على الرغم من تأكيد إيران في الأيام الأخيرة أن انتخاب دونالد ترامب لفترة رئاسية ثانية لن يؤثر بشكل كبير على العلاقات بين البلدين، إلا أن بعض المسؤولين الإيرانيين، وعلى رأسهم محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، دعوا الرئيس الأميركي إلى تجنب "السياسات الخاطئة" التي انتهجها في ولايته الأولى.
في وقت سابق، دعت العديد من الصحف الإيرانية والعديد من السياسيين والنقاد إلى ضرورة التعامل مع ترامب بنهج جديد وواقعي، بعيدًا عن المواجهة المباشرة التي ميزت العلاقة بين طهران وواشنطن خلال السنوات الماضية.
صحيفة "شرق" الإصلاحية، إحدى أبرز الصحف اليومية في إيران، نشرت افتتاحية أكدت فيها ضرورة أن يتجنب بزشكيان "أخطاء الماضي" وأن يتبنى سياسة "عملية ومتعددة الأبعاد" في التعامل مع إدارة ترامب الجديدة.
وتعكس تلك الدعوات ما يبدو أنه توافق بين بعض المسؤولين الإيرانيين حول أهمية استغلال الفرصة السياسية التي قد تتيحها فترة رئاسة ترامب الثانية.
وفي هذا السياق، أعرب مسؤولون إيرانيون عن رغبتهم في استثمار سمعة ترامب كرجل أعمال بارع في عقد الصفقات، معتبرين أن هيمنته داخل الحزب الجمهوري قد تعزز فرص التوصل إلى اتفاق مستدام مع الولايات المتحدة.
من بين الأهداف المعلنة لترامب في سياسته الخارجية، قد تجد إيران أرضية مشتركة، خاصة تلك المتعلقة بإنهاء الحروب في غزة ولبنان وأوكرانيا، فإيران ترى أن التوصل إلى تسوية في غزة ولبنان قد يسهم في تجنب نزاع أوسع نطاقًا مع إسرائيل، بينما يمكن أن يخفف نهاية الحرب في أوكرانيا من الضغوط الدولية على طهران، ويقلل من الحاجة لدعم روسيا عسكريًا، وهو ما قد ينعكس إيجابيًا على إيران في المجال الدولي.
ونصح حامد أبو طالبي، المستشار السياسي الإيراني البارز، الحكومة الإيرانية بعدم تفويت "الفرصة التاريخية" لتغيير العلاقات مع الولايات المتحدة، داعيًا إلى تهنئة ترامب بفوزه في الانتخابات واتباع سياسة جديدة تقوم على "الواقعية والتطلعات المستقبلية".
كما أكد محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإيراني السابق، ضرورة "تحويل التهديد إلى فرصة" عبر تبني دبلوماسية نشطة وفتح قنوات للتفاوض مع الإدارة الأميركية الجديدة.
ومع ذلك، يظل هناك تحدٍ كبير في الداخل الإيراني في ما يتعلق بمسألة التعامل مع ترامب، فقبل أي خطوة دبلوماسية، يتعين على الحكومة الإيرانية الحصول على الضوء الأخضر من المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي يحدد سياسات البلاد الخارجية، وهناك معارضة قوية من بعض الدوائر السياسية في إيران، بما في ذلك تيارات داخل الحرس الثوري، التي ترى في أي تواصل مع ترامب خطوة غير مرغوب فيها.
كما أن الأوضاع معقدة أكثر بعد الاتهامات التي وجهتها وزارة العدل الأميركية للحرس الثوري الإيراني بالضلوع في اختراق أجهزة الكمبيوتر الخاصة بحملة ترامب ونشر معلومات مضللة عبر الإنترنت للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية، ورغم أن السلطات الإيرانية نفت هذه الاتهامات، فإن ذلك يضيف طبقة جديدة من التوترات إلى العلاقة بين البلدين.
وبالإضافة إلى ذلك، بدأت التكهنات في الأوساط السياسية الأميركية حول احتمال تعيين ماركو روبيو، السناتور المعروف بتوجهاته المتشددة ضد إيران، وزيرًا للخارجية في إدارة ترامب، هذا الأمر يطرح تساؤلات حول كيفية تأثير هذا التعيين على السياسة الأميركية تجاه طهران في المستقبل، خصوصًا في ظل مواقف روبيو المعروفة التي تدعو إلى ممارسة الضغط الاقتصادي والعسكري على إيران.
ورغم هذه التحليلات والتوقعات، تبقى الإجابة على هذا السؤال غير واضحة، وسيحددها الوقت في الأشهر القليلة المقبلة بعد تنصيب ترامب في 20 كانون الثاني 2025. وفي النهاية، ستبقى العلاقات بين إيران والولايات المتحدة رهينة للأوضاع السياسية الداخلية في إيران وللتغيرات المحتملة في السياسة الأميركية، بالإضافة إلى الدور الذي سيؤديه المرشد خامنئي والحرس الثوري في تحديد شكل هذه العلاقة في المستقبل.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News