تسعى الأطراف المعنية بالمفاوضات الإيرانية الأميركية، بمن فيهم سلطنة عُمان، إلى التقليل من أهمية ما وصفه مراقبون بـ "الفشل" في عقد جلسة مفاوضات جديدة بين الوفدين الأميركي والإيراني. وفي الوقت الذي يبذل فيه الوسطاء جهودهم لإيجاد حل دبلوماسي، يتصاعد التوتر بين واشنطن وطهران بشكل ملحوظ.
وفي حين أن الكلمات الإيرانية غالبًا ما تميل إلى التفاؤل والإيجابية، إلا أن التصريحات الأميركية، وخصوصًا في اليومين الماضيين، تعكس لهجة متشددة وتهديدات واضحة. وبرر المسؤولون الأميركيون هذا التصعيد بوجود عدة أسباب دفعت واشنطن إلى اتخاذ هذا الموقف.
خلال الأيام الماضية، وردت تقارير عن اعتراض القوات الأميركية لشحنة مهربة كانت متجهة إلى الحوثيين في اليمن. وقد كشف أحد المسؤولين الأميركيين في تصريحات لـ "العربية والحدث" أن هذه الشحنة ربما تحتوي على مواد خطيرة، إلا أن التفاصيل الدقيقة حول محتوياتها لا تزال قيد التحقيق. ويُذكر أن الولايات المتحدة قد أكدت مرارًا دعم إيران المستمر للحوثيين، وخاصة من خلال تزويدهم بالمساعدات العسكرية. هذا الدعم الإيراني، الذي لا يتوقف حتى أثناء المفاوضات النووية، يشكل مصدرًا رئيسيًا للغضب في واشنطن.
وتنقل المصادر نفسها أن السفن الإيرانية في مياه خليج عدن ومحيط باب المندب ما تزال ناشطة في تقديم الدعم للحوثيين، بما في ذلك تقديم المعلومات الاستخباراتية. ورغم أن هجمات الحوثيين على الأساطيل الأميركية قد باءت بالفشل، فإن تقديم هذه المساعدة لا يزال يثير استياء الأميركيين، خاصة أن المساعدات الإيرانية قد ساعدت الحوثيين في مواجهة هجمات الطيران الأميركي في الأسابيع الأخيرة.
وتدعم هذه التصعيدات تصريحات أخرى من مسؤولين أميركيين، الذين أكدوا أن الإيرانيين لا يقتصرون على تقديم الدعم العسكري فحسب، بل يشمل ذلك أيضًا تدريبًا على استخدام الأسلحة الحديثة التي مكنتهم من تحجيم هجمات الطيران الأميركي. وقد أثار ذلك قلقًا خاصًا لدى المسؤولين العسكريين الأميركيين في القيادة المركزية ووزارة الدفاع.
وفي نفس السياق، يبدو أن البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية يتبعان نهجًا منسقًا لتشديد لهجتهما تجاه إيران. الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، كان قد أطلق تهديدات جديدة، حيث غرد في يوم الخميس الماضي محذرًا من فرض عقوبات على أي جهة تشتري النفط أو المنتجات البتروكيميائية الإيرانية. ويرجع ذلك جزئيًا إلى رغبة ترامب ووزير دفاعه في إرسال رسالة قوية لإيران بأن الولايات المتحدة عازمة على ردعها وإجبارها على التوصل إلى اتفاق قريب.
ويرجع التصعيد الأميركي إلى شكوك في نية إيران في التعاطي مع المفاوضات. إذ يرى المسؤولون الأميركيون أن إيران قد تكون بصدد محاولة استنزاف الولايات المتحدة أو تأجيل التوصل إلى اتفاق حتى يتمكنوا من استغلال تراجع القوة العسكرية الأميركية في المنطقة.
وفي هذا السياق، يشير العديد من الخبراء إلى أن الرئيس الأميركي قد يتخذ خطوات اقتصادية وعسكرية حاسمة في حال استمرار التباطؤ الإيراني في المفاوضات. على الرغم من تأكيدات واشنطن بأنها قادرة على إرسال قوات بسرعة إلى المنطقة، إلا أن خطط ترامب تتضمن دفع إيران للتوصل إلى اتفاق إطار في وقت قريب، ربما بحلول منتصف الشهر الحالي، أو مواجهة عقوبات اقتصادية إضافية.
وتُضاف إلى هذه الضغوطات التقارير المتوقعة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي قد تشير إلى إخفاق إيران في الالتزام ببنود الاتفاق النووي لعام 2015. في حال صدور هذه التقارير، يُتوقع أن تعيد الدول الأوروبية فرض العقوبات على إيران، ما يزيد من تعقيد الوضع بالنسبة لطهران.