سلّط الكاتب الصحافي جوزيف إس. لافون الضوء على مرحلة درامية جديدة في الحرب السورية، حيث انهار نظام الرئيس بشار الأسد بشكل مفاجئ وصعدت "هيئة تحرير الشام" بقيادة أبو محمد الجولاني إلى السلطة بعد سيطرتها على دمشق في 8 كانون الأول الجاري.
شهدت سوريا تحولاً غير متوقع بعد حكم الأسد الذي دام 53 عامًا، إذ فرّ الأسد إلى موسكو، تاركًا الساحة السياسية والعسكرية تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام".
ومع توليها السلطة، تعهد الجولاني بحماية حقوق الإنسان ورعاية الأقليات، إلا أن لافون، الكاتب المتخصص في الشؤون السياسية والدينية والأمن القومي، حذّر في تقرير نشرته مجلة "بروفيدنس" الأميركية من ضرورة توخي صانعي القرار الأميركيين الحذر، نظرًا لسجل الجماعات المسلحة واستراتيجياتها السابقة.
أشار بعض المحللين إلى أن "هيئة تحرير الشام" شهدت تحولاً أيديولوجياً ملموساً. وأكد تشارلز ليستر من معهد الشرق الأوسط أن الجولاني أظهر مرونة عبر التواصل مع جماعات المعارضة والأقليات كدليل على هذا الاعتدال.
فعلى سبيل المثال، سمحت الهيئة للمسيحيين في إدلب بالاحتفال بالقداس علنًا، كما قدمت المساعدة لقرى الدروز في جبال السماق بتوفير المياه. إلى جانب ذلك، نفّذت الهيئة حملات لتطهير عناصر متشددة رفضت الانفصال عن تنظيم القاعدة، ما اعتبره البعض مؤشراً على سياسة أكثر اعتدالاً.
حتى جيمس جيفري، المبعوث الأميركي الخاص السابق لسوريا، وصف الجولاني بأنه "الخيار الأقل سوءًا" بين الفصائل.
رغم هذه التحولات، يظل ماضي الجولاني عقبة أمام التفاؤل، فقد برز كقيادي مخضرم خلال حرب العراق تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي وأبو بكر البغدادي. لاحقًا، أسس جبهة النصرة كفرع رسمي للقاعدة في سوريا، ملتزماً بإسقاط نظام الأسد.
يرى لافون أن إعادة تشكيل هيئة تحرير الشام لا تعكس تغييرًا أيديولوجياً حقيقياً، بل هي براغماتية تكتيكية بحتة. ويضيف أن "التقية"، أو الخداع الاستراتيجي، تُعد أداة مقبولة لدى هذه الجماعات لتحقيق أهدافها الكبرى. ووفقًا لتوماس جوسلين، فإن انفصال الهيئة عن القاعدة كان خطوة اسمية أكثر منها عملية.
علل الجولاني الانفصال علناً بأن ارتباط الهيئة بالقاعدة جلب تدخلاً عسكرياً أجنبياً إلى سوريا، ما يعزز فكرة أن الانفصال كان خطوة تكتيكية.
ورغم ادعاءاتها بالاعتدال، يوضح لافون أن الهيئة مستمرة في اضطهاد الأقليات السورية. وحذّر الباحث آرون زيلين من أن الرسائل الموجهة إلى الغرب لا تعكس دائماً الممارسات الفعلية على الأرض.
شدد لافون على أن صانعي السياسة الأميركيين يجب أن يكونوا حذرين في التعامل مع "هيئة تحرير الشام"، إذ يعتبر أن تاريخها وأيديولوجيتها يفرضان التفكير العميق قبل أي تعامل معها. وأكد أن سجل الهيئة يُظهر مستقبلاً غير مستقر للأقليات السورية رغم وعود الجولاني.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News