"ليبانون ديبايت"- فادي عيد
يرصد اللبنانيون حركة مطار رفيق الحريري الدولي، للإطمئنان إلى الأوضاع في البلاد، بعدما باتوا فريسةً للشائعات وللتأويلات والتكهّنات والتوقعات بالوصول إلى حافة الحرب مع إسرائيل، ولكن فاتهم أن الطرف الذي يتحكّم بعمل شركات الطيران الوطنية والعالمية، هو شركات التأمين، بمعنى أن توقّف أو إلغاء الرحلات إلى بيروت، لا يعني بالضرورة أن الردّ على الغارة الإسرائيلية للضاحية الجنوبية واغتيال القيادي فؤاد شكر، قد بات وشيكاً، وكذلك الأمر بالنسبة للردّ الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة "حماس" اسماعيل هنية، عندما كان في طهران منذ أيام معدودة.
بعد حبس أنفاس بانتظار الردّ الإسرائيلي مطلع الأسبوع الجاري، تتكرّر المشهدية ذاتها في نهاية الأسبوع نفسه، مع ترقّب ردّ الحزب على الردّ الإسرائيلي، كما ردّ طهران على اغتيال هنية على أراضيها.
حتى اللحظة، ووفق منظار استراتيجي وجيو ـ سياسي، فإن الردّ يقتصر حتى الساعة على التهديد بسيناريوهات عالية السقف، ولكن سقفها هذا لا يعني الحرب التي تحشد لها إسرائيل عسكرياً، وتساندها فيها الولايات المتحدة الأميركية، في إشارة لافتة إلى بلورة قواعد اشتباك جديدة في المواجهة ما بين إيران وإسرائيل، ظهرت معالمها الأولية في نيسان الماضي، ومن المنتظر أن تتكرر قريباً مع بعض التعديلات.
هذا ما ينقله نائب مخضرم عائد من زيارة إلى إحدى العواصم الأوروبية، ومطّلع على الوساطات المكشوفة والمستترة، إذ يقرّ بأنه من غير الممكن التأثير في قرار الردّ على إسرائيل وحربها في قطاع غزة، حيث يلاحظ أن القراءة الديبلوماسية الأوروبية لعمليتي اغتيال شكر وهنية، تؤكد نقل المواجهة إلى مكانٍ جديد، تواجه فيه إيران بشكل مباشر إسرائيل، ولكن من دون أن يتسرّب أي تفصيل عن طبيعة ومستوى الردّ الإنتقامي.
ما تقدّم لا يعني حتماً إطلاق العنان للمغامرة، بل على العكس، درس الخطوة التالية بدقة، وهو ما يؤكده سلوك المعنيين بهذه العملية، الذين يركّزون على النقاش المستفيض والمترافق مع سيل من التقارير والمواقف والبيانات التهديدية.
فهل يكون عنوان المرحلة المقبلة، التعديل في المعادلة الميدانية جنوباً، في حال أتى الردّ الإسرائيلي على أي ردّ من "حزب الله" أو من ساحات المحور، من خارج كل القواعد "المتحرّكة" لأي اشتباك؟
من الثابت أن بنيامين نتنياهو يقرع طبول الحرب، لكن الفريق المقابل سيذهب نحو رفع مستوى التصعيد العسكري، إنما من دون أي انزلاق إلى الحرب الحقيقية.
فالإستعدادات للردّ قد اكتملت برأي النائب المخضرم، والمشاورات الديبلوماسية تواكبها، والتي قد تستهلك بعض الوقت، ما قد يسمح بالتحضير للأجواء السياسية المناسبة وفتح الباب أمام الوسطاء، وذلك من أجل أن يؤدي الردّ أهدافه المطلوبة على المستويين السياسي عبر العودة إلى مسار المفاوضات، والعسكري عبر وضع حسابات الربح والخسارة في أي خطوة مرتقبة.
كل الأطراف تريد وقف الحرب، وكل طرف لديه اعتباراته وأجندته الخاصة. لكن إسرائيل ترفض وقف النار في غزة، بل هي تريد ذلك في لبنان، وتسعى من خلال حرب الإغتيالات إلى ترسيخ تفاهم جديد يستنسخ القرار 1701 أو يستوحيه معدّلاً، ويؤدي إلى وقف حرب مساندة غزة في الجنوب.
ومن هنا، فإن الردّ من خارج سياق الجغرافيا المعتمدة والقواعد الخاصة بالإشتباك، سيضع خطاً فاصلاً ما بين مرحلة الإستنزاف على الجبهة الجنوبية، إلى مرحلة متقدمة من القتال بعد خرق قواعد الإشتباك الجغرافية، تفتح باب الحلول الديبلوماسية من أجل تجنّب الوصول إلى مرحلة الحرب الشاملة، والتي اكتملت ظروفها وأدواتها المحلية والإقليمية، وحتى الدولية.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News