"ليبانون ديبايت" - محمد المدني
ساعات قليلة تفصل لبنان عن واحدة من أهم الجلسات الحكومية منذ سنوات، إذ يستعد مجلس الوزراء لعقد جلسة وُصفت بالتاريخية لما تحمله من أبعاد سياسية وأمنية.
الجلسة تأتي في ظل مناخ مشحون بالتوترات الإقليمية والداخلية، وسط تضارب في التصريحات وتكاثر التحليلات الإعلامية التي تحيط بها، فيما تتركز الأنظار على القرارات المنتظرة وما يمكن أن ينتج عنها من تداعيات على الساحة اللبنانية.
خلال الأيام الماضية، تصدرت الشائعات عناوين الأخبار، خصوصًا تلك التي تتحدث عن نية الحكومة اتخاذ قرار يقضي بنزع سلاح حزب الله. غير أن مصادر وزارية مطلعة تنفي بشكل قاطع هذه المزاعم، مؤكدة أن المسألة ليست مطروحة بهذا الشكل على جدول أعمال الجلسة، موضحة أن الترويج لهذه الفرضية يأتي في إطار حملات سياسية وإعلامية هدفها التأثير على مجريات النقاش وإثارة البلبلة في الشارع اللبناني.
وتشير المعلومات المتوافرة إلى أن الجلسة لن تقتصر على البحث في ملف واحد، بل ستتناول مجموعة متكاملة من القضايا المصيرية، من بينها الانسحاب الإسرائيلي ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي اللبنانية، إلى جانب ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية مع إسرائيل من جهة، ومع سوريا من جهة أخرى. كذلك ستتم مناقشة ملفات إعادة الإعمار وتسليح الجيش اللبناني ودعمه، وهي ملفات أساسية تشكل عناصر متداخلة في المسار السيادي والأمني للدولة.
وتؤكد أوساط سياسية متابعة أن هذه القضايا لا يمكن النظر إليها بمعزل عن بعضها البعض، فمسألة سلاح حزب الله، على سبيل المثال، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالعوامل المحيطة بها، سواء ما يتعلق بالخروقات الإسرائيلية اليومية، أو ما يتصل بضعف قدرات الجيش اللبناني نتيجة عدم توفير الدعم والتسليح الكافي له. من هذا المنطلق، ترى هذه الأوساط أن أي مقاربة لملف السلاح يجب أن تأتي في إطار رؤية شاملة تراعي كل المعطيات الميدانية والسياسية، بعيدًا عن الحلول المجتزأة أو الضغوط الخارجية.
المصادر الحكومية تكشف أن الجلسة ستسعى إلى وضع خطة واضحة للمسار المطلوب في المرحلة المقبلة، بما يضمن معالجة الملفات كافة بطريقة متوازنة. كما تشدد على أن الحكومة ستلتزم بما ورد في البيان الوزاري وخطاب القسم، ما يعني أن النقاش حول السلاح سيبقى محكومًا بالثوابت الوطنية التي تنص على حصره بيد الدولة، ولكن من دون أي توجه إلى نزعه بالقوة أو فرض إجراءات غير واقعية.
حتى في حال تم البحث في جدول زمني لتنظيم هذا الملف، فإنه سيكون مشروطًا بجملة من العوامل، في مقدمها مدى التزام إسرائيل بتعهداتها ووقف اعتداءاتها، إضافة إلى الظروف الإقليمية والدولية المحيطة.
الجلسة المنتظرة تأتي في توقيت استثنائي، حيث يترقب اللبنانيون ما ستسفر عنه من نتائج قد ترسم ملامح مرحلة جديدة في التعاطي مع الملفات السيادية. فبين الضغوط الخارجية والحسابات الداخلية، وبين الخروقات الإسرائيلية اليومية وحاجة الجيش إلى الدعم، تبدو الحكومة أمام اختبار صعب يتطلب مواقف واضحة وخيارات دقيقة. ومع ذلك، تؤكد المصادر أن النقاش سيبقى محكومًا بالمصلحة الوطنية وبالحرص على حماية لبنان وسيادته، في إطار رؤية متكاملة لا تفصل بين الملفات، بل تعالجها كمسار واحد متكامل.