اقليمي ودولي

placeholder

سكاي نيوز عربية
السبت 19 تشرين الأول 2024 - 18:33 سكاي نيوز عربية
placeholder

سكاي نيوز عربية

أزمة تلو الأخرى... حروب ونزاعات تؤرق الاقتصاد العالمي

أزمة تلو الأخرى... حروب ونزاعات تؤرق الاقتصاد العالمي

في ظل تصاعد حدة المخاطر الجيوسياسية العالمية، تتفاقم تأثيرات الحروب والنزاعات المسلحة بشكل متسارع على النمو الاقتصادي الدولي.

تسلط الحرب في أوكرانيا والصراع المتشعب في الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، والصراع بين إسرائيل وإيران، والضربات الإسرائيلية على لبنان، الضوء على الدور الذي تلعبه هذه التطورات الجيوسياسية كعامل رئيسي في تحديد الأداء الاقتصادي العالمي، إلى جانب الحروب والصراعات الأخرى، وكذلك الانقسام التجاري.

تعكس هذه المخاطر تجليات ملموسة للصراعات التي تعصف بالاستقرار الاقتصادي وتعمق الأزمات المالية والاقتصادية، إذ تحمل هذه النزاعات تداعيات على سلاسل التوريد وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما يفرض تحديات هيكلية أمام النمو الاقتصادي. وهذا يضع مزيدًا من العقبات أمام تداعياتها المباشرة وغير المباشرة على مختلف القطاعات والمؤشرات الاقتصادية.

لم يكد العالم يتعافى من جائحة كورونا وما تبعها من آثار اقتصادية شديدة، حتى انطلقت شرارة الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير 2022. وقد أدت العملية العسكرية الروسية، كما يُطلق عليها الكرملين، إلى اضطرابات واسعة النطاق في سلاسل التوريد العالمية، مما أحدث اختلالات هيكلية في الأسواق العالمية. إذ تعتبر أوكرانيا وروسيا من الموردين الرئيسيين للحبوب، وتلعب موسكو دورًا كبيرًا في أسواق الطاقة، مما جعل تداعيات النزاع بين البلدين تتجاوز الحدود الإقليمية لتؤثر على الاقتصاد العالمي بأسره.

أسفر ارتفاع أسعار الطاقة عن زيادة تكاليف الإنتاج والنقل، مما انعكس سلبًا على أسعار السلع والخدمات وزيادة معدلات التضخم في العديد من الدول. وقد أدى هذا التضخم المتصاعد، مقترنًا باضطرابات سلاسل التوريد، إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة، مما يعمق الأزمة الاقتصادية العالمية. وقد اضطرت البنوك المركزية إلى اعتماد سياسة التشديد النقدي لكبح جماح التضخم على مدى أكثر من عامين، وهي السياسة التي بدأت تؤتي ثمارها تدريجيًا بمعدلات متفاوتة.

بينما لا يزال العالم يرزح تحت وطأة التأثير الواسع للحرب في أوكرانيا، نشب صراع آخر في منطقة حيوية للتجارة الدولية، وهي منطقة الشرق الأوسط، بدءًا بالحرب بين إسرائيل وحركة حماس منذ 7 تشرين الأول 2023، مما يضع العالم أمام سيناريوهات "شديدة التعقيد" خاصة إذا توسعت دائرة الصراع.

الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة أضافت بعدًا آخر للأزمة الاقتصادية العالمية من خلال تهديد الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط، وهو ما ينعكس على الأسواق المالية والتجارية العالمية. فالتوترات في هذه المنطقة الحيوية تؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار النفط، مما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية ويثبط الاستثمارات الأجنبية المباشرة. بالإضافة إلى ذلك، أدت التوترات في البحر الأحمر إلى ارتفاع تكاليف التأمين على المخاطر التجارية والشحن (علاوة المخاطر)، مما يزيد من تكاليف النقل واللوجستيات ويضع مزيدًا من العقبات أمام حركة التجارة العالمية.

وسط "آفاق متقلبة"، تؤكد تقارير صندوق النقد الدولي على مأزق الاقتصاد العالمي تحت وطأة الأزمات الجيوسياسية، التي تضعف النمو الاقتصادي على مستوى العالم. تشير توقعات النمو في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تسجيل 2.7% للعام الجاري و4.2% للعام 2025، وفي الاقتصادات المتقدمة 1.7% في 2024 و1.8% في 2025.

أما فيما يتعلق بالنمو العالمي، فيتوقع الصندوق نموًا بنسبة 3.2% لعام 2024 و3.3% لعام 2025، وهو أقل من المتوسط منذ مطلع هذا القرن وحتى تفشي كورونا.

وفقًا لبيانات البنك الدولي الصادرة مطلع هذا العام، ومع اقتراب منتصف هذا العقد الذي كان من المقرر أن يشهد آثارًا تحولية على صعيد التنمية، فمن المتوقع أن يسجل الاقتصاد العالمي معدلات "تدعو للأسف" في نمو إجمالي الناتج المحلي بنهاية عام 2024، وهي الأدنى والأبطأ في فترة 5 سنوات على مدى 30 عامًا.

علاوة على ذلك، فإن "الانقسام والتفتت الاقتصادي العالمي" في ظل المخاطر الجيوسياسية المتزايدة يهدد بخسارة الاقتصاد العالمي ما قد يصل إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (7 تريليونات دولار)، بحسب غيتا كوبيناث، نائبة مديرة صندوق النقد الدولي.

