أطلق شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز، الشيخ سامي أبي المنى، نداءً عاجلاً من دار الطائفة، محذّراً من خطورة التطورات الأخيرة في سوريا، لا سيّما في المناطق التي يقطنها الدروز، والتي شهدت اضطرابات غير متوقّعة وصفها بأنها "مستجدّات لم تكن في الحسبان".
وفي كلمة خلال لقاء طارئ، قال أبي المنى: "نلتقي على عجلة من أمرنا بسبب مستجدات حصلت في سوريا الشقيقة، والأشقاء الدروز هناك في خطر، وعلّنا نتدارك ما هو أسوأ". وأضاف: "تشاورنا مع وليد بيك جنبلاط في محاولة لتصويب الأمور، لأن ما حصل هو مشروع فتنة، والفتنة أشد من القتل".
وأشار شيخ العقل إلى أن التسجيل الصوتي الذي أثار موجة غضب وُجّهت على أساسه إساءات دينية، تبيّن لاحقاً أنه "مُركّب من أصحاب الفتنة"، قائلاً: "لا نرضى يوماً الإساءة للنبي محمد، كما ندين الإساءة، فإننا ندين أيضاً ردة الفعل والانجرار إلى الفتنة".
وحذّر أبي المنى من أن "أرض سوريا خصبة في ظل المتغيّرات الأخيرة، بعد أن أسقط السوريون نظام الظلم والقهر، ولكن هل يجوز أن يقف مكوّنان سوريان موقف العداء؟". وتابع: "هناك يد خفية تعمل لتأجيج النزاع الداخلي في سوريا، وعلينا جميعاً التنبّه للكلام الفتنوي والتصريحات التي تُشعل النار في هشيم الأزمات".
ودعا أبي المنى الدول المعنية بالملف السوري إلى "التحرّك العاجل لوقف ما يجري"، مشيراً في الوقت نفسه إلى وجود "مخططات مشبوهة تسعى إسرائيل لتنفيذها على أرض سوريا، مستغلّة التوتّرات الراهنة لإحداث شرخ إضافي بين مكوّنات المجتمع السوري".
وكان ابي المنى، قد حذّر، في وقت سابق، من "مخططات لضرب أبناء الوطن الواحد في سوريا"، وداعيا الى "الحكمة والتبصّر بعواقب الأمور ولملمة الوضع الحاصل وجمع الشمل".
كلام ابي المنى جاء في لقاء روحي وشعبي عقد في مقام الأمير السيد عبد الله التنوخي في عبيه، استنكارا للأحداث الدامية التي تتعرض لها طائفة الموحدين الدروز في منطقتي جرمانا واشرفية صحنايا في سوريا، بمشاركة الشيخ القاضي نعيم حسن والمشايخ : أبو زين الدين حسن غنام، أبو فايز امين مكارم وأبو محمود سعيد فرج وجمع كبير من المشايخ.
وبعد قراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، تحدث سماحة الشيخ ابي المنى ، متوجها الى الحاضرين : "مشايخنا الأجلاء سماحة الشيخ، الشباب والأخوة الذين تداعوا اليوم لتلبية الدعوة، وقد دعينا لنكون معا في رحاب مقام الأمير السيد (قدس الله سره)، لنصلي ولندعو من اجل أخواننا الذين يمرّون في ضيقة في الأشرفية في صحنايا وجرمانا، والذين نتواصل معهم لحظة بلحظة منذ الأمس ومنذ فجر اليوم".
أضاف: "نتواصل لنقف على حقائق الأمور التي تسارعت بشكل كبير، مما يدل ان هناك شحناً في النفوس وان هناك ربما تكون نوايا مبيتة ومخططات مشبوهة يجب ان نكون واعين ومدركين ويجب ان نكون متحصنين بالعقل، العقل الذي يجب ان يقودنا الى الخلاص من هذه المحنة ومن هذه المرحلة العصيبة، نحن نتواصل مع المشايخ في جرمانا وفي الأشرفية والجميع اظن يواكب مع وسائل التواصل اليوم يتواصلون ويسمعون الأخبار من هنا ومن هناك بعضها صحيح وبعضها غير دقيق، لكن ما حصل مؤسف وما حصل يحمل الدولة السورية مسؤولية ويحمل العقّال ايضا المسؤولية، لضبط الأمور، فإذا كان تسريب كلام غير مقبول، كلام مدسوس ومشبوه بحق النبي عليه الصلاة والسلام ان يصبح وكأنه صادر عن مرجعية روحية فهذا مرفوض اطلاقاً وهذا مما يدل على انه مدسوس وأنه من ضمن مخطط لضرب أبناء الوطن الواحد بعضهم ببعض".
