبادر محور المقاومة بصفته معنياً بما حصل ويحصل، لا سيما "حزب الله" وحماس، إلى رد فعل يكون متناسباً مع حجم عملية الاغتيال، خصوصاً وأن قيادة الحزب سبق لها أن قدمت التزاماً عسكرياً في حال اغتيال قادة من المقاومة على الأراضي اللبنانية، ما يعني أخذ البعد الأمني في أي عملية ردٍ في الحسبان. الملفت في الموضوع أن تل أبيب حاولت سحب الذرائع من خلال تحييد حزب الله من العملية أو إعلانها بعد الجريمة أنها لا تستهدفه او تستهدف الحكومة اللبنانية ولو أن الاستهداف حصل في عمق منطقته. ويبدو أنها استغلت عدم سقوط اصابات في صفوف الحزب في محاولة منها للتبرير وللتقليل من شأن أي رد.

‎ما هو إيجابي في مسألة الرد، أن المقاومة قادرة على التكيّف مع كل المراحل، ولن تذهب صوب رد فعل متهور، بمعنى الإكتفاء بردّ صاروخي أو استهداف موقعٍ عسكري معين أو مستوطنة أو مدينة، إنما ستجعل هدفها التعامل أمنياً وفق ذات القدر والوزن.

‎يقابل هذا الموقف كلام أكثر هدوءاً يقدمه مستوى معين. فاغتيال العاروري بنظر هؤلاء، قد يشكل باباً للحل كونه وفّر سبباً لكبح جموح بنيامين نتياهو الساعي لتحقيق هدفٍ ما في هذه الحرب، ولو أن الإغتيال حصل خارج الرقعة الطبيعية للصراع، أي الضاحية الجنوبية المشمولة من ضمن قاعدة اشتباك راسخة منذ عام 2006 لا شك أنها تعرّضت لاهتزاز يوم أمس.

‎مثل هذا الجو، قد يسهم في إنعاش الأجواء السياسية، بمعنى الإسراع في إنتاج حل، خشية من احتمال توسّع المعركة ممّا يضرّ بتل أبيب وحلفائها، وربما تبادر القيادة الاسرائيلية هنا إلى إعلان وقف محدود للعمليات المكثفة ربطاً برغبة أميركية ظناً منها أن طلك قد يقطع الطريق على أي رد محتمل خلال الحرب. ويمكن لنتنياهو الرازح تحت ضغوطات إنهاء الحرب، أن يستخدم هذا الإغتيال في تسويق نظرية لدى الشارع الإسرائيلي مفادها أنه استطاع تحقيق جزءٍ من الأهداف.

‎يبقى السؤال الشرعي مرتبطاً بموقف المقاومة من كل ما حصل، ومدى استعدادها للقبول بالتغاضي عن ممارسات نتنياهو، وهل من مصلحتها فعلاً إيجاد حلٍ في هذه المرحلة أي بعد الذي جرى في الضاحية، أم أنها ستستفيد من هذه اللحظة بتعميق جروحات نتنياهو عسكرياً وأمنياً؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة