يبدو أن تقليص عدد القوات الأميركية لن يقتصر على سوريا فقط، إذ أكدت مصادر خاصة لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت" أن هذا التقليص سيمتد أيضًا إلى العراق، متجاوزًا منطقة شرق الفرات.
وبحسب المصادر، فإن الحكومة العراقية كانت قد تفاوضت العام الماضي مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على جدولة انسحاب القوات الأميركية، وتم التوصل إلى اتفاق ينص على انسحاب كامل من مناطق سيطرة الحكومة العراقية بحلول أيلول 2025، مع استمرار الوجود الأميركي ضمن التحالف الدولي في منطقة كردستان العراق حتى أيلول 2026. كما نص الاتفاق على تحويل الوجود الأميركي وباقي قوات التحالف إلى تعاون عسكري ثنائي مع الحكومة العراقية يشمل التدريب وبيع الأسلحة فقط.
مع عودة دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة، أعادت الإدارة الأميركية الحالية النظر في الخطط السابقة، حيث كشفت المعلومات أن ترامب يريد تنفيذ المرحلة الأولى من الانسحاب خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وسيُخفض عدد القوات الأميركية المنتشرة في العراق، بحيث يقتصر الوجود على الكوادر المعنية بالتعاون العسكري وحماية السفارة الأميركية في بغداد. ومن المقرر أن يتم نقل بعض الوحدات إلى أربيل أو إعادتها إلى الولايات المتحدة، ما يعني إنهاء التواجد الأميركي في قاعدة عين الأسد وقاعدة بلد وقرب مطار بغداد الدولي.
هذه الخطوة تنسجم مع مقاربة الإدارة الحالية التي يقودها ترامب ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كاين، والرامية إلى تقليص الانتشار العسكري الأميركي في الخارج، والتركيز على تعزيز أمن الحدود الأميركية في مواجهة الهجرة غير الشرعية.
وفي هذا السياق، قال مسؤول دفاعي أميركي لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت": "لا تغييرات لدينا على خطط الانتشار المستقبلية في العراق". فيما أفادت مصادر مطلعة أن نقاشات مغلقة جرت في البنتاغون، أكد خلالها مسؤولون التزامهم بجداول الانسحاب، مع الإبقاء على قوات محدودة قادرة على تنفيذ مهام خاصة تفوق قدرات أي طرف آخر في المنطقة.
رغم ذلك، تبدي الحكومة العراقية قلقها من تبعات الانسحاب، خاصة مع التغيرات في سوريا بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد ووصول أحمد الشرع إلى السلطة، حيث تعتبر بغداد أن التهديدات الأمنية من الجانب السوري مستمرة.
غير أن إدارة ترامب، بحسب المصادر، لم تتلق طلبًا رسميًا من الحكومة العراقية لتمديد وجود القوات الأميركية، ما يكرّس الاتجاه نحو الالتزام بالانسحاب.
مصادر مطلعة أوضحت أن أحد دوافع التسريع هو تجنب تكرار سيناريو الانسحاب من أفغانستان في 2021، حيث أعطى إعلان المواعيد آنذاك فرصة للتنظيمات المسلحة للتخطيط لهجمات. اليوم، ترغب إدارة ترامب في تنفيذ الانسحاب بسرعة لتفادي منح أي طرف مماثل فرصة الاستعداد للهجوم.
في المقابل، تشير التقديرات الأميركية إلى أن تهديد تنظيم داعش تراجع، وأن التحديات في سوريا والعراق لا تبرر بقاء قوات بأعداد كبيرة، ما يدفع باتجاه الاكتفاء بوجود عسكري محدود للتعامل مع المخاطر المتبقية.