أضاف :" لذلك اقول ان العقل يجب ان يقودنا الى الحكمة والى التبصر بالأمور والى لملمة الوضع والى جمع الشمل. ما يحصل أكان في السويداء ام كان في الغوطة او في الاقليم يعنينا في الصميم لأننا أبناء طائفة إسلامية موحّدة واحدة أكانت في لبنان ام في سوريا ام في الداخل الفلسطيني في الجليل ،في الكرمل، في الجولان، كلهم أهلنا وكلهم احباء وكلهم يشدون على أيدي بعضهم البعض، الهدف واحد والغاية واحدة، هو صون هذه الطائفة العربية الإسلامية الموحّدة".
وقال :"نحن نتابع الأمور مع القيادة السياسية، مع وليد بك ومع الأمير طلال كنا على اتصالات مباشرة ونحمل السلام والتحية للجميع، وكنا مع القيادة السورية ومع المسؤولين في تركيا في قطر في السعودية ومع مفتي الجمهورية العربية السورية سماحة الشيخ أسامة الرفاعي ومع مفتي الجمهورية اللبنانية سماحة الشيخ عبد اللطيف دريان لنتحمل المسؤولية معاً ولنحملهم مسؤولية الانجرار وراء الفتنة ولنتحمل ايضا المسؤولية، هم واعون وانا اقول لهم بأننا اذا لم نتدارك الأمور فإنها ستتوسع ولكن الأمور في طريق التدارك واللملمة بعونه تعالى، وضع أخواننا الذين كانوا في ضيقة في تحسن والوضع يبشر ان الأمور الى نهايتها لكن لا يجوز ان نتصرف بما يأخذنا الى مكان آخر ويحرفنا عن اهدافنا السامية وعن نياتنا، نحن مثلكم مندفعون متحمسون لنصرة أخواننا وما كانت طائفة الموحدين الدروز لتتخاذل يوماً".
وتابع :"من هذا المقام الشريف في العام 1987 كان لنا وقفة مع سماحة الشيخ محمد ابو شقرا مع وليد "بك" مع كل الزعماء ومع كل المشايخ لأننا أعدنا الأرض أعدنا الشحار وقلنا حينها أننا لا ننام على الضيم واننا نحفظ كرامة هذه العشيرة، لكنني أعود وأقول وأكرر، العقل هو القائد، العقل يجب أن يأخذنا الى المكان الصواب، لا يمكن ان ننجر الى المكان الخطأ ولا يجوز وليس مقبولا ومشايخنا هنا يؤكدون على ذلك، لا يمكن أن نعتدي ولا يمكن أن نقطع الطرقات، هذا خط احمر يجب ان تبقى راية الموحدين مرفوعة بكرامة وبأخلاق وبمناقبية، لا يجب ان ننجر الى متاهات وعواطف تأخذنا الى مكان خطأ. الأمور تتعالج بعمق، أؤكد لكم ذلك ونحن على تواصل دائم مع الذين يؤثرون في الموقف، هناك كلام يحمل الادارة والأمن العام في سورية المسؤولية ولكن ايضا هناك ايدٍ خفية تعمل على اشعال الفتنة يجب ان نكون واعين وان نكون حذرين من الذين يتربصون بنا شرّاً".
وختم: "اللقاء هنا هو لتوضيح الموقف هو لتأكيد الوحدة وهو ايضاً لرفع الصلاة لان أمضى السلاح هو وحدتنا وهو بركة مشايخنا ودعاؤهم لذلك نقول اننا هنا مجتمعون وهذه الوقفة وهذه الجموع الموجودة هي اقوى رد على من يعتدي على الطائفة. حياكم الله ولنكن دائما تحت عباءة مشايخنا الأجلاء فبنياتهم وبنقاء سريرتهم وبدعائهم وبتمسكهم بعمق التوحيد وبسره ان شاء الله منتصرون وكرامتنا محفوظة".