رغم مرور 154 يومًا على انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، الذي استمرّ 66 يومًا مخلّفًا دمارًا هائلًا، ما تزال مشاهد الخراب شاخصة في القرى والبلدات الجنوبية، من الضاحية الجنوبية إلى أقصى الحدود مع فلسطين المحتلة. الأبنية المهدّمة تقف شاهدة على عنف العدوان، فيما تنتظر تدخّل الدولة لإعادة الإعمار، وسط تفاقم معاناة الأهالي الذين يعانون من تبعات دمار البنى التحتية وانعدام الخدمات الأساسية.
ويشكّل ملف رفع الأنقاض ومسح الأبنية المتضررة، أبرز التحديات الحاضرة، حيث لا تزال العديد من الأحياء السكنية والطرقات تغرق في الركام.
في هذا السياق، أوضح وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني في حديث لموقع "العهد" أنّ وزارة الأشغال لا تتولى تنفيذ عمليات رفع الأنقاض مباشرةً، إذ أُنيطت هذه المهام، بموجب قرار حكومي، إلى جهات متعددة بحسب المناطق: اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية، مجلس الجنوب في الجنوب، والهيئة العليا للإغاثة في البقاع، فيما تتولى وزارة البيئة المعالجة البيئية للأنقاض.
وأضاف: "رغم عدم تنفيذ الوزارة المباشر لهذه الأعمال، إلا أنها تضطلع بدور رقابي وتنسيقي يتصل بالبنية التحتية والطرقات والمرافق العامة، وتتابع بدقة تقدم الأعمال ضمن الإطار العام لخطة التعافي الوطنية".
عن مشروع إعادة الإعمار، كشف رسامني أنّ الملف يرتبط بقرض بقيمة 250 مليون دولار من البنك الدولي، موضحًا أنّه "تم إعداد آلية لإحصاء الأضرار ضمن هذا المشروع، إلا أنّ القرض لم يُفعّل حتى اليوم، في انتظار استكمال الشروط الإصلاحية الأساسية التي يطلبها البنك كشرط للتمويل".
وأكد أنّ وزارة الأشغال العامة والنقل "مستعدة تمامًا لتنفيذ أي دور يُطلب منها، وتضع كامل إمكاناتها الفنية والتقنية في خدمة الدولة".
في ظل الانتقادات الشعبية لغياب الدولة، خصوصًا من أبناء الجنوب والقرى الحدودية، شدد رسامني على أنّ وزارة الأشغال "كانت حاضرة منذ اللحظة الأولى"، مشيرًا إلى مشاركته في الزيارة الأولى التي قام بها رئيس الحكومة نواف سلام إلى الجنوب بعيد وقف إطلاق النار، حيث جرى الاطلاع ميدانيًا على حجم الأضرار والاستماع إلى مطالب الأهالي.
وأكد: "نتابع من موقعنا الرقابي الأعمال التي ينفذها مجلس الجنوب، ونتعاون مع رئاسة الحكومة في إعداد خطط شاملة لإعادة تأهيل البنى التحتية، لكن التنفيذ ما يزال رهينة التمويل".
وشدّد رسامني على أنّ "المرحلة المقبلة تتطلب شراكة كاملة بين الوزارات والمؤسسات والهيئات الأهلية"، مشيرًا إلى أنّ "الوزارة جزء لا يتجزأ من هذه العملية الوطنية".
أما في ما يتعلّق بالتمويل، فأكد أنّه "التحدي الأكبر"، مضيفًا: "رغم وجود دراسات تقنية وآليات عمل جاهزة، إلا أنّ تفعيل التمويل مرتبط بالإصلاحات، ونحن نتابع هذه التطورات من موقعنا الفني، ونواكب تقنيًا كل ما يمكن أن يسرّع انطلاق المشاريع".
في ختام حديثه، توجّه الوزير برسالة إلى الأهالي في الجنوب وسائر المناطق المتضررة قائلًا: "نعي تمامًا حجم الألم، ونحن إلى جانب الناس في الميدان. الوزارة لن تدّخر جهدًا لتنفيذ ما يُطلب منها، وستبقى شريكًا أساسيًا في أي خطة وطنية لإعادة الإعمار، ونعمل مع شركائنا المحليين والدوليين لتحويل الوعود إلى واقع ملموس.