يعزى هذا الانقسام – الذي أججته الحرب في أوكرانيا – إلى عوامل سياسية واقتصادية مختلفة قسمت العالم إلى معسكرين رئيسيين: شرقي بقيادة روسيا والصين، وغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، وسط تنافس محموم. يضيف مستشار البنك الدولي، محمود عنبر، أن هذا الانقسام له تبعات اقتصادية واسعة، لا سيما في ظل استخدام كل طرف أدواته للضغط على الطرف الآخر، بما في ذلك حرب الرسوم الجمركية والحرب التجارية الأوسع نطاقًا.

أسفر ذلك الصراع عن تشكيل تكتلات عديدة تتبنى استراتيجيات خاصة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في مواجهة الأطراف الأخرى.

تتفاعل تلك التأثيرات مع وضع أمني وجيوسياسي غير مستقر، مما يمثل إرباكًا أوسع للمشهد ويسهم في تصاعد المخاطر على نحو كبير، في ضوء حالة الاستقطاب الدولي الراهنة وما لها من تداعيات مُربكة على مشهد الحروب والأزمات حول العالم.

تقديرات صندوق النقد الدولي، التي ذكرتها غيتا كوبيناث قبل نهاية العام الماضي، تشير إلى أن الأضرار الناجمة عن الانقسام العالمي قد تصل إلى خسارة تصل إلى 2.5% من الناتج الإجمالي، أي ما يعادل 2.5 تريليون دولار، وقد تصل تلك النسبة إلى 7% باختلاف قدرات الاقتصادات على التكيف مع التحولات التي تشهدها التجارة العالمية في ظل ذلك الانقسام أو "الحرب الباردة الجديدة".

وفق دراسة لمعهد الاقتصاد والسلام، فإن الصراعات وأعمال العنف حول العالم كلفت الاقتصاد الكلي 17.5 تريليون دولار في القوة الشرائية، بما يعادل 12.9% من الناتج في العام 2022، بزيادة 6.6% عن العام 2021، وذلك بدفع من تأجج الحرب في أوكرانيا.

يقول مدير المركز العالمي للدراسات التنموية والاقتصادية، صادق الركابي، إنه منذ الحرب في أوكرانيا وصولًا إلى التوترات الأخيرة في الشرق الأوسط، ارتفعت حدة النزاعات والحروب، ما يكبد العالم خسائر بنحو 19 تريليون دولار، وهي مبالغ ضخمة كان يمكن استثمارها في مجالات حيوية مثل التعليم والصحة والبنى التحتية وغيرها من مجالات التنمية المختلفة.

بحسب مؤشر السلام العالمي، فقد ارتفع الأثر الاقتصادي العالمي للعنف إلى 19.1 تريليون دولار في العام 2023، ما يعادل 2380 دولارًا للشخص الواحد، وهو ما يمثل 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وفق هيئة "سوق التأمين لويدز أوف لندن"، فإن أي صراع جيوسياسي يضر بسلاسل الإمداد قد يتسبب في خسائر للاقتصاد العالمي تصل إلى 14.5 تريليون دولار على مدى 5 سنوات.

يوضح الركابي أن تلك التوترات أسهمت في إعادة توجيه موازنات بعض الدول وتخصيص مبالغ ضخمة للدفاع وشراء الأسلحة على حساب الميزانيات المخصصة للمشاريع التنموية. بالإضافة إلى ذلك، فقد أسهمت الحروب في تدمير البنى التحتية الأساسية في العديد من المناطق، مما حرمت أهلها من الطرق والمدارس والمستشفيات والخدمات العامة.

سجل الإنفاق العسكري العالمي مستويات قياسية عند 2.44 تريليون دولار في العام 2023، وهو العام الذي شهد أكبر زيادة سنوية (6.8%) في الإنفاق الحكومي على الأسلحة منذ نحو عقد، وفق بيانات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الصادرة في شهر نيسان الماضي.

وفيما يعكس تنامي الصراعات والتهديدات والتوترات الجيوسياسية، سجلت البيانات ارتفاعًا جماعيًا في الإنفاق العسكري في المناطق الجغرافية الخمس الرئيسية.

يؤكد الركابي أنه في الوقت الذي يرتفع فيه الإنفاق على التسلح، ارتفع معدل الفقر في الدول التي يعيش سكانها في مناطق النزاع إلى 34.8%، حيث زادت أعداد النازحين، واضطر الناس لترك وظائفهم ومواردهم، مما يتطلب توفير استثمارات ضخمة ستنفق على إيجاد الحلول لتلك المشكلات بدلًا من إنفاقها لتحقيق التنمية المستدامة.

كما يؤكد أنه إذا استمرت حدة التوترات الإقليمية في الارتفاع، فقد نشهد نزاعات جديدة تتسع دائرتها إلى مناطق جديدة من العالم، مما سيكون له تداعيات سلبية، منها تأثر سلاسل الإمداد العالمية بشكل سلبي، بالإضافة إلى فقد ثقة المستثمرين مع تراجع استثماراتهم.

ويضيف: "لقد زادت النزاعات الدولية والحروب من الضغط على الموارد الرئيسية للدول، ورفعت من أسعار السلع والخدمات، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم." ويوضح أنه من بين الآثار الاقتصادية، يمكن أن يتفاقم الوضع الاقتصادي للدول النامية، مع إغلاق أسواق جديدة أمام صادراتها وإلحاق ضرر كبير بالاقتصادات المعتمدة على القطاعات الانتاجية والمصدرين.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة