في تصعيد عسكري جديد على الأراضي السورية، أقدمت القوات الإسرائيلية على دخول المنطقة العازلة في هضبة الجولان السوري المحتل، في انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة.
وقد أفادت وزارة الخارجية الإيرانية بأن هذا التوغل يعد "عدوانًا وانتهاكًا واضحًا للاتفاقات الدولية"، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تشكل خرقًا جسيمًا للاتفاق الذي أبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974.
وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أن "هذا العدوان الإسرائيلي يعد انتهاكًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة، ويأتي في وقت حساس تشهد فيه المنطقة تطورات كبيرة على الأرض". وكانت إسرائيل قد نشرت، يوم الأحد، قواتها داخل المنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل التي يفترض أن تكون منزوعة السلاح بموجب اتفاق 1974، بعد أن انهار النظام السوري في أعقاب سيطرة فصائل مسلحة معارضة على العاصمة دمشق والإطاحة ببشار الأسد.
حسب التقارير العسكرية الإسرائيلية، فإن القوات الإسرائيلية قد استعادت السيطرة على موقع جبل الشيخ في مرتفعات الجولان، وهو موقع استراتيجي كان تحت سيطرة الجيش السوري. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هاليفي، صرح في وقت لاحق أن "القوات الإسرائيلية منخرطة الآن في أربع جبهات عسكرية تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان، بالإضافة إلى الحدود السورية"، في إشارة إلى التصعيد الكبير على الحدود مع سوريا.
تصعيد الاحتلال الإسرائيلي هذا يأتي بعد أيام قليلة من سقوط النظام السوري في دمشق، حيث كانت الفصائل المسلحة قد أطاحت ببشار الأسد، الذي لجأ إلى موسكو بعد أن فقد السيطرة على معظم المناطق السورية. ومنذ ذلك الحين، شهدت سوريا سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية على مواقع عسكرية سورية، بما في ذلك مستودعات الأسلحة والمطارات العسكرية.
في خلفية هذه التطورات العسكرية، أشارت مصادر إيرانية إلى أن طهران بدأت بالفعل في سحب العديد من قادتها العسكريين ومستشاريها في سوريا، بمن فيهم من قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، وذلك قبل انهيار النظام السوري. وقد أكد قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، في جلسة برلمانية مغلقة أن "قواتنا كانت متواجدة في سوريا حتى اللحظة الأخيرة"، ولكنه أضاف أن "القرار بالانسحاب كان حتميًا بعد تفاقم الوضع في سوريا".
وفي الوقت نفسه، ذكرت مصادر إيرانية وسورية أن طهران أبلغت الرئيس السوري بشار الأسد أنه إذا تم تقديم الدعم، فإن هذا سيكون "محدودًا جدًا"، معتبرة أن الأسد لم يُحسن التحضير لمواجهة الهجوم الكبير من الفصائل المسلحة. وقد جاء هذا الإعلان بعد سلسلة من الهزائم العسكرية للنظام، بما في ذلك انسحاب القوات الإيرانية والأخرى التابعة لحزب الله اللبناني من مواقع كانت تحت سيطرة النظام.
وبعد سقوط الأسد، توجه العديد من المقاتلين الإيرانيين إلى العراق، في خطوة وصفها البعض بأنها بداية لتغيير جذري في الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، حيث يبدو أن طهران قد اختارت إعادة تموضع قواتها في المنطقة بعد الخسائر الفادحة التي تكبدتها في سوريا.
هذه التطورات تضع المنطقة أمام مشهد جديد تمامًا، خاصة في ظل ما يراه مراقبون من أن إسرائيل تسعى لاستغلال حالة الفراغ الأمني الناجمة عن انهيار النظام السوري لتوسيع نفوذها في المنطقة. وقد انتشرت تقارير تتحدث عن قيام القوات الإسرائيلية بالتوغل في مناطق جديدة في ريف دمشق، وتحديدًا في القرى المحاذية للجولان، وهو ما أثار استنكارًا من قبل عدة دول، بما في ذلك إيران، التي دعت إلى تدخل الأمم المتحدة لوقف هذا العدوان.
يأتي هذا التصعيد في وقت تعيش فيه سوريا حالة من الفوضى بعد سقوط نظام بشار الأسد يوم الأحد الماضي. فقد تمكّنت الفصائل المسلحة من السيطرة على العاصمة دمشق وعدد من المناطق الحيوية في سوريا، ما دفع الرئيس السوري إلى مغادرة البلاد إلى موسكو. هذا الانهيار السريع للنظام السوري دفع القوى الإقليمية والدولية، وعلى رأسها إسرائيل وإيران، إلى إعادة تقييم استراتيجياتها في المنطقة.
إيران، التي كانت أحد أبرز حلفاء الأسد في الحرب ضد المعارضة المسلحة، بدأت في الانسحاب التدريجي لقواتها، حيث كانت قد زودت النظام السوري بقوات مستشارين عسكريين بالإضافة إلى دعم مستمر من حزب الله اللبناني. ويُعتقد أن هذا الانسحاب هو جزء من عملية إعادة تموضع إيرانية في ظل التغيرات السياسية الكبيرة التي تمر بها سوريا والمنطقة.
ما يزال التصعيد العسكري على الأراضي السورية يشكل تهديدًا للمنطقة ككل، حيث يتداخل فيه الصراع الداخلي السوري مع التدخلات الإقليمية والدولية. في ظل هذه المعركة المتواصلة، يبقى سؤال كبير حول المستقبل السياسي والعسكري لسوريا، وإلى أي مدى ستتمكن القوى الإقليمية والدولية من ضمان مصالحها في هذه الأرض الممزقة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News