نفّذت إسرائيل، فجر اليوم الاثنين، غارات جوية واسعة على مواقع تابعة لجماعة الحوثيين في محافظة الحديدة اليمنية، في تطور نوعي في الصراع الإقليمي الذي تصاعد منذ اندلاع الحرب في غزة في تشرين الأول الماضي.
ونشر "الإعلام الحربي اليمني" التابع لجماعة أنصار الله (الحوثيين) مقطع فيديو يتضمن الآية القرآنية: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾، في إشارة رمزية إلى الرد الإلهي الموعود على العدوان.
﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُواْۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصۡرِهِمۡ لَقَدِيرٌ ﴾ [ الحج: 39] pic.twitter.com/XnWrAg6zog
— الإعلام الحربي اليمني (@MMY1444) May 5, 2025
باستخدام هذه الآية في الفيديو الذي بثّه "الإعلام الحربي اليمني"، تسعى جماعة الحوثيين إلى تأطير الغارات الإسرائيلية الأخيرة ضمن رواية دينية وسياسية تتحدث عن "الظلم" و"المظلومية"، وتقديم أنفسهم كـ"ضحايا" لعدوان خارجي غاشم يبرر الرد والدفاع، ليس فقط كحق مشروع، بل كواجب ديني مدعوم من الله.
الرسالة الرمزية هنا تتعدى الدفاع العسكري، لتتحول إلى خطاب تعبوي موجه للداخل اليمني وللرأي العام الإقليمي والإسلامي، يُظهر الجماعة كمن يقاتل في "سبيل الله" ضد "الطغيان الإسرائيلي"، تمامًا كما قاتل المسلمون الأوائل دفاعًا عن أنفسهم بعد ظلم واضطهاد طويل.
إدراج هذه الآية في الإعلام الحربي ليس مجرد اقتباس ديني، بل جزء من استراتيجية اتصالية تُضفي شرعية دينية على المعركة، وتؤسس لسردية مفادها أن "الرد قادم، والنصر محتوم"، ما يعزز خطاب المقاومة في مواجهة التفوق العسكري الإسرائيلي.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول في الحكومة قوله إن الطائرات الإسرائيلية ألقت ما بين 48 إلى 50 قنبلة موجهة على أهداف في ميناء الحديدة غربي اليمن، مؤكداً أن "الميناء تلقى ضربة قوية جداً أدت إلى تدميره بالكامل".
وأشار المسؤول إلى أن من بين الأهداف التي تم قصفها "مصنع باجيل" للباطون الواقع شرق المحافظة، واصفاً إياه بأنه منشأة حيوية كانت الجماعة تستخدمها في عملياتها اللوجستية.
كما أكد أن العملية العسكرية الإسرائيلية في اليمن انتهت بعد تحقيق أهدافها، لافتاً إلى أنها كانت عملية دقيقة تم تنفيذها "بنجاح".
من جهتها، أفادت قناتا "العربية" و"الحدث" نقلاً عن مصادر مطلعة، أن أكثر من 30 طائرة حربية إسرائيلية شاركت في الضربات على مدينة الحديدة ومحيطها.
وذكرت مصادر أمنية إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تابع العملية بشكل مباشر مع فريقه الأمني من مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، في مؤشر على أهمية الهجوم ضمن حسابات الأمن القومي الإسرائيلي.
بدوره، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن قواته "نفذت ضربات دقيقة على بنى تحتية تابعة للحوثيين في اليمن"، رداً على الهجمات التي شنتها الجماعة مؤخراً على أهداف إسرائيلية وملاحة بحرية في البحر الأحمر.
وأوضح أدرعي، عبر منصة "إكس"، أن الضربات استهدفت منشآت تستخدمها الجماعة في "دعم عملياتها العسكرية وتخزين الأسلحة"، معتبراً أن العملية تأتي في إطار "حق الدفاع عن النفس"، حسب تعبيره.
كما أكد أن مصنع الباطون المعروف باسم "باجيل"، شرق محافظة الحديدة، كان من أبرز الأهداف التي تم تدميرها، مشيراً إلى أن المصنع يُعد من الموارد الحيوية للحوثيين.
وفي السياق ذاته، كشف تقرير لموقع "أكسيوس" الأميركي أن الغارات الإسرائيلية نُفذت بالتنسيق مع الولايات المتحدة، في إطار الشراكة الاستخباراتية والعسكرية بين الطرفين لمواجهة ما يصفانه بـ"التهديدات المشتركة".
لكن مصدراً مسؤولاً في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أوضح أن القوات الأميركية لم تشارك في تنفيذ الهجمات، مؤكداً أن العملية إسرائيلية خالصة من حيث التنفيذ، رغم التنسيق السياسي والأمني المسبق.